2016 العالم نحو اليمين

2016: العالم نحو اليمين

المغرب اليوم -

2016 العالم نحو اليمين

بقلم : حسن طارق

ما سيذكره التاريخ من يوميات المرور العابر لسنة 2016، قد لا يكون بعد التخلص من تفاصيل الأحداث المتراكمة والمتتالية، سوى تسجيل انزياحه المعلن نحو اليمين.

فاز «ترامب» بمفاتيح البيت البيض، وتفوق «فيون» في الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، وقبل ذلك كان الناخبون الإنجليز قد صوتوا بكثافة على قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفي كل هذه الوقائع كان اليمين الأكثر راديكالية يخرج منتصرا.

عموما، في أوروبا، تستمر موجة التقدم الانتخابي لليمين المتطرف الذي يبدو، في أكثر من بلد، قد تجاوز مرحلة البحث عن مجرد موطِئ قدم مؤسساتي يُمكّنه من موقع منبري، إلى حالة القوة السياسية الحاضرة في قائمة أحزاب الصف الأول. مقابل ذلك، لا تبدو الاشتراكية الديمقراطية في أحسن حالاتها، سواء أكانت في التدبير أو في المعارضة، وسواء اتضح ذلك في نتائج الانتخابات أو في استطلاعات الرأي.

أما على مستوى يسار اليسار، فإن النجاحات «الاحتفالية»، منذ سنتين، لقوى سياسية جديدة، في اليونان أو إسبانيا وإيطاليا، لا تجعلها قادرة على صياغة بديل واقعي ومقنع للفكرة اليسارية، وربما يحتاج الأمر إلى وقت أطول للتفكير في فرضية عودة اليسار من اتجاهاته الأكثر جذرية، في بناء الموقف من قضايا الاقتصاد وملفات السياسات المالية المعولمة .

في خلفية ما يبدو انزياحا واضحا للعالم نحو اليمين، نقرأ الانتصار الرمزي للقضايا «المحرمة» لليمين المتطرف، والتي انتقلت في مرحلة أولى إلى جدول أعمال اليمين المعتدل، لتتحول فيما بعد إلى مواضيع مركزية و”طبيعية” في فضاء التداول السياسي لكل مكونات الديمقراطية الغربية، يسارا، يمينا، ووسطا، من ذلك مثلا، قضايا الهوية الوطنية، الموقف من الإسلام وسياسات الهجرة .

الذهاب نحو اليمين، يرتبط من جهة أخرى بتحولات كبيرة تَطالُ البنى الحزبية، وتوحي بميلاد «حزبية» جديدة تستطيع استقطاب الأسئلة الجديدة التي باتت تطرحها الديمقراطيات المعاصرة، والتي لم تعد تحتمل “الأجوبة” التي ظل يقدمها التناوب يسار/ يمين، منذ نهاية نموذج دولة الرعاية الاجتماعية.

وفي الاتجاه ذاته، يبدو الانزياح نحو اليمين، انزياحا من “الاجتماعي” إلى “المجتمعي”، وهو ما يعكسه انتقال النقاش من “الاقتصاد” إلى “الثقافة”، حيث لم تعد المسألة الاجتماعية هي التي تصنع التقاطبات السياسية داخل الديمقراطيات الليبرالية، بين اليمين واليسار باعتبارهما أطروحتين اقتصاديتين، بل أصبحت القضايا المجتمعية هي ما يفعل ذلك، موزعة الناخبين، جراء ذلك، إلى معسكرين متقابلين حول قضايا “الحريات الفردية” و”الهوية” و”الأسرة”، بين “تقدميين”. و«محافظين». والواقع أن حدة هذا التقاطب الجديد تجعله لا يتجاوز فقط، من حيث التأثير حدود التقاطب القديم، بل تجعل آثاره المهيكلة تصل إلى داخل العائلات السياسية التقليدية .

وهذا ما يبدو واضحا من خلال حدة الخلاف حول هذه القضايا، حتى داخل التيارات السياسية المتخندقة خلف الحدود الإيديولوجية القديمة.

المؤكد أن هذه التحولات، ليست معزولة عن مخاضات صعبة يعيشها العالم منذ بدايات القرن الحالي، بل هي مطبوعة بالأزمات الاقتصادية والمالية والاضطرابات الأمنية والسياسية، وبانفلات للمطالب الهوياتية من عقالها وانقلاب للمنظومات القيمية، على النحو الذي وصفه «أمين معلوف» في كتاب شهير له موسوم بـ”اختلال العالم”.
المصدر "جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2016 العالم نحو اليمين 2016 العالم نحو اليمين



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya