«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا»

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا»

المغرب اليوم -

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا»

بقلم : رشيد نيني

يسود النقاش هذه الأيام حول قرب تسليم شباط لمفاتيح حزب الاستقلال لولد الرشيد ومغادرته إلى بيته، والحال أن المكان الطبيعي لشباط ليس بيته وإنما زنزانة وراء القضبان.

وبعدما كشفنا بالأدلة والوثائق ثروة حميد شباط وعائلته، والتي تقدر بالملايير، وراكمها خلال مدة تحمله مسؤولية عمودية مدينة فاس منذ سنة 2003 ولمدة 12 سنة فقط، منذ أن انتخب لأول مرة مستشارا جماعيا بمجلس جماعة عين الشقف القروية، حيث كان نسيا منسيا، ولم يكن يملك حتى ذلك المنزل المتواضع بحي بنسودة، حين كان يشتغل مجرد عامل تقني بمعمل «لاسميف» لصناعة الدراجات النارية، وهو ما أثار لدينا الفضول للبحث عن منابع هذه الثروة الطائلة وكيف استغل شباط منصبه لمراكمة الأموال والعقارات.

وسنبدأ من أهم المنابع التي شكلت المصدر الأساسي لثروة آل شباط، وهو قطاع العقار طبعا، ولاحظنا من خلال الثروة التي كشفناها سابقا، توفره على أزيد من 40 شقة تتواجد في عمارات مختلفة مسجلة بأسماء زوجته وأبنائه، حصل عليها بطرق مختلفة من كبار المنعشين العقاريين، وهو ما سنكشفه بالأدلة والحجج.

وربما كانت أولى الفضائح العقارية الكبرى لشباط هي طريقة تدبيره لتجزئة القرويين، والتي نسج بواسطتها أولى شبكاته المصلحية مع مختلف مراكز السلطة بالمدينة، بعدما قدم قطعا أرضية بسخاء لمختلف رجال السلطة والجاه بالمدينة قربانا وتزلفا، على حساب فئات كبيرة من المواطنين الذين ما زالوا يعانون في صمت، ومن ضمنهم ضحايا «جنان المنشية» الذين حرمهم شباط من حقهم في المناقلة التي أبرمت معهم على عهد الاتحاديين، تلتها فضيحة تجزئة السلام بطريق صفرو، والتي كانت سبب طلاقه الأول مع العدالة والتنمية قبل أن يصبح تحت حماية بنكيران وعمدته البكاي الأزمي.

ولنعد بمسلسل الأحداث قليلا إلى الوراء، فالكل يتذكر الضجة التي أثارها وزير الميزانية السابق وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، مباشرة بعد الإطاحة بشباط وانتخابه على رأس عمودية مدينة فاس، عندما أمر بتوقيف حوالي 2500 ترخيص سكني، بعد اكتشافه لتصاميم مزورة تعرف وسط المنعشين العقاريين وكبار المجزئين من أصحاب التجزئات بـ»بلانات الشينوا»، وهي تصاميم «مزورة» يتم تعديلها وتكون مخالفة للتصاميم الأولى الأصلية المصادق عليها، ويتم الحصول عليها بعد عملية البناء التي تكون مخالفة للتصاميم الأصلية، من أجل استعمالها في استكمال إجراءات التحفيظ لدى المحافظة العقارية، والخطير في الأمر أنها تحمل نفس التواريخ والبيانات التي تخص التصاميم الأصلية.

وبما أننا اطلعنا على نماذج لـ«بلانات الشينوا» التي انتشرت في عهد شباط، فإننا سنقدم مثالا لأحدها لنوضح كيف تتم عملية «دق» التصاميم المزورة بنفس البيانات التقنية والإدارية والتوقيعات التي تحملها التصاميم الأصلية، رغم التعديلات التي يتم إدخالها عليها، بعدما يتم التخلص من التصاميم الأصلية، تماما مثل ما تقوم به شبكات تزوير لوحات السيارات المسروقة، باستعمال وثائق وأرقام اللوحة المعدنية لسيارات باسم سيارات أخرى يتم التخلص منها.

ويتم في البداية اتباع المسطرة العادية للحصول على التراخيص، بحيث ينجز صاحب المشروع تصميما يحترم دفتر التحملات الخاص بالتجزئة الذي ينص على المساحة المبنية، ويدفع التصميم لقسم التعمير بالبلدية للحصول على رخصة البناء، ثم تنعقد لجنة، تضم تقني الجماعة المكلف بالتصاميم وممثلي الوكالة الحضرية وممثلي العمالة، للنظر في احترام دفتر تحملات التجزئة، وبعد ذلك يسلم التصميم لرئيس المجلس من أجل التوقيع عليه، ويكون تصميما مصادقا عليه، يحمل طابعا يتضمن عبارة غير قابل للتغيير، مصحوبا بالقرار ورقم الرخصة، وأغلب التصاميم التي منحها مجلس فاس في عهد شباط تحمل توقيع نائبه بوعزة الركبي المفوض له بقطاع التعمير والبناء.

بعد الحصول على الترخيص بناء على التصميم الأصلي، يشرع المنعش في المشروع، لكنه يدخل تعديلات وتغييرات مخالفة للتصميم المرخص به، إما بإضافة طوابق أو شقق أو تغيير المساحات، أو تحويل طوابق تحت أرضية من مرائب إلى شقق سكنية، وإحداث تغييرات في الواجهة «البروزات»، وهو ما ستنتج عنه خلافات مستعصية بين الجيران بشأن الأجزاء المشتركة المستولى عليها.

وفي هذه الحالة تكون مسطرة التحفيظ مستحيلة، لأن المحافظة العقارية تطلب الإدلاء بالتصميم الأصلي مع مطابقته في الواقع، وهنا يعود المنعش العقاري إلى المهندس المعماري لوضع تصميم جديد مطابق للتعديلات والتغييرات التي طرأت على العقار، ويتم اللجوء إلى مسطرة ملتوية عوض المسطرة القانونية، بحيث يتكلف سماسرة بربط الاتصال بالمفوض له بقطاع التعمير، ويقترح عليه «دق البلان»، هذه هي كلمة السر المستعملة في العملية للحصول على «بلانات الشينوا» أو «بلان مدقوق»، وتتم العملية بنسخ معطيات التصميم الأصلي ورقم القرار وتاريخ الترخيص مع جميع الأختام التي تضعها الجماعة، وتوضع فوق التصميم المزور، الذي يستعمل في مسطرة التحفيظ العقاري لاستخراج الرسوم العقارية وربط العقارات بشبكة الماء والكهرباء.

وللتوضيح أكثر، سنعطي مثالا بأحد «بلانات الشينوا» التي بين أيدينا، يهم القطعة 5S بتجزئة باب السلام ذات الرسم العقاري عدد 45442/69، ويتعلق الأمر بمشروع بناء عمارة من قبو وسفلي وأربعة طوابق، وسنقارن بين التصميم الأصلي المرخص وبين التصميم المزور «بلان الشينوا» لنفس المشروع، بعد إدخال التعديلات عليه، إذ إن رقم رخصة التصميم الأصلي 2012/254، هو نفس الرقم في التصميم المزور، ويحملان نفس قرار الترخيص بالبناء رقم 2012/262، ويحملان نفس التاريخ يونيو 2012 وآخر تغيير في 20 يوليوز 2012، لكن في الواقع نجد في الواجهة الأمامية والخلفية، عدم احترام البروزات بين التصميم الأول والتصميم الثاني، وتحول القبو من مرأب للسيارات فقط إلى مرأب صغير بالإضافة إلى شقة سكنية، وفي الطابق السفلي نجد في التصميم الأصلي بهوا مساحته 24 مترا مربعا بعمق 4 أمتار، ونافذة للتهوية ومسكن لحارس العمارة مساحته 26 مترا مربعا ويحتوي على مكتب و«استوديو»، لكن في «بلان الشينوا» نجد بهو مساحته 20 مترا مربعا بعمق 4 أمتار، مع حذف نافذة التهوية، وتقليص مساحة مسكن الحارس إلى 11 مترا مربعا وإضافة المساحة المتبقية إلى المتجر رقم 4، مع إدماج المكتب والـ«استوديو» في شقة جديدة، وبالنسبة لـ«النصفية» (MEZZANINE) لا توجد في التصميم الأصلي لكن في التصميم الثاني تمت إضافة أربعة شقق سكنية، مع الزيادة في معالم البروزات في الواجهة الخلفية والأمامية، حيث تم استغلال الفراغ بإضافته إلى الصالون على جميع مستويات الطوابق، وإضافة مترين بين علو الطابق السفلي والطابق الأول، وإضافة متر إلى علو العمارة، التي كانت تتكون في التصميم الأصلي الموقع من طرف نائب شباط، بوعزة الركبي، من (R+4) وتحتوي على مكتب واستوديو و4 متاجر و16 شقة، وأصبحت تتكون في «بلان الشينوا» الموقع من طرف نائب شباط، حميد شهبار، من (R+5) وتحتوي على 4 متاجر و22 شقة، والنتيجة أن المنعش العقاري ربح 6 شقق سكنية، لا شك أن فيها نصيبا لكل الأطراف المتواطئة في العملية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» «بلانات شباط» و«بلانات الشينوا»



GMT 05:05 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

حتى أنت يا مصيطيفة

GMT 05:06 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الدرهم العائم

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

يتيم في العيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

عادات سيئة

GMT 05:40 2017 السبت ,27 أيار / مايو

ولاد لفشوش

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:23 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

العوامل المسببة للأمراض العقلية تشمل الوراثة والضغوط

GMT 20:48 2015 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

إنفينيتي الجديدة طراز FX35 ذات الدفع الرباعي

GMT 13:42 2014 الأربعاء ,09 تموز / يوليو

الكسكسي الليبي

GMT 12:44 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

توقيف شخصين ينقبون عن الكنوز داخل ضريح في إقليم شيشاوة

GMT 21:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

ظهير "توتنهام" يُعبر عن سعادته بفوز فريقه على "آرسنال"

GMT 04:46 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

أحدث موديلات النظارات الطبية لصيف 2018

GMT 09:25 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

الفقهاء يؤكّدون أن الصلاة لا تجوز عن الميت

GMT 10:16 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

ويليام نوغيرا فنان يعيش على حد الموت

GMT 01:49 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الأحد

GMT 08:55 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

بورتوفينو الإيطالية من أروع الأماكن لقضاء شهر العسل

GMT 13:39 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال السعودي مقابل درهم إماراتي الثلاثاء

GMT 04:57 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستورد نصف صادرات مصر من التمور

GMT 02:53 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبير صبري تؤكد أنها توقعت النجاح الساحق لمسلسل "الطوفان"

GMT 14:01 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل رضيع وإصابة ٣٣ شخصًا إثر سقوط حافلة في تامنصورت

GMT 22:31 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منع الرجاء البيضاوي من منحة النقل التلفزي حتى عام 2020
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya