شراكة روسية ـ إيرانية من درعا إلى البادية

شراكة روسية ـ إيرانية من درعا إلى البادية

المغرب اليوم -

شراكة روسية ـ إيرانية من درعا إلى البادية

بقلم - مصطفى فحص

تتعرض منطقة درعا جنوب سوريا منذ أسبوع تقريبا إلى هجوم عسكري هو الأعنف منذ بداية الثورة السورية، حيث يحاول نظام الأسد مدعوماً من الميليشيات الإيرانية براً والطيران الروسي جواً الدخول إلى منشية درعا، وفي حال استطاع النظام تحقيق هدفه في المنشية يكون قد نجح في تقسيم درعا إلى جهتين شرقية وغربية، وتمكن من الوصول إلى معبر نصيب على الحدود مع الأردن. ففي معركة المنشية يحاول الأسد تكرار تجربته في السيطرة على مدينة حلب، عندما تمكن من خلال الدعم الروسي - الإيراني اللامحدود من السيطرة على منطقة الكاستيلو الحيوية، والانتقال بعدها إلى اتباع استراتيجية الهجمات المكثفة على جبهات محدودة، حيث نجح حينها في تحقيق عمليات القضم التدريجي للمناطق، ما أدى إلى إضعاف المعارضة في حلب، وكانت خطة القضم أحد العوامل في خسارة المدينة التي تعرضت إلى واحدة من أعنف المعارك التدميرية، عندما طبقت موسكو نموذج العاصمة الشيشانية غروزني عليها، ورغم تفوق الآلة العسكرية للنظام في معركة درعا، فإن المعارضة في الجبهة الجنوبية أكثر تنظيماً وتخضع فصائلها لغرفة عمليات موحدة، ما يعزز احتمال قدرتها على الصمود، الأمر الذي سيتسبب بخسائر كبيرة للمهاجمين، وهذا ما بدأت نتائجه تظهر بعد فشل أغلب محاولات الميليشيات الإيرانية تحقيق أي تقدم نوعي، حيث تؤكد المعلومات الميدانية الأخيرة سقوط 15 مقاتلاً من «حزب الله» اللبناني، الذي يمثل رأس الحربة الإيرانية في معركة الجنوب السوري، من أجل فرض نفوذها الإقليمي، في ظل تردد المجتمع الدولي في مواجهتها، رغم إدراك الدول الإقليمية لمخاطر انتصار النظام، والذي سيفتح الأبواب أمام صراعات أضخم وحروب أوسع، وإما أن تقر الأطراف الإقليمية المعنية بالمنطقة بالمتغيرات التي أحدثها الانتصار الروسي - الإيراني والتعايش معه.

ميدانياً، بات التقدم في درعا ضرورياً بالنسبة لإيران وروسيا بالتزامن مع استعداداتهما لخوض معركة السيطرة على شرق سوريا، والتي تتطلب منع فصائل المعارضة من السيطرة على البادية السورية، لكي تؤمن الطريق أمام الميليشيات الأسدية والإيرانية في الوصول إلى مناطق وسط وادي الفرات حتى مدينة دير الزور، حيث تتسابق الأطراف كافة لانتزاعها من «داعش». ففي الطريق إلى دير الزور يواجه حلفاء النظام معضلة النقص في الكثير من الإمكانيات، من أجل تأمين السيطرة على المناطق الشاسعة التي تتحرك فيها المعارضة بسهولة، حيث تقاتل وحداتها في المثلث الممتد من (شرق السويداء، التنف، البادية) ويتفرع منه جبهات جنوب البوكمال، شمال التنف والقلمون الشرقي، ويوجد في داخل هذا المثلث 3 مطارات عسكرية تابعة للنظام هي (تيفور، الضمير، السين) وتصل إليها الإمدادات عبر أوتوستراد دمشق - حمص ومن تدمر، فما يجري في منطقة البادية هو تطبيق حرفي لما ورد في إعلان القيادة العسكرية الروسية في قاعدة حميميم منتصف الشهر الفائت أن سلاح الجو الروسي، بالاشتراك مع من وصفتهم بالخبراء العسكريين الإيرانيين سيقومون بمساعدة قوات الأسد في المعارك التي ستخوضها شرق سوريا وفي السيطرة على طريق دمشق - بغداد، وذلك للحؤول دون تشكيل منطقة عازلة تسيطر عليها المعارضة السورية بغطاء وحماية أميركية.

لم تحترم موسكو ومعها طهران اتفاقية خفض التوتر التي وقعت إلى جانب تركيا في آخر جولة من مفاوضات آستانة، وهما مستمرتان في تقديم التغطية الجوية والخدمات الميدانية للأعمال العسكرية التي تقوم بها ميليشيات النظام والميليشيات الإيرانية ضد فصائل الجيش الحر في مناطق الغوطة الشرقية، آخر معاقل الثوار في ريف دمشق، رغم كونها ضمن مناطق خفض التوتر إضافة إلى درعا، حيث جرى الاتفاق بين الدول الثلاث الراعية، على أن تكون هذه المناطق خارج مجال الأعمال العسكرية للقوى والفصائل كافة. هذا التعنت الإيراني الروسي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصير اتفاقية خفض التوتر، إضافة إلى جدوى مشاركة المعارضة في الجولة الجديدة من المفاوضات في آستانة، والمرجح أن تعقد منتصف الشهر الحالي أو ما بعد عيد الفطر في أبعد تقدير، بحيث لم يعد مستبعداً أن تتعرض المعارضة إلى انتكاسة عسكرية على هذه الجبهات خصوصاً في درعا، ما يدفع إلى السؤال عن مدى الاستمرار في الرهان على موسكو وإمكانية قبولها بحل سياسي يراعي مطالب الشعب السوري، فيما هي مصرة على تنفيذ أجندتها بالقوة من خلال التأكيد على تحالفها مع إيران والحفاظ على الأسد، رغم بعض مظاهر الامتعاض التي تصدر عنها بين فترة وأخرى تظهر تمايزها عن طهران وعدم تمسكها بالأسد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شراكة روسية ـ إيرانية من درعا إلى البادية شراكة روسية ـ إيرانية من درعا إلى البادية



GMT 13:21 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

معركة اللبنانيين لبناء جمهورية يستحقونها

GMT 14:11 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

العراق... ثلاثية الجيش والشعب والمرجعية

GMT 12:10 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران بين الصبر الاستراتيجي والاقتصاد المقاوم

GMT 06:11 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

GMT 05:17 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان... الطريق إلى الجمهورية الثالثة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya