بنكيران والأخطاء السبعة

بنكيران والأخطاء السبعة

المغرب اليوم -

بنكيران والأخطاء السبعة

بقلم : حسن طارق

في الحقيقة، لم يكن خافيا على المتتبعين، أن هناك “توترا صامتا” بين بنكيران والدولة، يعود بالتأكيد إلى ما قبل اقتراع 2015، عندما كان أكثر وضوحا.

في قراءة خلفيات هذه العلاقة، يبدو أن سلسلة من “الأخطاء”، قد أسهمت في الوصول إلى نقطة الإشباع خلال الأسبوع الماضي.

في تفصيل ذلك يمكن الوقوف سريعا على سبعة أخطاء:

الخطأ الأول: تمرد بنكيران على الصورة النمطية للنخبة بمعايير “جون واتربوري”، واحتفاظه بنمط حياة شكّل لوحده، كما انتبه إلى ذلك الأستاذ محمد الناجي، أزمة ضمير أخلاقي لدى النخب المخملية السعيدة بهكتارات الريع ومنافع خدام الدولة ومزايا الريع، والأرصدة السمينة بالداخل والخارج.

الخطأ الثاني: تملكه لكاريزما سياسية استثنائية داخل محيط يعج بأشباه السياسيين من فاقدي القرار، بشكل أصبح معه شخصية لا يمكن التعامل معها بحياد أو عدم اكتراث، ذلك أن حضوره يستدعي، بالنسبة إلى العموم، بالضرورة اتخاذ موقف إيجابي أو سلبي.

الخطأ الثالث: تحوله إلى حالة تواصلية غير مسبوقة، بخطاب قوي مختلف عن المعجم الباهت والخشبي للتواصل السياسي المألوف، وبنبرة خاصة و”شخصية” استطاعت أن تخلق تواطأً حقيقيا مع جمهور المواطنين عبر شبكة من الرموز والاستعارات والتعابير.

الخطأ الرابع: خرقه لقاعدة الكتمان التي تحكم منطق الولوج إلى المسؤولية، وقدرته على التنقل السريع والتلقائي بين سجل الخطاب “السلطاني” ومقتضيات الأعراف “المخزنية” ومتطلبات الموقع الحكومي، وبين سجل الفاعل الحزبي الذي لم يحوله المنصب السياسي إلى مجرد موظف محكوم بقيود التحفظ.

لقد كان يعرف أن الإصلاح صعب ومعقد، ويتطلب تفاوضا يوميا وقدرة على التنازل والمرونة، لكنه كان يعرف، كذلك، كيف يجعل من الرأي العام شاهدا على المسارات الملتوية للتفاوض في دهاليز القرار.

ولأنه، ربما، كان يؤمن بتعريف فرانسوا ميتران للسياسة باعتبارها (أن نقول أشياء للناس)، فقد كان كثيرا ما يتحول في نهايات الأسبوع وحملات الانتخابات إلى مُعارضٍ من رتبة رئيس حكومة.

الخطأ الخامس: قيادته العدالة والتنمية نحو ثلاثة نجاحات انتخابية متتالية، لم ينتصر خلالها حزب “المصباح” على مجرد خصوم، بل انتصر فيها على قواعد وثوابت هندسة سياسية لنظام انتخابي، وُضِع لكي يعمق من هشاشة المؤسسات المنتخبة ولكي لا يفرز أي قوة انتخابية من شأنها الحد من هامش حركة النظام السياسي.

الخطأ السادس: تمسكه بثوابت البلاد ومؤسساتها، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، واعتناقه خيارا إصلاحيا ونهجا توافقيا وخطا معتدلا، مع ترجيح محسوم لمنطق العمل المؤسساتي. بالنسبة إلى الكثير من مراكز النفوذ كان من الأفضل أن يكون بنكيران زعيما لحركة سياسية لا تؤمن بطبيعة النظام، وتنتظر زواله، وتستخف بالاشتغال داخل المؤسسات المنتخبة، حينها كان بالتأكيد سيكون تأثيره ضعيفا وأقل “خطورة”.

الخطأ السابع: قيادة العدالة والتنمية، نحو تجاوز سقف التمثيل السياسي الذي تسمح به القواعد غير المكتوبة للنظام السياسي المغربي.

ذلك أنه على مستوى التوجهات، وباختياراته الاقتصادية الليبرالية والمدافعة عن المبادرة الحرة، وبتوجهه الاجتماعي المناهض للوظيفة الحمائية التقليدية للدولة، والمدافع عن إعادة توزيع خيرات دولة “الرعاية” نحو فئات أكثر هشاشة، وبقدرته على “علمنة” تدبير مروره الحكومي، وطبعه بخطاب حول السياسات وليس حول الهوية والقيم، فالعدالة والتنمية يشكل شريكا مثاليا للبرنامج القار و”الاستراتيجي” للدولة.

لكن المشكلة تتعلق بالحجم السياسي والتنظيمي والانتخابي للحزب وبدرجة استقلاله، والذي يجعله صعب التحمل من طرف نظام سياسي تآلف مع نمط من التوازنات تجاه الفاعل الحزبي.
في نهاية التحليل، سيصعب استيعاب أن المشكلة هي مشكلة بنكيران /الشخص، ذلك أن الأمر في الأصل هو مسألة تعايش بين الإدارة مع السياسة، وأزمة انفتاح مراقب ومحسوب للنظام السياسي على الإرادة الشعبية، وعسر في تكيف الدولة مع المساحات الجديدة التي يمنحها التأويل البرلماني لدستور 2011، وقدرته على السماح بأنواع جديدة من الشرعية الصاعدة من الأسفل.

لكل ذلك، يمكن القول باطمئنان في سياق البناء الديمقراطي المتعثر، إن الكلام لم ينته بعد!

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران والأخطاء السبعة بنكيران والأخطاء السبعة



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:59 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

الكمامة القماش لا تحمي من عدوى "كورونا" تعرف على السبب

GMT 10:41 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لمقبرة "توت عنخ آمون" تعرض بالألوان للمرة الأولى

GMT 06:04 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

شاب مريض نفسي ينتحر بطريقة مروعة في الدار البيضاء

GMT 01:44 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

دشني مراد قصة نجاح بعد بماضٍ أليم

GMT 23:52 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلامية بوسي شلبي تؤكد تعاطفها مع الشيخ صالح عبد الله كامل

GMT 21:24 2014 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محار ملزمي بالثوم

GMT 09:27 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

العاهل المغربي يلغي لقاء وزير الخارجية الأميركي

GMT 07:57 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

رحيل الفنان المصري محمد خيري بعد أزمة صحّية عن 77 عامًا

GMT 08:01 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

"بلاك آرمي" تدعو لإبعاد الانتهازيين عن الجيش الملكي

GMT 15:55 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

"الفيصلية الرياض" يحصد جائزة أفضل فندق فاخر لعام 2018

GMT 03:39 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مواليد برج العقرب يمتلكون أسلوبًا تحليليًّا عميقًا

GMT 03:51 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

خطيبة خاشقجي توضع تحت حماية الشرطة التركية

GMT 11:04 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إنابل بطلًا لسباق "قوس النصر" بقيادة ديتوري
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya