النجف ـ طهران ورسائل المرجعية الواضحة

النجف ـ طهران... ورسائل المرجعية الواضحة

المغرب اليوم -

النجف ـ طهران ورسائل المرجعية الواضحة

بقلم - مصطفى فحص

خرج الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، من لقائه مع المرجع الأعلى للمسلمين الشيعة في العالم السيد علي السيستاني، بخُفي حُنين، فالليونة الرسمية العراقية في التعامل مع الضيف الإيراني، التي وصفها البعض بأنها وصلت مستوى الانبطاح من قبل بعض المسؤولين السياسيين في بغداد، انقلبت تصلباً نجفياً بالمواقف، أفرغ البيانات الرسمية المشتركة التي صدرت في بغداد أثناء زيارة روحاني من محتواها، وأعاد التمسك بالسيادة الوطنية التي لا تقبل المساومة على ثوابتها وإنجازاتها، قساوة مواقف المرجعية التي سمعها الطرف الإيراني، وظهرت إلى العلن من خلال البيان الذي وزعه المكتب الإعلامي للسيد السيستاني بعد استقباله للرئيس روحاني، الذي كُتب بحرفية عالية فندت أغلب الادعاءات الإيرانية، وحملت رسائل بضرورة تحرير القرار الرسمي العراقي من الهيمنة الإيرانية. 
لفقد أكد البيان على تعزيز علاقات العراق بجيرانه وفقاً لمصالح الطرفين، وعلى أساس احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما تطرق البيان إلى التضحيات الكبيرة التي قدمها العراقيون الأبطال في الانتصار على هذا التنظيم الإرهابي، وإبعاد خطره عن المنطقة كلها، منوهاً بدور الأصدقاء في تحقيق ذلك. 
وطالب بيان السيستاني بحصر السلاح بيد الدولة، وشدد المرجع الأعلى على «ضرورة أن تتسم السياسات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الحساسة بالتوازن والاعتدال، لتجنيب شعوبها مزيداً من المآسي والأضرار». 
عملياً يكشف البيان عن انزعاج المرجعية من السياسة العامة الإيرانية في العراق، وبدت وكأنها لا تفصل بين الدولة الرسمية والدولة الموازية صاحبة النفوذ الأوسع في العراق، ولكنها اختارت رئيس الجمهورية حتى تُوصل انتقاداتها لصناع القرار الإيراني في اللحظة التي يعاد فيها ترتيب البيت الداخلي الإيراني لما بعد المرشد والرئيس، حيث باتت النجف تستعد لمواجهة مع راديكالية سياسية تمارسها طهران في علاقاتها الخارجية وفي مناطق نفوذها.
لم يكن حسن روحاني إلا صندوق بريد اختارته المرجعية لإيصال موقفها، وهي معنية باختياره باعتباره يمثل تياراً معتدلاً وسطياً يتعرض لمضايقات من جهات إيرانية نافذة في النظام؛ أغلقت المرجعية أبوابها في وجهها تعبيراً عن استيائها من تدخلاتها في شؤون العراق الداخلية، وفي محاولاتها مصادرة إنجازات العراقيين في الحرب على الإرهاب، الأمر الذي استدعى رداً نجفياً بأن تضحيات العراقيين أولاً، ومن ثم دعم كل الأصدقاء، وليس حصره بطرف واحد. 
من جهته يقول الباحث في شؤون الحوزة العلمية الأستاذ علي المدن، إن «اللافت في بيان السيد السستاني أن المرجع الأعلى يبدأ بالتركيز على العراق (تعزيز علاقات العراق بجيرانه، وليس تعزيز علاقات الجيران بالعراق)، أي أنه مهتم بالحديث عن العراق أولاً وليس غيره. ومع ذلك فإنه يشير إلى أهمية أن تكون العلاقات مبنية على مصالح الطرفين واحترام السيادة وعدم التدخل (وهذه أمور تطالب بها في العادة إيران وليس العراق)، وكأنه يريد القول: نحن نرحب بعلاقات العراق بجيرانه، ولكن على الجيران أن يحترموا النقاط الثلاث في علاقتهم بالعراق».
السيستاني المصر على حصر السلاح بيد الدولة، في الوقت الذي تقوم فيه طهران بدعم وتعويم المنظمات المسلحة التي تعمل في موازاة الدولة، وشرعنتها ككيانات مستقلة تعمل بالتوازي مع عمل المؤسسات الرسمية، ولكنها تستخدمها لأغراض بعيدة عن المصالح الوطنية العراقية، ما جعل السيد السيستاني يعيد المطالبة بأن تكون هذه التنظيمات الميليشياوية تحت إمرة الحكومة، فيما تستبعد أوساط خبيرة في شؤون المرجعية أن تطالب النجف بحل «الحشد» في هذه المرحلة، بسبب حاجة القوات المسلحة الرسمية إليه للمساعدة في تغطية المناطق الساخنة، ولكن ألا تكون له قيادة عسكرية مستقلة، وبأن يصبح جزءاً كاملاً من القوى النظامية، وهذا ما لن تقبل به طهران التي تريد استثمار بعض فصائل «الحشد» ضمن مشروعات نفوذها، وقد عبر قائد «الحرس الثوري» الجنرال جعفري عن هذا الموقف منذ أيام عندما اعترف بأن هناك 200 ألف متطوع في العراق وسوريا دربتهم إيران بإشراف «الحرس الثوري».
في النجف تحول روحاني إلى زائر يستمع إلى نصائح المرجع الأعلى، في اللقاء مارس السيد السيستاني سلطته الروحية العامة على ممثل دولة تمثل النقيض الفقهي لمدرسة النجف القادرة على تصحيح المسارات السياسية دون ممارستها، وأن تحافظ على كلاسيكيتها الفقهية، مع الاهتمام بأمر الدولة والرعية، فما بعد زيارة بغداد ولقاء النجف سترتفع نسبياً حدة المواجهة بين النجف وطهران، خصوصاً أن الأولى مصرة على حماية المصالح الوطنية العراقية، فيما الثانية مصرة على تمرير مصالحة على حساب المصالح الوطنية العراقية، وهذا ما لن تمرره النجف التي كادت أن تضع العلم العراقي على الطاولة، أي جانب السيستاني أثناء استقباله الزائر الإيراني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النجف ـ طهران ورسائل المرجعية الواضحة النجف ـ طهران ورسائل المرجعية الواضحة



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 18:41 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

النادي القنيطري يحدد موعد جمعه العام نهاية الشهر الجاري

GMT 10:04 2017 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

شاطئ كابوتاش ذو الرمال البيضاء في أنطاليا التركية

GMT 09:36 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليدي غاغا تتألق في اللون الوردي أثناء ترويج ألبومها "جوان"

GMT 16:15 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

"نايل فاميلي" تعرض مسلسل "رياح الشرق" بعد خوضه سلسلة قضايا

GMT 10:48 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جبل الأولداغ في تركيا من أفضل الأماكن لممارسة رياضة التزلج

GMT 09:42 2017 الجمعة ,10 شباط / فبراير

نيكول سابا تبدو مثيرة في أجدد جلسة تصوير لها

GMT 14:31 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة المستشارة البرلمانية فاطمة أيت موسى

GMT 11:50 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

"سيشيل" لؤلؤة المحيط الهندي تضم 115 جزيرة من الجرانيت والمرجان

GMT 09:04 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya