من حقوق المسيحيين إلى حقوق اللبنانيين

من "حقوق المسيحيين" إلى حقوق اللبنانيين

المغرب اليوم -

من حقوق المسيحيين إلى حقوق اللبنانيين

بقلم - خير الله خير الله

يريد هذا الجيل حكومة ترفض الحلف الذي يجمع بين التجارة بالقدس وشعارات "المقاومة" و"الممانعة" وبين المتاجرين بحقوق المسيحيين.

جديد لبنان، بكل بساطة، أنّ هناك جيلا شابا يرفض استمرار النظام القائم الذي قام على تحوير اتفاق الطائف وإلغاء مضمونه وتطبيقه على الطريقة السورية ثم الإيرانية. تبيّن أن هذا النظام غير قابل للحياة بعدما أثبت أن ليس لديه حلول لأي مشكلة يعاني منها البلد وأنّه وريث حقيقي لنظام الميليشيات الذي خلفته الحرب الأهلية.

لن يدخل معك هذا الجيل اللبناني الجديد في نقاش يتناول المسؤوليات عن سبب وصول البلد إلى حافة الانهيار المالي. على الرغم من ذلك كلّه، يمكن اعتبار أبناء هذا الجيل رمزا للصمود في وجه كل ما تعرّض له البلد منذ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم في العام1969، وما تلا ذلك من مآس وصولا إلى الوضع الراهن الذي بات “حزب الله” يختار فيه من هو رئيس الجمهورية المسيحي. يفرض الحزب أيضا القانون الانتخابي الذي لا بدّ من اعتماده للإتيان بأكثرية تفرض تشكيل حكومة لا مكان فيها لفريق عمل متجانس يعرف معنى ما يدور في العالم وكيف حماية لبنان من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وأدواتها وأذرعها.

    التخلّص من الشعارات الطنانة من نوع “تحرير القدس” ومن نكتة اسمها “حقوق المسيحيين” وإحلال حقوق اللبنانيين مكانها خطوة كبيرة إلى الأمام في لبنان

يبدو أن هذا الجيل يبحث عن حلول للمشاكل الآنية، من قضاء على البطالة، إلى الماء والكهرباء والنفايات والفساد على كلّ المستويات وما هو مرتبط بكلّ هذه المواضيع. يبحث هذا الجيل عن حلول عن طريق مدخل طبيعي هو حكومة محايدة ذات هموم لبنانية. حكومة لا تريد تحرير القدس ولا تريد العمل من أجل استعادة حقوق المسيحيين. حكومة تريد استعادة حقوق اللبنانيين. حكومة ترفض الحلف الذي يجمع بين التجارة بالقدس وشعارات “المقاومة” و”الممانعة” وبين المتاجرين بحقوق المسيحيين، علما أن الحقّ في ذلك ليس على المتاجرين بهذه الحقوق بمقدار ما أنّه على العدد الهائل من المسيحيين الذين يعتقدون أن لديهم حقوقا انتزعت منهم. لا يدري هؤلاء أن هذه الحقوق لا وجود لها إلّا في عقول مريضة لا تريد الاعتراف بأنّ من هجّر أكبر عدد من المسيحيين من لبنان في العامين 1989 و1990 كان من افتعل حربي “الإلغاء” و”التحرير”، وكانتا حربين على المسلمين ثمّ على المسيحيين الآخرين…

هناك طاقم سياسي يرفضه الجيل الشاب الذي نزل إلى الشارع وباشر ثورة حقيقية ليس معروفا ما الذي ستكون عليه نتائجها وإلى أين ستوصل لبنان. كلّ ما هو معروف أنّها ثورة حقيقية يعبّر من خلالها الشباب اللبناني عن رفضه للمذهبية والطائفية وحلف الأقلّيات وعن وجود رابط ما زال يجمع بين اللبنانيين.

كلّ ما يمكن قوله أيضا إنّ هذه الثورة يمكن أن تخمد مؤقتا ولكن لا مجال لوقفها في المدى الطويل. هذا عائد إلى أنّها ثورة عميقة أكدتها الشعارات التي خرج بها الذين نزلوا إلى الشارع. أطلق هؤلاء شعارات تجاوزت كل السياسيين في وقت يعتقد الزعماء التقليديون، من حسن نصرالله، إلى ميشال عون، مرورا بالآخرين، بما في ذلك معظم الزعماء السنّة، أن شيئا لم يتغيّر في لبنان.

ما حدث أن الشباب الشيعي لم يعد تهمّه “المقاومة”، فيما الأهل سئموا من ترديد الشعارات الفارغة التي تغطي الرضوخ لـ”حزب الله” ومشيئته. هذا ما ظهر جليّا قبل نحو شهرين عندما أعلن “حزب الله” أنّه سيضرب في الداخل الإسرائيلي ردّا على غارة استهدفت عناصر له في داخل الأراضي السورية. كان ردّ الناس العاديين في جنوب لبنان بدء النزوح في اتجاه مناطق أخرى. ليس هناك من يريد الصمود وتحمّل ما تحمّله في الماضي. هناك من يتذكّر حرب صيف 2006 وما أتت به من ويلات على لبنان واللبنانيين وعلى أهل الجنوب تحديدا.

فاجأ الشباب اللبناني الجميع وذلك على الرغم من التعتيم على ما يجري في جنوب لبنان وعلى الرغم من القمع الذي يتعرّض له كلّ من تجرّأ على تحديد مواقع الفساد والأشخاص الذين امتهنوا “التشبيح” والاستيلاء على موارد الدولة بكل الوسائل الممكنة.

هناك جديد يولد من رحم ثورة الشباب اللبناني. ما ينقص حاليا ليس حماسة الشباب إلى التغيير بمقدار ما أن الحاجة إلى بلورة مشروع سياسي انطلاقا من حكومة جديدة. يمكن لهذه الحكومة إثبات أنّ في لبنان رجالا مؤهلين فعلا لاستعادة حقوق اللبنانيين بعيدا عن الحسابات الإيرانية والسورية وحسابات الوصول إلى رئاسة الجمهورية بسلاح “حزب الله” واللعب على وتر حقوق المسيحيين.

سيعتمد الكثير على النقلة النوعية التي ستتحقق في حال تشكيل حكومة جديدة تضم كفاءات. لا ينقص لبنان الرجال الذين حققوا نجاحات في ميادين معيّنة، لكنّه اختار، للأسف أسوأ نوع من الوزراء لإدارة شؤون البلد في إحدى أدقّ المراحل التي يمرّ فيها منذ الاستقلال.

    يبدو أن هذا الجيل يبحث عن حلول للمشاكل الآنية، من قضاء على البطالة، إلى الماء والكهرباء والنفايات والفساد على كلّ المستويات وما هو مرتبط بكلّ هذه المواضيع

آن أوان انطلاق الثورة إلى آفاق جديدة يكون البحث فيها عن خطوات واقعية مطلوب الإقدام عليها بعيدا عن عقد الماضي من نوع الخلاف على بيان وزاري يناسب “حزب الله” المصرّ على صيغة “الشعب والجيش والمقاومة” وذلك لتبرير الاحتفاظ بسلاحه غير الشرعي الذي ليس سوى وريث السلاح الفلسطيني.

هناك أيضا تحديات أمام الثورة اللبنانية وأمام الذين نزلوا إلى الشارع مطالبين بأبسط حقوقهم. لعلّ التحدي الأوّل يتمثّل في تحديد الخطوات الواقعية التي لا تراجع عنها. المدخل حكومة جديدة على رأسها من يستطيع التعاطي مع القوى العربية والدولية القادرة على التأثير في تحسين وضع الاقتصاد ومنع الانهيار، أي القوى التي تستطيع مساعدة لبنان على تفادي السقوط ضحية العقوبات الأميركية على إيران و”حزب الله”.

الأكيد أن التخلّص من الشعارات الطنانة من نوع “تحرير القدس” ومن نكتة اسمها “حقوق المسيحيين” وإحلال حقوق اللبنانيين مكانها خطوة كبيرة إلى الأمام في لبنان. من هذا المنطلق، يبدو ضروريا البحث عن الخطوة التالية التي تمرّ حتما بحكومة متجانسة معقولة ومقبولة لا يكون فيها شخص مثل جبران باسيل ومن على شاكلته؟

في كلّ الأحوال، دخل لبنان مرحلة جديدة، خصوصا بعدما تبيّن أن لا عودة إلى الماضي القريب الذي فرض تشكيل حكومة مثل الحكومة المستقيلة التي كانت برئاسة سعد الحريري. الثابت أن سعد الحريري نفسه يدرك ذلك وأن التغيير العميق بدأ. إذا لم يحصل هذا التغيير العميق الآن، سيحصل في مرحلة لاحقة. هناك بكل بساطة تجاوز لما كان يعتبر في الماضي ثوابت لبنانية، بما في ذلك الانتماء إلى الطائفة بدل الانتماء إلى لبنان. هل يولد لبنان من جديد، أم يتولى القضاء عليه وعلى الأمل بعودته إلى الحياة ذلك التحالف المشين القائم بين المتاجرين بـ”المقاومة” وبـ”حقوق المسيحيين”؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حقوق المسيحيين إلى حقوق اللبنانيين من حقوق المسيحيين إلى حقوق اللبنانيين



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 08:22 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

الحقد الاسود

GMT 18:19 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

اعتداءات حول العالم على المسلمين

GMT 14:02 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الشرطي الشاعر

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:03 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج السرطان

GMT 04:05 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على طريقة صنع "مزيل العرق" بدون مواد كيميائية

GMT 18:58 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

شالكة يقرر استبعاد ماير حتى نهاية الموسم الجاري

GMT 05:53 2018 الجمعة ,23 آذار/ مارس

أجمل موديلات خواتم الخطوبة لربيع وصيف 2018

GMT 17:08 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

حقيقة وجود مواد كيميائية داخل ''شاي'' في المغرب

GMT 04:34 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

بيّنوا أنّ الآلات تمتلك الأفضلية في الخضوع لمساءلة البشر

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 18:01 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جمعية سلا يُشارك في كأس القارات بعد فوزه باللقب الأفريقي

GMT 02:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

محلات "DISTINGUE" تكشف عن مجموعة جديدة من الفساتين السواريه

GMT 21:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

هشام اللويسي مرشح لمهمة مدرب مساعد في الاتحاد البيضاوي

GMT 21:25 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

جواد الياميق يعود إلى تدريبات الرجاء بعد 10 أيام

GMT 11:07 2015 الجمعة ,03 إبريل / نيسان

السطو على محل تجاري في شارع بلجيكا طنجة

GMT 17:07 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

انخفاض متوقع لأسعار المنازل في كوريا الجنوبية عام 2017
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya