النجار في بلاد الأشرار

النجار في بلاد الأشرار!

المغرب اليوم -

النجار في بلاد الأشرار

بقلم : المختار الغزيوي

للمغاربة حصانة ضد دجل كثير قادم من المشرق لا يدركها إلا من خبر الفرق بين العالمين، وهما عالمان مختلفان تماما، رغم ماقد يبدو علينا من تشابه هو كاذب في نهاية المطاف.

في المغرب نؤمن نحن أيضا  بالغيبيبات، ونؤمن بالروحانيات ونؤمن بالبركة، ونؤمن برجال البلاد ونؤمن بكل ما تريدونه من هاته السياقات، لكننا نؤمن بها إيمان العجائز الذي يتحدث عنه مأثورنا الديني. نؤمن بكل هاته الأمور على طريقتنا المغربية. نضعها في رف ما من دولاب عقلنا اللاواعي ونستعين بها في عديد الأحايين على تفسير مايبدو لنا غير قابل للتفسير.

ربانيون، نحن أو مؤمنون بالبركة أو ماشئت، لكننا لسنا أغبياء. لذلك كنا قادرين دوما وأبدا على تصيد الدجالين، وعلى إدراك حيلهم، وعلى فضحهم.

لذلك أيضا وعندما كان الإسلام السياسي في منتصف سبعينات القرن الماضي يغدق الأموال الطائلة لطبع كتب عن بركات الجهاد الأفغاني الكاذب، وعن الشهداء الذين يموتون كل يوم في أفغانستان مائة مرة ثم يعودون إلى الحياة، لكي يفجروا الدبابات الروسية بأعينهم المليئة إيمانا وماإليه من الترهات، كان المغاربة يطالعون تلك الأراجيف ويبتسمون، ويمضون.

يحوقولون كثيرا ويتهيبون أكثر القادمات على أيدي هؤلاء الكاذبين، ويقولون “القادم سيكون أصعب“.

لذلك أيضا وعندما كان البعض يتحدث لنا عن الزنداني الذي يكتشف كل مرة من قلب اليمن السعيد بجهله وفقره وكل الحروب متأخرا إعجازا علميا جديدا كانت أغلبيتنا تصدر ضحكة خافتة وتقول «دع الخلق للخالق» أو «دعه يعمل دعه يعيش» وكفى.

لم نصدق هؤلاء الكذبة أبدا، وبقينا نعتقد باستمرار أنهم يشتغلون تحت الطلب لأجل منح عقولنا إجازتها الشهيرة الطويلة الأمد، لئلا نستفيق أبدا، لئلا نسائل مايقولونه لنا أبدا، لئلا تقوم لنا القائمة في يوم من الأيام وكذلك كان.

بقينا على ترهات جهلنا نراكم الطبقات تلو الطبقات إلى أن وصلنا في عصر الناس هذا، والكوكب المتحضر يخترع اختراعاته العالمية المدهشة، ونحن عالقون نحاول أن نشرح لصغارنا أن البغدادي لا يمكن أن يكون خليفة للمؤمنين في الموصل، وأن القتل ليس حل كل المشاكل، وأن الاجتهاد في النص الديني لتحسين حياة الناس وملاءمتها مع تطورات العصر مسألة تدل على بعض من ذكاء، وأن تكفير الخلق أمر سيء للغاية يلجأ إليه عادة الأغبياء والحمقى فقط حين تعوزهم الحجة، وينقصهم بيان اللسان والعقل.

هاته الأيام مر لدينا في المغرب رجل يدعى زغلول النجار، شهرته بين مريديه وناشري دجله البروفيسور، وهو أيضا من هواة اكتشاف الاختراعات متأخرا في النصوص الدينية المقدسة. إذ يلجأ الرجل كلما أتعب علماء في الغرب عقولهم وذواتهم وأنهكوا كل جهودهم للتوصل إلى اختراع حديث لكي يقول لنا “هذا الاختراع موجود في النص الفلاني أصلا وأنا كنت أعرف ذلك لكنني لم أرد قولها في حينها إلى أن يصل إليها العلم الحديث“.

جاء زغلول إلى المغرب، وهو لا يعرف المغاربة، أو لنقل إنه لا يعرف من المغاربة إلا من استدعوه من المؤمنين بدجله، لذلك وعندما واجهه شباب فاسيون ومكناسيون بأسئلة بديهية بسيطة تكشف دجله، استشاط غضبا، وفور العودة إلى بلاده ذهب إلى الفيسبوك ووصف من سفهوا أكاذيبه بأنهم حفنة من الأشرار، وتوعدهم أن يرد عليهم في المقبلات القادمات بما سيخرسهم إلى الأبد.

في الحقيقة وفي الواقع مثلما تقول اللازمة المبتذلة نحن خرسنا قبل أن يخرسنا هذا الرجل، فمنذ أن أصبح بعض شبابنا يتبارون في استدعاء دجل الشرق بمختلف أنواعه من أحمد منصور إلى بشارة إلى العريفي إلى زغلول فبقية الترهات تأكدنا أن تلك الصفة الربانية التي كانت تسكن أجيالا منها بدأت تفقد المكان وتخليه لصفة أخرى أقل جمالا وبهاء تسمى :صفة الغباء، وهي صفة لا أمل في الشفاء منها وقد قالها شاعر الشعراء منذ القديم، لذلك لا اعتراض ولا شيء إلا ترديد قوله وانتظار المزيد «وكل الداء ملتمس شفاه… إلا الحماقة أعيت من يداويها»… سيدي النجار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النجار في بلاد الأشرار النجار في بلاد الأشرار



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:51 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

العثور على دمية غريبة الشكل بها أعمال سحر في مديونة

GMT 14:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية داليا كريم تُكرّم الممثلة اللبنانية رينيه ديك

GMT 08:45 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

تعرف علي أهم أسباب هجرة الرسول إلى المدينة المنورة

GMT 05:04 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

حذاء الكاحل الأكثر رواجًا في موسم شتاء 2019

GMT 08:20 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

بقعة حمراء بجسدك قد تشير إلى إصابتك بالسرطان

GMT 13:31 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"WWE" يعلن عودة دانيال براين للحلبات مجددًا

GMT 19:43 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

انخفاض جديد في أسعار المحروقات في المغرب

GMT 10:54 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

فوزنياكي تقتنص صدارة تصنيف التنس وتتويجها بلقب أستراليا

GMT 13:44 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعرض مهاجمه أوباميانغ للبيع

GMT 06:02 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

3 فنانين أثروا السينما المصرية بتجسيد مشاكل الصم والبكم

GMT 21:01 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدينة "فاطمة" في البرتغال مزار الكاثوليك حول العالم

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الملك محمد السادس يقرر تأجيل زيارته لغينيا كوناكري
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya