مصابو التوحد مسؤولية مجتمعية قبل الأهل

مصابو التوحد مسؤولية مجتمعية قبل الأهل

المغرب اليوم -

مصابو التوحد مسؤولية مجتمعية قبل الأهل

بقلم - أسامة الرنتيسي

لم تترك وسيلة إعلامية، مرئية ومكتوبة، جمعية خيرية ووزارات معنية بالتنمية الاجتماعية في العالم، وفي عالمنا العربي، وفي الأردن أيضا، إلا واحتفلت خلال الأسبوع الماضي باليوم العالمي للتوحد، وفي 2 نيسان أنارت معظم الفنادق والمستشفيات، مؤسسات خاصة وعامة بناياتها باللون الأزرق تضامنا مع هذا اليوم.

احتفالات، ومقابلات متلفزة، حوارات مع مختصين، ووصلات من المدائح حول ارتفاع منسوب التعامل الإنساني مع حالات التوحد، لم يخترق وصلات الإنسانية سوى الأمم المتحدة المفروض أنها حامية الإنسانية في العالم، التي أطلقت على يوم التوحد مسمى (مرض) في حين أن المرض قد يشفى الإنسان منه بالأدوية، أما التوحّد فيولد به الإنسان وليس له علاج دوائي، إنما هناك طرق للتعايش مع أصحابه، وطرق لتنمية قدراتهم ليصبحوا منتجين في المجتمع.

بعد يوم الاحتفال العالمي بالتوحد، تنتهي الاحتفالات وتعود الأسر التي تحتضن بين أفرادها شخصا مصابا بالتوحد الى تحمل المسؤوليات الإنسانية والعلاجية والمالية والضميرية كافة، وهي لوحدها تدفع الثمن من دون اي بارقة أمل بإحداث تغيير في حياة ابنهم المصاب بالتوحد.

لأن مسؤولية الجهات الرسمية ووزارة التنمية الاجتماعية تحديدا مقتصرة  على توفير مراكز متواضعة فقيرة الحال والأهداف، والمراكز الخاصة المعنية في متابعة حالات المصابين بالتوحد كلفها المالية مرتفعة جدا، ولا تقدم منافع كثيرة لهؤلاء الأشخاص، سوى العناية والإيواء، وتدريبات بسيطة لا تغير من واقع حياة مصاب التوحد بشيء.

في السجون عادة يتعلم النزلاء أشغالا تفيدهم أثناء سنوات  السجن، ويستفيدون منها بعد انتهاء محكومياتهم، والأشخاص المصابون بالتوحد، المسجونون في أحضان أسرهم، لا يتعلمون شيئا قد ينقل حياتهم الى تطورات أخرى، ومعظمهم قادر على استيعاب مهن بسيطة، فقط ينقصهم توفير هذه المهن في مراكز متخصصة.

فبدلا من تشتت وزارة التنمية الاجتماعية جهودها في إنشاء مراكز غير انتاجية، تستطيع بالتعاون مع القطاع الخاص، وهو لن يبخل لو قدمت له فكرة متكاملة تخدم وتغير حياة الأشخاص المصابين بالتوحد في المملكة، من خلال إنشاء مركز متكامل متخصص في تهيئة هؤلاء الأشخاص ليكونوا فاعلين منتجين أصحاب مهن لا يبقون عالة على أسرهم وغصة في قلوبهم.

لنعترف أن وجود شخص مصاب بالتوحد يشكل معاناة نفسانية دائمة لمعظم الأسر لارتفاع تكاليف علاجه التي تتراوح في الأردن بين (300-500 ) دينار شهريا، وكلف العلاج في بعض المراكز الخاصة تصل أضعاف هذا المبلغ.

لا توجد دراسات دقيقة حول أعداد المصابين بالتوحد في الأردن، لكن اعتمادا على آخر دراسات للجمعية الأمريكية للاضطرابات السلوكية فإن نسبة حدوث التوحد في أوروبا تصل إلى 3 أو 4 حالات لكل 10 آلاف ولادة، وتزيد لتصل إلى حالة لكل 500 ولادة في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه يصيب الذكور 3 أضعاف إصابته للإناث، وبمقاربة هذه الإحصاءات  يقدر عدد المصابين في الأردن بـ 8 آلاف حالة.

وفي الارقام المفزعة ايضا، فإن أعداد المصابين في التوحد بالعالم أكثر من المصابين بالسرطان!.

أعرف أسرا بينهم شخص مصاب بالتوحد، يشكل عبئا نفسانيا وماليا كبيرا عليهم، يفكرون بالهجرة من البلاد إلى دول أوروبية قد يكون فيها مركزا يغيرون فيه حياة ابنهم، يصنعون منه شخصا منتجا، هذا تفكير عائلات أوضاعها المالية تسمح بذلك، لكن ماذا تفعل باقي الأسر التي تطحنها الحاجة والعوز، ولا ظهر لها سوى جهة رسمية بالتعاون مع جهات خاصة اجتماعية وإنسانية تحمل معهم كتفا في تحسين أوضاع حالة بشرية لم يكونوا مخيرين في اختيارها.

الدايم الله…..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصابو التوحد مسؤولية مجتمعية قبل الأهل مصابو التوحد مسؤولية مجتمعية قبل الأهل



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya