«كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية

«كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية

المغرب اليوم -

«كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية

بقلم - مصطفى فحص

في ختام ورشة عمل أقامها «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» (كايسيد)، في العاصمة اللبنانية بيروت، والتي شهدت تخريج 32 متدرباً ومتدربة من 8 دول عربية شاركوا في الدفعة الخامسة من برنامج الزمالة العالمي، والثالثة على مستوى العالم العربي، والذي يسعى لبناء جسور متينة بين أتباع الأديان والثقافات في أنحاء العالم، أعلن معالي الأمين العام للمركز الأستاذ فيصل بن معمر، عن إطلاق برنامج مخصص للإعلاميين ودورهم في مواجهة خطاب الكراهية، وإقامة لقاء دولي بعنوان «متحدون لمناهضة الكراهية» ضمن نشاطات «المنصة العربية للحوار والتعاون» خلال هذا العام، لتسليط الأضواء على دور المؤسسات الدينية والإعلامية لمواجهة خطاب الكراهية. وأكد بن معمر، في ختام حلقة حوارية تحت عنوان «دور القيادات الدينية والإعلامية في مواجهة خطاب الكراهية»، على حرص المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز على المشاركات المحورية في مواجهة التطرف والإرهاب ومناهضة خطاب الكراهية، من خلال المنصات التي يطلقها المركز في مختلف أنحاء العالم، مؤكداً على أن «هدفنا الأساسي هو الاستثمار في الإنسان، وتعزيز العيش المشترك، واحترام التنوع، وقبول التعددية في ظل المواطنة المشتركة».
بين احترام التنوع وقبول التعددية والفهم الإنساني للآخر، الشريك في الوطن، المختلف في المعتقد أو القومية، يحتاج عالمنا العربي إلى ورشة عمل كبيرة بحجم التحديات التي تواجه مجتمعاته ودوله، خصوصاً تلك التي تعرضت لدورات عنف إثني وديني أدت إلى تحطيم مفاهيم العيش المشترك، وأخلَّت بالتنوع الذي ميزها لقرون عدة، نتيجة تمسك بعض الجماعات المتشددة بتكوين أحادي مغلق للمجتمع أشبه بمثلية فكرية ترفض الآخر، وتعمل على إلغائه فكرياً وجسدياً، وهي غير معنية أصلاً بالحوار تجنباً للاعتراف به، وبشرعيته، وبحقه بالدفاع عن نفسه، وقد كشفت التجربة أن هذه الجماعات أو المدارس الإلغائية، التي تفشت أفكارها المتشددة بين أبناء جميع الأديان السماوية، تستمد قوتها وحركتها نتيجة لعوامل كثيرة؛ أبرزها فشل الدولة الوطنية في المساواة في الحقوق والواجبات بين أبنائها، ما أفسح المجال أمام سماسرة الهوية (الإثنية والدينية) لتكريس الكراهية، وتغذيتها ضد أفراد وجماعات أخرى مختلفة عن الأغلبية السائدة في الإثنية أو اللغة أو الدين، وكثيراً ما يكون ذلك لأسباب سياسية، أو نظراً لتمييز راسخ طال أمده. كما لعب المثقفون الطائفيون ورجال دين دوراً في تعميم الكراهية، ومورست التفرقة ودعي إلى التمييز والعداء والعنف، وفي مواجهة هذا الخطاب التحريضي، يقول وكيل وزارة الشؤون الإسلامية السعودية الدكتور عبد الله الصامل «إن المنبر يُشكّل الواجهة الأساسية للمؤسسات الدينية التي عليها مسؤولية كبيرة في مواجهة التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية، فالمنابر الإسلامية لها أدوار في الخطابة والموعظة من خلال إطلاق الندوات والمحاضرات واللقاءات الحوارية»، ففي مواجهة هذا الخطاب باتت الحاجة ملحة إلى مواجهة القراءة العقائدية للتاريخ، وضرورة تفسيرها بأبعاد سياسية واقتصادية، حتى لا تستخدمها الفئات المتعصبة في التحريض والدعوة إلى الانتقام، وتهديد الأقليات الدينية والعرقية، التي باتت مدخلاً للتدخلات الأممية في شؤوننا الداخلية، تحت ذريعة حمايتها بعد أن تعرضت لحملات إبادة جماعية جعلتها تلجأ إلى طلب الحماية الخارجية، نتيجة شعورها بخطر وجودي. 
كما أن بعض ممارسات بعض الأقليات وازدراءها لهموم الأغلبيات والعمل على تشتيتها جعل هذا الأغلبيات (في العراق وسوريا) تلجأ أيضاً إلى العنف المفرط دفاعاً عن حضورها ودورها، وقد استغلت هذه الجماعات، الإعلام، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي، في التحريض على الكراهية، خصوصاً وأن هناك تبايناً بين العالم العربي والدول الغربية، على تحديد الوصف الحقيقي والتعريفي لخطاب الكراهية، وكيفية مواجهته، فيما الدول الغربية وضعت حدوداً لهذا الخطاب لناحية عدم المساس بحرية الفرد والتعبير عن الرأي، وألا يصل إلى حدّ العنف وإراقة الدماء، فيما المجتمعات العربية لم تزل تتعرض لنمط إعلامي محرض على خطاب الكراهية، بسبب مشروعات سياسية تموّله وتستثمره في المناطق الخصبة، حيث توجد مشكلات اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أوسع نطاقاً وانقسامات عامودية في المجتمع، فيما المهمة الأساسية على عاتق الدولة والمؤسسات الإعلامية حماية المتلقي البسيط المحدود معرفياً واقتصادياً وجغرافياً من تأثيرات هذا الخطاب من خلال خلق منصات رقمية تساعده على معرفة الآخر المختلف معرفة إنسانية، لكي تنقذه من أن يكون أحد ضحايا هذا الخطاب.
وعليه، فإن مشروع تحالف الضحايا (أفراداً وجماعات ودولاً) الذي دعت إليه «أكاديمية هاني فحص للحوار والسلام» ومؤسسة «مسارات» العراقية، من أجل حماية عيشنا المشترك وتقليل الخسائر لصالح مشروع الاعتدال في مواجهة خطاب الكراهية ضرورة لسلامة أوطاننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية «كايسيد» القوى الناعمة في مواجهة خطاب الكراهية



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:51 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

العثور على دمية غريبة الشكل بها أعمال سحر في مديونة

GMT 14:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية داليا كريم تُكرّم الممثلة اللبنانية رينيه ديك

GMT 08:45 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

تعرف علي أهم أسباب هجرة الرسول إلى المدينة المنورة

GMT 05:04 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

حذاء الكاحل الأكثر رواجًا في موسم شتاء 2019

GMT 08:20 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

بقعة حمراء بجسدك قد تشير إلى إصابتك بالسرطان

GMT 13:31 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"WWE" يعلن عودة دانيال براين للحلبات مجددًا

GMT 19:43 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

انخفاض جديد في أسعار المحروقات في المغرب

GMT 10:54 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

فوزنياكي تقتنص صدارة تصنيف التنس وتتويجها بلقب أستراليا

GMT 13:44 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعرض مهاجمه أوباميانغ للبيع

GMT 06:02 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

3 فنانين أثروا السينما المصرية بتجسيد مشاكل الصم والبكم

GMT 21:01 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدينة "فاطمة" في البرتغال مزار الكاثوليك حول العالم

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الملك محمد السادس يقرر تأجيل زيارته لغينيا كوناكري
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya