بداية أكتوبر، نهاية شباط

بداية أكتوبر، نهاية شباط

المغرب اليوم -

بداية أكتوبر، نهاية شباط

بقلم - جمال بودومة

علينا أن نتذكر أن حميد شباط، الذي يستعد للخروج من الأمانة العامة لحزب “الاستقلال”، دخل “سباط” إلى المشهد السياسي المغربي في نهاية التسعينيات. النقابي البسيط، الذي كان ملاحقا بعد إضراب دجنبر 1990، تسلل إلى البرلمان في غفلة عن الجميع. ونكاية بالفاسيين وخريجي مدرسة “الطرق والقناطر”، أصبح عمدة للمدينة العلمية عام 2003، محدثا رجّات غير مسبوقة في المشهد، حيث استطاع أن يحول العمل السياسي إلى سلسلة من “المعجزات” المضحكة، وإلى معارك طاحنة ضد الأحياء والأموات، وصلت حد التشابك بالأيدي تحت قبة البرلمان، خلال افتتاح الدورة الخريفية قبل ثلاث سنوات، حين تبادل اللكم والصفع والعض مع عزيز اللبار، البرلماني عن “الأصالة والمعاصرة”، في تطبيق سريع لمضامين الخطاب الملكي الذي دعا وقتها إلى “تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الإدارية والمنتخبة” و”الرفع من مصداقيتها ونزاهتها”…

قبل موقعة البرلمان، أبهر شباط المغاربة بمشاريعه “العبقرية”. وعد بأن يجلب البحر لفاس، وبالفعل ظهرت عدة شواطئ في المدينة، بفضل مجاري “بوخرارب” التي أصبحت تشق العاصمة العلمية من عدة محاور، محملة بفضلات الجلد والدبغ والواد الحار. ذات يوم قرر شباط أن فاس ينبغي أن تشبه باريس، و”دبر”  على عمود حديدي ضخم يشبه “لاتور إيفل”، زرعه وسط المدينة، قبل أن تختفي المعلمة في ظروف غامضة، بعد أن تعرض للتقريع من “جهات عليا”، حسبما تردد وقتها. وظل العمدة النابغة يتحدّث كفقيه وعلّامة، لازال الكل يتذكر “الحديث النبوي” الذي رواه عن مدينة فاس، دون أن يهتم إذا ما كان الحديث صحيحا، المهم أن وجه شباط “صحيح”، يصلح لكسر اللوز. عندما لم تعد فاس تستوعب طموحاته، شكل جيشا من “البلطجية” وهجم على مقر “الاتحاد العام للشغالين”.

استعمل السلاسل والعصي والكلاب كي يسرق النقابة من عبدالرزاق أفيلال وبنجلون الأندلسي، لكن “دار ماراسا” لم تتسع لأطماعه، فقرر الهجوم على مقر الحزب في باب الحد، الذي سماه بـ”قصر العزيزية”، نسبة إلى المبنى الذي كان يدير منه العقيد معمر القذافي شؤون الجماهيرية المأسوف عليها. وعندما قتل القذافي، أصبح شباط أمينا عاما لحزب “الاستقلال”. فتش عن الغلط. لم يكتف “الأخ القائد” بـ”الشتف” على الأحياء، من عبدالرزاق أفيلال إلى عبدالواحد الفاسي مرورا ببنجلون الأندلسي وياسمينة بادو… بل لم يتورع عن التمثيل بجثث الأموات، وفي مقدمتهم الشهيد المهدي بنبركة، الذي تطاول عليه بلسانه السليط. وعندما أصبح عبدالإله بنكيران رئيسا للوزراء، تخصص في القصف العشوائي ضد الحكومة، بإيحاء من الجهات التي تطلب اليوم رأسه. أجبر وزراء “الاستقلال” على الانسحاب، واتهم بنكيران بالانتماء إلى “داعش” و”جبهة النصرة” و”الموساد”… دفعة واحدة.

وعندما فشل في الحفاظ على عمودية فاس، تمرد على من أشرفوا على صعوده السريع، وهدد بإحراق المدينة وإفشاء كل الأسرار. لعب بالنار وأحرقته: دارت عليه الدوائر، وجرجر أبناؤه أمام المحاكم، وسحبت منه مفاتيح النقابة والحزب، وسحل في الجرائد والبلاغات الرسمية، خصوصا بعد أن رفض المشاركة في الانقلاب على نتائج اقتراع السابع من أكتوبر. لكن، بالرغم من كل الضربات التي تلقاها حميد شباط، منذ أن شق عصا الطاعة في وجه من يصنعون المطر والجو المشمس والتحالفات الحكومية في مغرب ما بعد 20 شباط، مازال الرجل واقفا يقاوم وسط العاصفة، يستعمل ما تبقى بجانبه من أنصار وصحون كي يكسب الوقت، وقد استطاع أن يربك حسابات الخصوم، و”يقلي السم” لمن يحلمون بالتبول على جثته السياسية في الساحات العمومية، وما أكثرهم. شباط يشبه “الحنش”، لذلك لا نعرف إن كان مازال على قيد الحياة أم إن الذنب وحده مازال يتحرك. نعرف أنك عندما تصيب رأس الحنش في مقتل، يظل ذيله يتحرك لمدة قد تستغرق عدة أيام، وشباط أثبت أنه مازال يتحرك رغم الضربات التي نزلت عليه من كل الجهات. الجميع كان متأكدا أن ولايته على رأس “الاستقلال” ستنتهي الأسبوع الذي ودعناه، في ختام المؤتمر السابع عشر للحزب، لكن “هبيل فاس” استطاع أن يمدد المعركة أسبوعا إضافيا، بعد أن جاء إلى المؤتمر وهو مصمم على مواجهة “بركة” حمدي ولد الرشيد بـ”بركة” مولاي إدريس… فهل تكون بداية أكتوبر فعلا نهاية شباط؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية أكتوبر، نهاية شباط بداية أكتوبر، نهاية شباط



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 02:49 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

توقعات بحدوث مشاكل اقتصادية في شهر أيار

GMT 18:49 2014 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

حلى المالتيزر

GMT 07:54 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

واندلر يقدم تصميماته الرائعة من الحقائب الجلدية

GMT 12:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

طبيب الأسود يشخص إصابة بنشرقي

GMT 03:12 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

محلات ميرو تطلق تشكيلتها الجديدة الخاصة بموسم الأعياد

GMT 13:48 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة تصدر عقوبات جديدة في حق الجديدة وتطوان وأسفي

GMT 06:42 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تونسية تروي تفاصيل زواجها مِن مسيحي ذي أصول أفريقية

GMT 01:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الإدريسي يتخلى عن بنكيران ويرفض الولاية الثالثة

GMT 02:57 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة تجيب عن الأسئلة الأبرز في ملف الصحة الجنسية

GMT 01:24 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الكشف عن بيع الرقاقة الإلكترونية الأولى في العالم
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya