الحكيم وإعادة التأسيس بشروط عراقية

الحكيم وإعادة التأسيس بشروط عراقية

المغرب اليوم -

الحكيم وإعادة التأسيس بشروط عراقية

بقلم - مصطفى فحص

في مشهد التحولات العراقية، يستكمل الزعيم العراقي السيد عمار الحكيم رسم لوحة التشكيل العراقي، يضيف إليها حيوية جديدة، لذلك لا يُخفي هدفه في البحث عن مستقبل جديد بشروط وطنية، وتقديم خطاب متصالح مع الماضي، قادر على استيعاب الحاضر. ولأجل تحقيق غايته إعلان تمرّدِه على رفاق النضال المصرّين على الإقامة الدائمة في الماضي. ففي لحظة سياسية دقيقة، اقتنع الحكيم بأن قدامى المحاربين من قيادات المجلس الأعلى الإسلامي غير راغبين في استيعاب التحولات الثقافية والسياسية داخل مجتمعاتهم، ما دفع الزعيم الشاب إلى اتخاذ خطوات جريئة وشجاعة، تمثل انتقالاً سياسياً تأخر 14 عاماً، انتقالاً يراه العارفون بالشأن الشيعي العراقي أشبه بانقلاب على السرديات التقليدية للتيارات الإسلامية العقائدية، وشعاراتها التي لم تعد تجد طريقها إلى آذان العراقيين، خصوصاً بعد فشلها الذريع في بناء الدولة بعد تسلمها السلطة سنة 2003.

ففي مرحلة تحولات فعلية، ما بين تحرير المُوصل ودعوته إلى مصالحة وطنية شاملة، وانفتاح عربي على العراق، اختار السيد عمار الحكيم مغادرة المجلس الأعلى، والإعلان عن تأسيس «تيار الحكمة الوطني»، كاشفاً عن قناعته بأن الأهداف التي أُسس من أجلها المجلس الأعلى في إيران، 17 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1982، لم تعد تناسب العراق في 24 (تموز) 2017، كما أن عراق 2017 لم يعد يشبه عراق 2003، الذي بدأ يخرج من الإطار الطائفي المغلق إلى الفضاء الوطني المنفتح على الجميع، حيث أشار السيد الحكيم إلى أن «الوصول إلى كتلة وطنية عابرة للطائفية حلٌّ يتماشى مع طبيعة المرحلة».

الأزمة بين السيد عمار الحكيم وقيادة المجلس التاريخية بدأت تطفو على السطح قبل عام تقريباً، عندما أعلن الحكيم عن تشكيل «تجمّع الأمل»، وهم كتلة شبابية داخل المجلس، وعن نيته إشراكهم في صناعة القرار داخل المجلس، ما أثار حفيظة قيادات الصف الأول، التي عبرت عن امتعاضها علانية من تصرفاته، واتهمته بالتفرد في اتخاذ القرارات، وبالخروج عن الثوابت التاريخية للمجلس، وإضعاف دوره من خلال اعتماده على جيل جديد لا يملك الخبرة الكافية لإدارة المرحلة، حيث اعتبر الوزير باقر جابر الزبيدي أن «تشكيل ما يسمّى تجمّع الأمل داخل المجلس الأعلى غير مرغوب فيه من أغلب قيادات المجلس»، رافضاً منحهم عضوية المجلس.

وعليه، حاولت قيادة المجلس إدانة الحكيم، باعتبار أنه لم يستمع إلى نصائح الإخوة في الجمهورية الإسلامية، حيث كشف الوزير الزبيدي، في تصريح لصحيفة «إيلاف» الإلكترونية، أن الحكيم لم يستمع إلى نصائح المرشد الإيراني السيد علي خامنئي بالبقاء داخل إطار المجلس، كما اتهمه السيد جلال الدين الصغير، وهو من أنصار ولاية الفقيه، بأنه لم يلتزم نهج المؤسس المغفور له الراحل السيد محمد باقر الحكيم، غامزاً من قناة الحكيم بسبب قراره استبدال تسمية الكتلة البرلمانية من «شهيد المحراب» إلى «كتلة المواطن»، واقترابه من التيارات المدنية والعلمانية وبعض اليسارية، وإشاراته إلى إمكانية التحالف معها في الانتخابات المقبلة.

في المقابل، تمكن السيد عمار الحكيم من إقناع 17 عضواً في المكتب السياسي للمجلس، من أصل 21، بالانضمام إلى تيار الحكمة، كما انضم إليه 22 نائباً، من أصل 29، يشكلون كتلة المجلس داخل البرلمان، إضافة إلى أن 90 في المائة من كوادر المجلس وجمهوره هم أقرب إلى تأييد خطواته، الأمر الذي سيتسبب في إرباك كبير داخل أروقة ما تبقى من المجلس الأعلى حول كيفية إدارته، خصوصاً على أبواب انتخابات نيابية مفصلية العام المقبل. فالمجلس الذي كان يضم منظمة بدر لم يحصل إلا على 16 مقعداً في الانتخابات النيابية سنة 2009، بحجم 530 ألف صوت، وفي الانتخابات المحلية سنة 2013، وبعد انفصال بدر، حصل على 750 ألف صوت، أما في الانتخابات البرلمانية سنة 2014، فقد ارتفعت قدرته التجيرية إلى مليون و250 ألف صوت، حيث حصل على 29 مقعداً نيابياً.

والجدير ذكره أيضاً أن طهران ضغطت من أجل منع وصل القيادي المدني في المجلس د. عادل عبد المهدي إلى رئاسة مجلس الوزراء سنة 2005، على الرغم من أن الدعاية كانت تعتبر أن المجلس الأعلى مشروع إيراني للسيطرة على السلطة في العراق، إلا أن طهران فضلت حينها نوري المالكي.

تراقب طهران بقلق رغبة السيد الحكيم في تحقيق تمايزه عمن سبقه في قيادة المجلس، وعن قياداته الحالية، بالميل إلى إعادة التأسيس للحياة السياسية بما يناسب مصالح العراق الوطنية والإقليمية، خصوصاً أن عمار الحكيم النجفي قادر على مصالحة البرجوازية الشيعية البغدادية، واستيعاب الطبقة الوسطى في مدن الجنوب والوسط، المستاءة من الهيمنة الإيرانية، التي تجمع في تكوينها بين العروبة والتشيع... وللحديث صلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكيم وإعادة التأسيس بشروط عراقية الحكيم وإعادة التأسيس بشروط عراقية



GMT 04:10 2017 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

هل يثق العرب فى بعضهم؟

GMT 05:22 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

من قتل ناجي العلي؟

GMT 05:19 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

جلب وليد الكردي.. وقرار الثلاثاء المفاجىء

GMT 05:17 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

لا تقل هذا خطأ وتصمت قل لنا ما هو الصواب

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya