“داء العطب قديم”

“داء العطب قديم”!

المغرب اليوم -

“داء العطب قديم”

بقلم : جمال بودومة

أحيانا، كي نخرج من أزمة أو مأزق أو موقف، علينا أن نبدأ بتسمية الأشياء بأسمائها، وإذا فتشنا لما يجري في المغرب خلال الأشهر الأخيرة عن اسم لن نجد أفضل من: “مصادرة الإرادة الشعبية”، وهي “بلية” قديمة يدمن عليها “المخزن” منذ عقود، ولم يستطع التخلص منها، رغم محاولة جدية عام 2011،  تحت تأثير الحشود التي خرجت إلى الشارع للمطالبة بالتغيير. لكن “البلية صعيبة”، يمكن أن تقلع عن تدخين الحشيش، وسط فرحة الأقارب والأصحاب والجيران، وبمجرد ما ينزل مزاجك إلى الأرض، تعود إلى لفّ “الجوانات” كأي مدمن ميؤوس من أمره!

و”ذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين”: كل شيء كان يسير على ما يرام. بعد أشهر من الاستعداد والتنافس الحاد بين المرشحين، وبعد حملة انتخابية ساخنة، ذهب الناخبون إلى الصناديق لاختيار الحزب الذي سيقود البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، مر التصويت في أجواء معقولة، وأعلنت وزارة الداخلية نتائج الاقتراع الذي كرس “العدالة والتنمية” الحزب الأول، من حيث عدد المقاعد (125 مقعدا)، ومنح الأغلبية مجددا للتحالف الذي يدبر الحكومة المنتهية ولايتها (201 مقعد من أصل 395)، وعين الملك الأمين العام للحزب الأول رئيساً للحكومة، كما ينص على ذلك الدستور، لتبدأ مشاورات تشكيل الحكومة… لكن في الوقت الذي كان المغاربة يترقبون لائحة الوزراء، تعطل كل شيء. دخلنا في مرحلة من الشد والجذب، والغمز واللمز، والانفراج والانغلاق، وأخنوش وبنكيران، وشباط ولشكر، وموريتانيا والاتحاد الإفريقي، وانتهى الكلام ليبدأ الكلام… خمسة أشهر من التخبط، أدخلت البلاد في متاهة سياسية لا يبدو لها مخرج. خمسة أشهر من التعطيل، كأننا في لبنان، علما أنه بلد في حالة حرب مع إسرائيل وخرج من حرب أهلية طويلة ومدمرة وبه أكثر من 18 طائفة!

ليس هناك دخان من دون نار. وإذا أردنا أن نفهم ما يجري، علينا أن نعود إلى ليلة الإعلان عن نتائج الانتخابات، وتلك التهنئة السريالية التي وجهها وزير الداخلية إلى الحزب الفائز بالاقتراع. محمد حصاد بارك لـ”العدالة والتنمية” فوزه -على مضض- ولم يتردد في لومه على الاحتجاج والتنديد ببعض الانزلاقات التي سبقت العملية الانتخابية، في سابقة لم يعرفها أي اقتراع ديمقراطي في العالم: وزير الداخلية يلوم الحزب الفائز على التحذير من عواقب التزوير يوم الإعلان عن النتائج! علما أن احتجاجات “العدالة والتنمية” كان لها ما يبررها، لأن السلطة تدخلت في أكثر من دائرة لدعم بعض المرشحين، خصوصا من حزب “الأصالة والمعاصرة”.

تختلف الوسائل والنتيجة واحدة. الجميع يعرف أن “مصادرة الإرادة الشعبية” عن طريق تغيير الصناديق وحشوها بالأصوات، كما كان عليه الأمر أيام إدريس البصري، لم يعد ممكنا. الأساليب تجددت. أول أمس كان حزب “القوات الشعبية” محروما من السلطة، رغم شعبيته الكاسحة ومشاركته في الانتخابات. الإقصاء كان يتم عن طريق سرقة الصناديق وتزييف الأرقام بتدخل مباشر من وزارة الداخلية. وبالأمس، أُخرج عبد الرحمان اليوسفي من الحكومة بعد استقبال ملكي دام ربع ساعة في مراكش، رغم أن حزبه ربح الانتخابات. واليوم، يحاولون إخراج عبدالإله بنكيران من السلطة عن طريق هندسة جديدة للتحالفات، عبر التحكم في القرار الداخلي للأحزاب.

إذا أضفنا إلى ذلك، ما تم تداوله عن اجتماع جرى في الثامن من أكتوبر بين زعماء عدد من الأحزاب، بهدف “الانقلاب” على نتائج الاقتراع، نفهم أن اللعبة لم تبدأ مع أخنوش، ولا مع حصاد، ولا مع شباط ولا حتى مع إلياس العماري… “داء العطب قديم”، كما قال مولاي عبد الحفيظ. وعلى ذكر السلطان الذي باع الإيالة الشريفة للفرنسيين، لعل أنسب طريقة للخروج من مأزق تشكيل الحكومة، هي العودة إلى الصيغة المخزنية القديمة، التي كانت سائدة قبل الاستعمار: حكومة من ثلاثة وزراء: الصدر الأعظم ووزير الحرب ووزير البحر، الذي كان يُعرف أيضا بوزير الشؤون البرانية… هكذا نوفر مصاريف كثيرة على خزينة الدولة ونعيد الاعتبار إلى “الأصالة والمعاصرة”.

بعيدا عن الشؤون البرانية، كل ما نتمناه ألا يخرج بنكيران من الحكومة وتدخل البلاد المجهول!

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“داء العطب قديم” “داء العطب قديم”



GMT 16:20 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سعيد في المدرسة

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!

GMT 14:26 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

«بيعة» و «شرية» !

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«لا يُمْكن»!

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya