مع الراضي في كتابه الفولكلور السياسي، كمقدمة للاستبداد

مع الراضي في كتابه: الفولكلور السياسي، كمقدمة للاستبداد!

المغرب اليوم -

مع الراضي في كتابه الفولكلور السياسي، كمقدمة للاستبداد

بقلم : عبد الحميد الجماهري

لا يولد الاستبداد، بدون مقدمات فولكلورية: كما أن سنوات الرصاص لا يمكن أن يجاريها في موكبها الرهيب صوت الموتى والمشانق، وحده 
إذ لا بد لهذا الانسجام الثلاثي الباهر: فولكلور، استثناء وسنوات الرصاص من أن يكتمل لكي تكتمل أضلاع التراجيديا المغربية.
وهذا ما نطالعه، في كتاب عبد الواحد الراضي «المغرب الذي عشته» بسلاسة، وبدون الحاجة إلى لغة حانقة أو احتجاجية، كما لو أن التأمل الهادئ ضرورة لالتقاط هذا التركيب المغربي الضليع في الغرابة!
يبدأ البروتوكول الرسمي لميلاد الفولكلور عندما تسعى الدولة إلى أن تصبح .. حزبا!
أن يصبح للحزب إعلامه المكتوب..
وتصبح للدولة صحافتها الناطقة باسمها، حصريا..
وحكاية هذه الغرابة، التي ستطبع الحقل الوطني للإعلام منذ تلك الفترة وإلى حين بداية الحديث عن تحرير الإعلام في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، تكمن في تأميم صحافة «ماص» الاستعمارية، من «لافيجي» إلى «لوبوتي ماروكان»، وإسناد مسؤوليتها إلى وزير الأنباء، الفقيد أحمد العلوي..
وقتها ما كان تحريرا للإعلام المكتوب، من قبضة الاستعماريين الأوائل، أصبح تأميما لفائدة الدولة وحدها في مواجهة المعارضة فصار، كما روى حسن نجمي عن عبد الواحد الراضي في الصفحة 272» ،يتبنى بالكامل توجهات الدولة. هكذا، أصبحت للنظام السياسي - هو أيضا - صحافته الحزبية. وكان يمكننا أن نعثر على صحف تنشرها الأحزاب الوطنية قد تكون منفتحة أكثر على تعدد الأفكار والتيارات والنزعات الفكرية والايديولوجية، لكن «صحافة ماص» ستغدو صحفها، عمليا، أبرز الصحف الحزبية.
لاحقا، حين ستتخذ الدولة القرار بتأميم« هذه الصحافة، ستلجأ إلى خوصصتها وستفوتها إلى وزير الأنباء والسياحة والصناعة التقليدية، الأسبق، المرحوم مولاي أحمد العلوي الذي سيشتهر من ثم بالافتتاحيات اليومية التي اشتهر بتوقيعها«
وهكذا رأى الفلكلور السياسي النور…
و«منذئذ، بدأ في المغرب نوع من الفولكلور السياسي»
…. ولا يزال!
وهذه وحدها تستحق التنبيه إليها بسطر أحمر غليظ..
نحن ما زلنا في الفلكلرة السياسية منذ أن رأت النور في 1964، بمناسبة ملتمس الرقابة الذي قدمته المعارضة الاتحادية.…
بعد الفولكلور، لم يتعطل وصول زمن الاستثناء، بل يمكن، بغير قليل من التعسف أن نقترح بأن التاريخ مهد للحالة الاستثنائية المغربية، قبل استفراد قوى الحكم بصوت السلطة وسوطها.. بالعبث الفولكلوري!
ذلك الفولكلور الذي دفع أحمد العلوي إلى أن يصيح راه «لينين ديالك، ذاك المهدي بن بركة هو سبب كلشي»…
الاستثناء، لم يكن معزولا، عن «ثابت» زمني لا مرئي يقول عنه الراضي:
«أظن أن السياسة المغربية ظلت تتحرك عبر مراحل، كل مرحلة كانت تستغرق خمس سنوات»!
في كل خمس سنوات تكون لنا مرحلة سياسية كما لو كانت دورة مساوية لا محيد عنها..
سنوات سمان يأكلهن خمس عجاف … وللباحث أن يبحث في هذه الدورية والانتظامية التي تجعل من رقم خمسة رقما ذا دلالة قد ترتفع عن الزمن السياسي للتحول إلى زمن…. ميتافيزيقي بالنسبة للدولة!
وفي الفترة التي تهمنا، يقول صاحب الكتاب«: سنوات 1960 - 1965 كانت قد هيئت وشرع في تنفيذها في سنة 1960، أي كل ما يتعلق بإقصاء الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومشروع خلق جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية «الفديك». وما إلى ذلك من قرارات وتصرفات وتصفيات وانتخابات وحكومات.
وبعد انتهاء هذه السنوات الخمس، توصل مخططو هذه السياسة إلى خلاصة أن الهدف الذي كان محددا لم يتحقق. كما أن المشروع الذي تم رسمه وتنفيذه بعنف وإكراه وقمع وغطرسة، سرعان ما انتهى. وإذن، كان ينبغي التفكير في شيء آخر!«.
ولم يكن البديل سوى العنف 
والإكراه 
والقمع 
والغطرسة
بصيغة جديدة ،تفتح المجال للحالة الاستثنائية، وكان فيها أن »لجأ الملك إذن إلى استعمال الفصل 35 (الباب الثاني) من الدستور (1962). ويعطي الفصل للملك حق إعلان حالة الاستثناء (تسمى في بعض البلدان العربية بحالة الطوارئ) بمرسوم ملكي، بعد استشارة رئيسي المجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين وتوجيه خطاب إلى الأمة. كما ينص الدستور على بعض المبررات التي يجب أن تتوفر ليتم الإعلان عن هذه الحالة: إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة وإذا وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية «وبسبب ذلك> فإن له (الملك) الصلاحية، رغم جميع النصوص المخالفة، في اتخاذ التدابير التي يفرضها الدفاع عن حوزة ورجوع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي».
هكذا، سيعود الملك ليشكل حكومة جديدة (الحكومة العاشرة في عشر سنوات من الاستقلال)، ويسند رئاستها إلى نفسه (الظهير الشريف رقم 13865 المؤرخ في 8 يونيو 1965).
وإذا دخلنا مغرب حالة الاستثناء»…
تعطلت الآليات التي انتهجها المغرب منذ استقلاله ودخل منطقة الاستثناء، وإن كان استثناء يبرر نفسه دستوريا، وسياسيا بالانحسار السياسي الكبير الذي دخلته البلاد
زمن حل البرلمان
واغتيال الشهيد المهدي بنبركة 
ومجازر 23 مارس …1965..
بعد الاستثناء، كمرحلة تالية على الفولكلور -أقسى فلكلور في سيرة بلد كانت كلفته عشرات القتلى وقرون من السجون-
سيحين زمن الرصاص!
«كانت المرحلة صعبة جدا، وأصبحنا بدون أي ضمانات لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الحقوقي. عمليا ستبدأ سنوات الرصاص الحقيقية، والتي ستستمر - في الواقع - خمس عشرة سنة»….
وكان طبيعيا أن تسقط السماء على رؤوسنا.

المصدر : جريدة الاتحاد الإشتراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الراضي في كتابه الفولكلور السياسي، كمقدمة للاستبداد مع الراضي في كتابه الفولكلور السياسي، كمقدمة للاستبداد



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 06:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

الراقصة والسيناريست

GMT 00:24 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

انتشار رياضة التزلج بشكل كبير في صحراء السعودية

GMT 21:37 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

فيصل فجر يؤكد أن الإقصاء من كأس إفريقيا مؤلم

GMT 04:32 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

كندا تُوفر حارسًا شخصيًا للفتاة السعودية الهاربة

GMT 22:40 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

"الحزام" يسيطر على موضة شتاء 2019

GMT 04:30 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

جينيفر لوبيز شِبه عارية على غلاف إحدى المجلات

GMT 08:43 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عدد جديد من المجلة الكويتية الفكرية المحكمة «عالم الفكر»

GMT 12:16 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

افتتاح "زعبيل هاوس السيف" من جميرا في دبي

GMT 08:32 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

ولادة 3 أشبال توائم في حديقة بألمانيا

GMT 09:07 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

اختاري الشامبو المناسب لنوعية شعرك للعناية به
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya