لبنان وسؤال بالنسبة للانتفاضة شو

لبنان وسؤال: بالنسبة للانتفاضة شو؟

المغرب اليوم -

لبنان وسؤال بالنسبة للانتفاضة شو

بقلم - حسن البطل

 لدينا سؤال يستعير اسم مسرحية صارت فيلماً لزياد الرحباني: «بالنسبة لبكرة شو؟». السؤال هو: ماذا بالنسبة لانتفاضة 17 تشرين الأول في لبنان؟
شاشة محطات التلفزة اللبنانية، في نقلها المباشر والحيّ للانتفاضة، مقسومة إلى أربع أو ست شاشات تغطي أماكن حشودات مختلفة. في جميعها مراسل يحمل ميكروفونا، ويسأل الرجال والنساء، الكبار والصغار. علم واحد لا شريك له يوحد الحشود. شعار واحد لأجوبة ناس الحشود: «كلّن يعني.. كلّن».
اسم لبنان البلد عتيق من اسم لبنان الجبل المكلّل بالثلج الأبيض. أما نظام الحكم في لبنان البلد منذ العام 1943، فقد مرّ بثلاث مراحل. مرحلة ميثاق وطني يُعرف بـ «الصيغة اللبنانية» حتى انتهاء الحرب الأهلية الكبرى عام 1990، بإدخال تعديل أو تنقيح على الميثاق ـ الصيغة، لكن من غير تعديل على طائفية الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان.
منذ اغتيال رئيس الحكومة، رفيق الحريري، تمّ ما يشبه ارتصافا سياسيا ـ طوائفياً جديداً، عُرف بتيار 14 آذار، أو «تيار المستقبل» السنّي ـ المسيحي ـ الدرزي؛ وتيار 8 آذار من «حزب الله» الشيعي وحركة «أمل» و»التيار الوطني الحر» المسيحي، وتنظيم «المردة» المسيحي الماروني.
في انتفاضة تشرين الحالية، ماذا يعني شعار: «كلّن.. يعني كلّن»؟ هل فقط إسقاط الطغمة الحاكمة والفاسدة التي تتولى الرئاسات الثلاث، أم بناء لبنان الجديد دولة علمانية فوق طوائفية، كانقلاب على الصيغة ـ الميثاق، وعلى تقاسم الحكم لتياري 14 و8 آذار؟
ربما ينبغي أن نركّز على جمهور الانتفاضة في بلدة «جل الديب» المسيحية، حيث يتجمع الجمهور على شكل حلقة حول ما يشبه «برلمانا» مفتوحا في الهواء الطلق، ويدور الميكروفون على ألسنة متحدثين يجلسون على أرائك مريحة.
في الأيام الأولى للانتفاضة تحدث رئيس الحكومة، سعد الحريري، عن عراقيل وزارية لبرنامج إصلاح. بعد أسبوع أقرّ وزراء حكومته تحت الضغط برنامج إصلاح راديكالياً ينفذ على مراحل، وفي الأسبوع الثاني للانتفاضة، قدم استقالته لسببين: جمهور الانتفاضة رفض برنامج الإصلاح، وقام أوباش من مناصري حركة «أمل» و»حزب الله» بالاعتداء الجسدي على أنصار وخيام اعتصام جمهور انتفاضة وسط مدينة بيروت. الحرب الأهلية ذرّت بقرنها.
منذ العام 2009 حتى استقالته ترأس سعد الحريري ثلاث حكومات، وبعد استقالته دخل لبنان النظام في أزمة حكم غير جديدة، لكنها فيما سبق منذ الميثاق إلى اتفاقية الطائف 1990، كانت حول تقاسم الطوائف للحكم. هذه المرة أزمة ثقة بين النظام والشعب.
ما يميز انتفاضة لبنان الحالية عن انتفاضات «الربيع العربي» وبلاويها أنها كانت مزيجاً من الغضب السياسي ومن كرنفال أو مهرجان للفرح في تجمعات شعب الانتفاضة. صحيح أنها كانت عابرة للطوائف والمذاهب، لكن صار يشوبها خلافات فئوية، سواء بين الاتجاهات السياسية الفئوية في الطائفة المسيحية، أو الاتجاهات الفئوية في الطائفة الإسلامية، حيث صار بعض الموارنة من حراس النظام القديم، وصار بعض الشيعة كذلك (أنصار حزب الله، وحركة أمل) الذين قبلوا صيغة الإصلاح الحكومية، بينما اعتبرها جمهور الانتفاضة غير كافية.
ماذا «بالنسبة لبكرة شو؟» بعد استقالة زعيم «تيار المستقبل»؟ هل تتبعها استقالة رئيس البرلمان المزمن وزعيم حركة «أمل»، ولمن يقدم رئيس الجمهورية المتحالف برلمانياً مع حزب الله استقالته؟
لا تريد، ولا تستطيع، أيضاً، انتفاضة تشرين اللبنانية إسقاط الميثاق ـ الصيغة واتفاقية الطوائف في «الطائف» السعودية، لكن تريد إسقاط رموز كل الفساد وطغمته العابرة للطوائف، وتقاسمها للفساد.
في البداية، شارك جمهور «حزب الله» و»أمل» ولو جزئياً في الانتفاضة، ثم انسحب منها إلى تأييد برنامج الحكومة للإصلاح، ثم إلى بدايات قمع جمهور الانتفاضة. احتكر «المقاومة» ثم هيمن، مع تحالفاته، على مجلس النواب، وإلى حد كبير على الحكومة.
جمهور الانتفاضة يريد إسقاط الطغمة الفاسدة، لكنه لا يريد خراب لبنان باسم المقاومة، أو خدمة لاستراتيجية إيران بالأحرى، خاصة بعدما صارت إسرائيل ترى في الحزب والحكومة والنظام والبلد بأسره شيئاً واحداً، وتهدد بتدميره إن مارس مقاومة مسلحة تخدم استراتيجية إيران.
بينما لا يشارك جمهور جنوب لبنان من صور إلى حدوده الجنوبية في الانتفاضة، فإن احتجاجات العراق العنيفة امتدت إلى جنوبه الشيعي، بما يشبه تمرداً على ميليشيات النفوذ الإيراني وفرق «الحشد الشعبي»، وفي حين أن «حزب الله» ينفرد بميليشيا موحدة وبزعامة سياسية للطائفة الشيعية، فإن الحال غير ذلك في العراق، علماً أن الانتفاضتين اللبنانية والعراقية تطالبان بتغيير كل الطبقة الحاكمة؛ في العراق منذ احتلاله 2003؛ وفي لبنان منذ وثيقة الصيغة اللبنانية وتشكيل التيارين الآذاريين.
الفارق يبدو كبيراً بين مقتدى الصدر وكتلته البرلمانية الكبرى «سائرون» المعارضة للنفوذ الإيراني والأميركي وبين نصر الله، الذي يبدو وكيل إيران في لبنان.
انتفاضة تشرين اللبنانية أحرجت «حزب الله» الذي قد يحاول رفع الإحراج بتسخين المواجهة المحدودة منذ العام 2006 مع إسرائيل.
هل سيكلف الرئيس ميشال عون رئيس الحكومة المستقيل بتشكيل حكومة جديدة من شخصيات لا تطالها اتهامات الفساد، أم يكلف شخصية مستقلة بتشكيل حكومة خبراء محايدين، وإجراء انتخابات برلمانية، وحتى يوضع دستور جديد للبنان الجديد الثالث منذ كتابة «صيغة» 1943 وصيغة الطائف؟
لبنان يلزمه رئيس جمهورية من خارج الصندوق كما حصل في تونس، ولكن كذلك رئيس حكومة ورئيس برلمان من خارج الصندوق.
في المسرحية: «بالنسبة لبكرة شو؟».. والآن لبنان بالنسبة لبعد انتفاضة تشرين شو؟ عابرة للطوائف في لبنان.. وانتخابات عابرة للفصائل في فلسطين؟
حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وسؤال بالنسبة للانتفاضة شو لبنان وسؤال بالنسبة للانتفاضة شو



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:03 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج السرطان

GMT 04:05 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على طريقة صنع "مزيل العرق" بدون مواد كيميائية

GMT 18:58 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

شالكة يقرر استبعاد ماير حتى نهاية الموسم الجاري

GMT 05:53 2018 الجمعة ,23 آذار/ مارس

أجمل موديلات خواتم الخطوبة لربيع وصيف 2018

GMT 17:08 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

حقيقة وجود مواد كيميائية داخل ''شاي'' في المغرب

GMT 04:34 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

بيّنوا أنّ الآلات تمتلك الأفضلية في الخضوع لمساءلة البشر

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 18:01 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جمعية سلا يُشارك في كأس القارات بعد فوزه باللقب الأفريقي

GMT 02:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

محلات "DISTINGUE" تكشف عن مجموعة جديدة من الفساتين السواريه

GMT 21:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

هشام اللويسي مرشح لمهمة مدرب مساعد في الاتحاد البيضاوي

GMT 21:25 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

جواد الياميق يعود إلى تدريبات الرجاء بعد 10 أيام

GMT 11:07 2015 الجمعة ,03 إبريل / نيسان

السطو على محل تجاري في شارع بلجيكا طنجة

GMT 17:07 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

انخفاض متوقع لأسعار المنازل في كوريا الجنوبية عام 2017
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya