الجذوة لم تنطفئ كليا

الجذوة لم تنطفئ كليا

المغرب اليوم -

الجذوة لم تنطفئ كليا

بقلم - لمرابط مبارك

هل بقي لي شيء من ذلك اليوم؟ نعم. بقي لي ذلك الإحساس بأن شيئا عظيما سيحدث لم يسبق أن عشته إلى غاية تلك الصبيحة.. بقي ذلك الشعور المربك بفورة الحماس الدافئة و”رعشة” الخوف المزعجة.. بقي أثر خطواتي على الأرض المبللة، بقي لي سرب الطيور التي كانت تحوم وتحوم فوقنا كأنها تحيينا.. بقيت نبرة صوتي الجديد وأنا أردد عاليا “الشعب يريد إسقاط الفساد”.. بقيت قشعريرة الفرح وأنا أكتشف أن لي تلك النبرة المتحدية..

بقيت لي ملامح الحاضرين التي بدت مألوفة وإن كنت لم أر قط، معظمها.. بقيت لي نظراتهم المشعة التي توحي بأننا حضرنا جميعا لندفع هذا الباب الخفي ونطأ حقلا أكثر اخضرارا، ونتنفس هواء أكثر نقاء تحت هذه السماء، وفوق هذه الرقعة من الجغرافيا التي أراد لنا القدر أن نحيى فيها.

وبقي لي بالخصوص ذلك الإحساس – لا يهمني حقا إن كان حقيقة أو مجرد وهم- بأن الكائن المغربي مزق شرنقة الخوف غير المرئية التي ظلت تسجنه منذ أجيال وأجيال.

“20 فبراير” كانت محطة مشعة في مسار حياة هذا الكائن، أحس فيها أنه ليس مجرد لبنة صماء باردة في جدار الجماعة.. شعر فيها أن له وجود وأن له صوت.. وأن نبرة هذا الصوت صالحة ليبوح بما يؤلمه.. ليجهر بما يخنقه.. ليصدح بما يراه حقا أساسيا.

“20 فبراير” برهنت للمغربي أن صوته يمكن أن ينفذ إلى أعماق أذان أصحاب السلطة، وله يد يمكن أن يرفعها للاحتجاج وليس فقط، لحماية وجهه وقفاه من الصفعات. بل أكدت له أن بإمكانه أن يربكهم، ويدفعهم إلى مد اليد للسلام عليه باحترام بدل الاكتفاء برفعها في وجهه، والحديث إليه بنبرة هادئة، بدل الاكتفاء بالصراخ في وجهه.

“20 فبراير” كانت بداية مسار كان سيقود الكائن المغربي إلى مرتبة المواطن الواعي بممارسة دوره في بناء الجماعة وتنظيمها. ولكنه لم يكتمل أو انزاح، ربما، في غمرة حماس المتحمسين، عن السبيل المأمول. ولم تكن الثمار التي ظهرت فيما بعد، في مستوى البذور الطيبة التي زرعت، ربما لأننا- أعني كل الذين آمنوا بما حملته هذه الحركة- فلاحون طيبون استسلمنا لسذاجتنا وظننا أنه يكفي زرع البذور وأن الطبيعة ستتكلف بالباقي، ولم نأخذ في الحسبان الطفيليات المضرة التي تنبت غفلة، فتزاحم، بل وتحرم النبات الطيب الساذج من هوائه وغذائه فينمو (هذا إن نما) ضامرا ضعيفا.

تعب من تعب. وتراجع من تراجع، وغير آخرون معاطفهم، ونجح من لهم سلطة التأويل في منح “تأويل سلفي” للدستور الذي فرضت “20 فبراير” كل النقاط المضيئة والمتقدمة فيه. وبدا أن نبرة صوت الكائن المغربي قد خفت وأن يده المرفوعة قد دب فيها الوهن.. وبدا أن النهر عاد إلى مجراه القديم.

لكن أحس أن الجذوة التي تم قدحها في ذلك اليوم الغائم، لم تنطفئ.. قد تكون خمدت قليلا، ولكنها لم تنطفئ كليا. وكأي جذوة يكفي أن تهب عليها الريح المناسبة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجذوة لم تنطفئ كليا الجذوة لم تنطفئ كليا



GMT 06:18 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

أسئلة في الرأس والقلب

GMT 06:30 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

الجذوة لم تنطفئ كليا

GMT 08:00 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفشل المزدوج

GMT 08:16 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

مجرد سراب

GMT 05:23 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

الحقنة المؤلمة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya