على هامش الحياة

على هامش الحياة

المغرب اليوم -

على هامش الحياة

بقلم - لمرابط مبارك

لا يمكن لي أن أنسى ذلك التيه الذي غمرني ووخزات العجز التي آلمت روحي بعد الانتهاء من الدراسة. فكنت أهرب من التيه بمساعدة والدي في العمل وأداوي وخزات العجز بالانغمار في القراءة، وما تيسر من محاولات في الكتابة بما فيها من فطرية الحالم وسذاجته.

فأنا من ذلك الجيل الذي لم تعد إسفنجة القطاع العام قادرة على امتصاصه، (وعلى كل حال لم أحب يوما العمل في الإدارة المغربية، وهذا لا شك خطأ “استراتيجي” في حياتي). وما درسته وأحبه لا يسعفني كثيرا في سوق شغل تائه بدوره ويعجز عن تحديد حاجاته بتلك الدقة التي يتوهمها. وربما للحظ – حَدّادُ أقدارنا وساعي بريد السماء، حسب محمود دوريش- دور كبير في بداية مساري المهني بالطريق التي انطلق بها

المهم، أنا من خريجي هذا التعليم المغربي، مرضنا المزمن، الذي لم يفلح لا في تكوين الكائن المغربي ومده بالأسس التي تؤهله يوما ليكون فردا فاعلا في مجتمعه، (أو على الأقل ليكون قادرا على تعبيد الطريق صوب هذا الهدف المستعصي، لمن يأتون بعده)، ولا نجح في تكوين هذا الكائن المسكين حتى يكون حلقة صالحة وفعالة في سلسلة الإنتاج.

فالمغربي لا يقضي، في المعدل، سوى خمسة أو ستة أعوام في مقاعد الدراسة، بينما يمضي أبناء الأمم المتقدمة 12 عاما أكثر في قاعات الدرس والتكوين. وهذه السنوات المعدودة (والعجاف في غالب الأحيان) ليست كافية بالمرة لتكريس المبادئ الأساسية للمعرفة والتفكير والبذور الأولى للفكر النقدي. وحتى الذين تسعفهم الظروف وإمكاناتهم الذاتية والأسرية في البقاء لسنوات أطول يجد كثير منهم أنفسهم،  بعد نهاية المسار الدراسي ضحية لمثل ذلك التيه الذي نهشني لفترة. فلا “سوق الشغل” المغربي يقبلهم، ولا هم قادرون على فرض ذواتهم وكينونتهم بما “تعلموه”.

النتيجة: من جهة “سوق شغل” معاق، كما قال تقرير أممي صدر مؤخرا، لا يعثر بسهولة على المواصفات الضرورية التي تناسب حاجاته، وتعيق بالتالي قدرته الإنتاجية.

من جهة ثانية، هناك آلاف مؤلفة من المغاربة الذين يدفعهم ضعف التكوين (المعرفي والعملي) إلى الهامش، وإلى الصراع من أجل البقاء وامتهان البيع بالتجوال أو القيام بأعمال لا تحتاج إلى تكوين كبير ولا مردود فيها.. آلاف مؤلفة يجدون أنفسهم في نهاية المطاف قد تحولوا إلى أشباح، فهم موجودون ويتناسلون ويصارعون للبقاء متشبثين بتلابيب الحياة، وهم في الآن ذاته غير موجودين لأن الأعمال التي يقومون بها غير معترف بها قانونيا. فينتقلون من “تيه” التكوين الضعيف إلى التيه الأكبر في هامش الحياة، وهامش سلسلة الإنتاج “المعترف بها”. والهامش في المجتمعات (خاصة مجتمعاتنا ضعيفة التكوين والحصانة)، لا يولد سوى العنف بكل أشكاله (عمرانا وسلوكا وتطرفا).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش الحياة على هامش الحياة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya