ماذا يجري في المغرب

ماذا يجري في المغرب؟

المغرب اليوم -

ماذا يجري في المغرب

بقلم - أسامة عبد الرحيم

في الوقت الذي نطلق نحن على الصحافة صفة "مهنة البحث عن المتاعب" فإن مهمة قاضي في الطرف الآخر من الخارطة العربية وتحديداً بالمغرب، لا يوجد ما هو أصعب منها، حيث تنحصر مهمة قاضي بحجم الأستاذ "ماء العينين ماء العينين" في الوصول إلى الحقيقة، وبلا شك فإن هناك فرقاً هائلاً بين متاعب قد يبحث عنها الصحفي وربما يلجأ إليها أحياناً من أجل الشهرة وبين الحقيقة التي قال عنها أرسطو ذات يوم في معرض الكلام عن أستاذه أفلاطون إن "أفلاطون عزيز علينا ولكن الحقيقة أعز".

بدأت القصة حين زار القاضي في بيته مشتري ليقتني بيتا في ملكية ابنته في مراكش، وحمل معه عربونا ليفاجأ بالشرطة المغربية تدق باب القاضي، وتطلب منه إحضار المبلغ الذي صادروه، وبعد ساعات استدعى المفتش العام للوزارة القاضي المنحدر من عائلة صحراوية عريقة إلى مكتبه واستفسره عن الأمر، فقدم ماء العينين التوضيحات المطلوبة وأخبره بأن لا علاقة تربط بين المنزل وعمل القاضي، وأن المس بسمعته مؤامرة تقف وراءها جهات معروفة على خلاف مع القاضي الذي سبق وأن منحه الملك محمد السادس صفة "قاض مدى الحياة".

حكي لي أحد المقربين من الأستاذ "ماء العينين"، بعدما أعطاني روايته الفخمة “أضغاث أحلام”، أنه كان يصنف المتقاضين أمامه إلى أربعة أنواع، الأول: كاذب في دعواه، وهذا يخسرها، ويحكم القضاء ضده، والثاني: صادق في دعواه، وهو ليس لديه بينة على ذلك، فهذا أيضاً يخسر دعواه، والثالث: صادق في دعواه ولديه بينة؛ إلا أن بينته غير موصلة ولا تكفي للحكم له، فهذا أيضاً يخسر دعواه، أما الرابع: صادق في دعواه ولدية بينة موصلة، تصلح لإثبات دعواه، فهذا هو الذي يحكم له القضاء فقط، وأظن أن من دبر المؤامرة ضد القاضي يندرج تحت الصنف الأول الكاذب في دعواه.

لست أريد التطرق إلى القضية المحال إليها الأستاذ "ماء العينين ماء العينين"، وقد سبقني إلى شرف الدفاع عنه جيش جرار منن الأقلام المتوهجة التي انتصبت تلمع بالحق كالرماح، بقدر ما أريد الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي أن القاضي في تلك القضايا يعلم يقيناً أنها غمامة حقد توشك أن تنقشع، رغم أن أنها "مسيسة" والتحقيق فيها ربما يأخذ وقتاً طويلاً، وللأسف بعض الصحف والمواقع الإخبارية المغربية فضلت الحصول على سبق صحفي عن التريث والحفاظ على سمعة قاض أفنى من عمره أكثر من 40 سنة في سلك القضاء، واشتغلت به الدولة في هيأة الإنصاف والمصالحة، وألان يجري التضحية بسمعته البيضاء الناصعة لحسابات ضيقة .

حالة القاضي الأستاذ "ماء العينين" دليل ناصع على ما يمثله رهان المؤسسة القضائية من قيمة قصوى لصالح المسار الديمقراطي بالمغرب، ولصالح دولة العدل التي يحميها الملك محمد السادس، بل إننا لا نبالغ عندما نقول إن إنقاذ هذه المؤسسة من براثن المؤامرات هي من أعظم المكاسب التي قد تحققها الشعوب، وهي كذلك مقياس أساسي من مقاييس نجاح الدولة أو فشلها... والمشهد المصري المأسوف عليه غير بعيد عنّا.

من يقرأ تاريخ الأستاذ "ماء العينين" القضائي والاجتماعي والأدبي ثم يسمع بتهمة تلقيه رشوة في ملف قضائي معروض عليه لا يسعه غير أن يضرب كفاً بكف، لكن وكما يقول المثل المصري الشهير "إذا عرف السبب زال العجب"، إذ ينفي القاضي التهمة، مؤكداً انه سقط ضحية مؤامرة نسجت ضده بسبب خلافاته مع مسئولين قضائيين، وبسبب أحكام أصدرها في العيون أيام كان قاضيا ولم ترق لأطراف في السلطة .

نفهم أن يشيع الفساد بين السياسيين، لكن من الصعب تقبل ذلك بين القضاة وهم المسئولون عن تطبيق الشريعة، والذين ينطقون بالحكم باسم الله ويعملون من أجل إحقاق العدل، وتقديم الأستاذ "ماء العينين" استقالته من القضاء ذكرني بالإمام "أبو حنيفة" رحمه الله عندما اعتذر عن عدم قبول هذه الوظيفة ،حفظا لروحه وتقواه عندما حاول المنصور فرضها عليه، فقال للخليفة «لك حاشية يحتاجون لمن يكرمهم، وأنا لا أصلح لذلك»، فقال له «كذبت فأنت تصلح»، فرد عليه «حكمت علي بنفسك.. كيف يحل لك أن تولي قاضيا وهو كذاب؟».

وحيث أن القاضي الأستاذ "ماء العينين" عاش حياته طاهر اليد عطر السيرة مستقلاً، ليس طرفاً سياسياً بين هذا الحزب وذاك، بلل هو ضحية مؤامرة دنيئة تتستر وراء لافتة من حق الشعب أن يعرف، وبعد أدائه اليمين بالقرآن فإن مهمته هنا لا تتعلق بإظهار براءته فقط وهى تحصيل حاصل، بل أخطر من ذلك يتعين عليه بعينه الثاقبة وضميره الحي، أن يكشف اليد الآثمة التي تحيك المؤامرة من وراء الستار، ومعرفة دوافع ونوايا الجناة من وراء توريطه وتلويث سمعته، وهي مهمة عميقة الغور، ساعد الله القاضي الأستاذ "ماء العينين" الذي يذبح يومياً بدون سكين!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يجري في المغرب ماذا يجري في المغرب



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya