مأساة الحسيمةكلنا «مواطْحِنون» حتى يثبت العكس

مأساة الحسيمة:كلنا «مواطْحِنون» حتى يثبت العكس!

المغرب اليوم -

مأساة الحسيمةكلنا «مواطْحِنون» حتى يثبت العكس

بقلم : عبد الحميد الجماهري

اجتهدت الإدارة بالحسيمة للرد على الخطاب الملكي الذي وبخها، بعد أن طالبها بإعادة النظر في علاقتها بالمواطنين.
وكان الجواب واضحا لا غبار عليه: العلاقة الوحيدة الممكنة مع شعب المغرب هو ….الطحين!
اطحنوه، واطحنوا أهله و ابدأوا بأمه، هكذا صاح الرجل الإداري في وجه السائق الذي يسوق شاحنة الطحن العمومي…!
طحن مو!
قلبها تولي «مو…..طحن»
الاسم الجديد للمواطن!
المواطحن!
المواطحنون! 
المواطحونات!
بهكذا اشتقاق برعت الراقية أمينة الصيباري في تدوينة موفقة لها أمس..
أما في مقر الجريدة ،فلم تصدق السيدة الرقيقة صباح الأحد أثناء العمل، أن المقصود بالطحن هو المواطن محسن فكري رحمه لله تعالى وأسكنه فسيح جناته!
ذلك لأن خيالها الأنيق رفض بشكل قاطع أن يتصور سادية مثل هاته..
لم تصدق لأن أي قلب عفيف، ينبض في صدر إنسان لن يتصور بأن سادية المسؤول الإداري قد تصل إلى أن يطالب بطحن مواطن فقير، يفترش البحر من أجل لقمة عيش بسيطة..
وهو من شدة فقره تماهى مع السمك ، وأصبح بدوره سمكا قابلا للطحن.. في نظر المسؤول !
سيطحنوننا في حاويات الأزبال!
هكذا لا نكون شعبا مطحونا فقط، بل متسخا أيضا، 
شعب زبالة..
شعب نفايات….
شعب حثالة…
شعب غير مهيكل: ولا حل للاقتصاد غير المهيكل سوى طحن من يلجأ إليه..
يا الهي، هؤلاء فقراؤك، ألا يمكن أن يطحنوننا بطريقة نظيفة؟
ألا يمكن أن يحترموا فينا أخلاق الطحن…
وأخلاق الذبح؟..
حتى شاة العيد ينصحنا الحديث بألا نذبحها والأخرى تنظر إليها!
ألسنا في مرتبة خرفان لله في جباله العاليات وتحت سكاكين الغلاة؟
لقد سبق للعبد الضعيف إلى ربه أن كتب أن «الإدارة ليست موظفين جالسين يتداولان ثمن العدس بين كأسين .
بل هي الدولة وقد صارت جزءا من حياة الناس.. 
وهي الدولة وقد دخلت تفاصيل المجتمع وتراكبت معه..
بل نجد أن الإدارة لخصت في مراحل عديدة كل أعطاب الدولة الحديثة في المغرب.».
ولهذا سيكون إنصاف القتيل أن تقف أخطاؤها عند هذا الحد..
لست أدري لماذا تذكرت حكاية فظيعة، وقعت أيام تمرد الريف الدموي في 1958، أوردها ستيفان سميث، في كتابه «أوفقير، قدر مغربي».
تقول الحكاية: إبان ثورة الريف، تقدم أوفقير من ريفي كهل، وألقى عليه القبض، ثم وضع قنبلة في «قب» جلابته الخطابية، وتركه يهرب، وبعد خطوات انفجرت القنبلة …وانفجر أوفقير ضاحكا!
هذه القسوة، التي سكنت خيالي سنين طويلة، تعود ولا حربا تسبقها
ولا تمردا يسبقها
ولا حالة انحباس بين الدولة المركزية وبين أهل الريف
بل تسبقها وضعية إدارية استسلمت إلى الغش والفساد واحتقار الناس.
أي بالتلخيص المغربي: الحكرة!
تسبقها إرادة متغلغلة في مفاصل الإدارة المغربية، تريد أن تفصل المناطق الصعبة، والفقراء والبسطاء عن مصالحة وطنية، مجالية وحقوقية كبيرة صالحت المغاربة مع بعضهم ومع الدولة ، بعد صراع مرير..
يقول خطاب الملك أمام البرلمان: «إن إصلاح الإدارة يتطلب تغيير السلوكات والعقليات»..
وهو بحد ذاته برنامج متكامل، 
إذ يتطلب تغيير عقليات ترى المواطن «شيئا» قابلا للسلخ…
وقابلا للطحن…
مواطنا «كفتة» إلى إشعار آخر!
لم يخرج علينا وزير الداخلية ليصف الشهيد محسن فكري بأنه «شهيد شباضة»، على غرار الراحل إدريس البصري في تعليقه المخزي والمهين عقب أحداث الدار البيضاء 1981، عندما نعت عشرات الشهداء ومنهم أطفال سقطوا بالرصاص الحي، بأنهم «شهداء كوميرا»، لأن الإدارة المركزية تعلن انتماءها للعهد الجديد وللمفهوم الجديد للسلطة،
بل إن وزير الداخلية سيحل بالمدينة ليقدم العزاء
وينقل تأثر ملك البلاد بالحادثة
ويفتح التحقيق ، كما يجب..
ويفتح أيضا جرحا غائرا فينا …لكي ننظفه بماء المصالحة الفعلية
بين المواطنين الفقراء وإدارة بلادهم..
لكن لا شيء يمنع،مع ذلك، القلب والهشاشة الإنسانية فينا، من تصور درجة الاحتقار التي يحملها المسؤولون عن مأساة الشهيد محسن فكري..للمغاربة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة الحسيمةكلنا «مواطْحِنون» حتى يثبت العكس مأساة الحسيمةكلنا «مواطْحِنون» حتى يثبت العكس



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya