هل نحن على أبواب “مكارثية” كريهة

هل نحن على أبواب “مكارثية” كريهة؟

المغرب اليوم -

هل نحن على أبواب “مكارثية” كريهة

بقلم : حسن طارق

لا ديمقراطية مع هيمنة الفكر الوحيد. وعندما يُقحم الوطن في البناء الإيديولوجي لهذه الهيمنة، لابد أن نتخوف من الاستعمال السهل والرخيص والمبتذل لتهم الخيانة والعمالة.
وعندما تتسلل هذه الاستعمالات إلى لغة بعض الصحافة أو لخطابات بعض السياسيين، لابد أن نتخوف من التأسيس لمقاربة “مكارثية” مقيتة في معالجة قضايانا السياسية.
مناسبة هذا القول، ما تابعناه من هجوم منظم ومرتب على بعض المساهمين في البرنامج التلفزيوني الأخير للقناة الفرنسية الثالثة .
الاختلاف في السياسة لا يمكن اعتباره اختلافا حول الوطن، والوطنية ليست أصلا تجاريا لوجهة نظر واحدة في السياسة والاقتصاد، وفي الموقف من الدولة .
كما أن الوطنية ليست تنميطا مصطنعا لمواقف الجميع من قضايا التدبير السياسي والاقتصادي، ولا هي إجماع دائم ومستمر على السياسات والإصلاحات والمبادرات العمومية.
تريد إرهاصات هذه “المكارثية الجديدة” أن تقنعنا بأن الصحافة المدافعة عن الديمقراطية تنفذ أجندة خليجية، وأن “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” تخدم أجندة “الجزائر”، وأن “العدل والإحسان” تشتغل وفق أجندة أمريكية، وأن “العدالة والتنمية” مجرد تابعين للإخوان المسلمين بالشرق…
تريد إرهاصات هذه “المكارثية الجديدة” أن ترادف بين حياة الوطن وموت السياسة، وتريد أن تجعل من الوطن فكرة مناهضة للاختلاف والتعددية، وأن تحوله في النهاية إلى حجة ضد الديمقراطية، عوض أن يكون حجة لها؛ منطلقا لبنائها وأفقا لترسيخها.
فالواقع أن التجارب الإنسانية توضح بجلاء كيف يرتبط البناء الديمقراطي بنموذج الدولة الوطنية، وكيف أعادت الديمقراطية تعريف الوطن بعيدا عن الإدعاءات السلطوية بتملك الحقيقة الوطنية في المواجهة الدائمة للمعارضين تحت يافطة “أعداء الوطن والخونة”.
في هذا الزمن يصعب جدا أن نقتنع بأن أعداء الديمقراطية وحقوق الإنسان، هم في الواقع مدافعون جيدون عن المصلحة الوطنية .
نعم، في الأصل ثمة أعداء حقيقيون للوطن، وثمة بالتأكيد تهديدات جدية ومحدقة بالأمن والاستقرار، لكن تحويل هذه التهديدات إلى مبرر سياسي لغلق مساحات النقاش العام وللرمي بالأصوات المعارضة في الخانات الجاهزة للتخوين وتوزيعها حسب السياق والمزاج على واحدة من “أجندات الخارج”، يعتبر أمرا ليس فقط مرفوضا من حيث المبدأ، ولكن من شأنه كذلك، أن يمس بمصداقية الحديث عن هذه التهديدات نفسها.
شخصيا لا أتصور، في المغرب، نقاشا عموميا نقديا وحقيقيا – مثلا- دون “فؤاد عبدالمومني” أو “كريم التازي”. لقد أوصل خيار مصادرة القرار المستقل للأحزاب الوطنية، بلادنا إلى حالة “خرس سياسي معمم” أصبح معها رئيس الحكومة يبدو كأشرس معارض، وأوصل الصراع الطويل بين الدولة والصحافة إلى تضييق هامش حرية القول والتعبير، وسيكون من غير الحكمة أن نُسكِت تلك القلة المتبقية من أصوات الفاعلين المدنيين المتمسكين بحد أدنى من المواطنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نحن على أبواب “مكارثية” كريهة هل نحن على أبواب “مكارثية” كريهة



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya