مازال للعدالة صوت

مازال للعدالة صوت

المغرب اليوم -

مازال للعدالة صوت

توفيق بو عشرين

ألغت ثاني أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي قرار إدراج حركة المقاومة الإسلامية حماس على قائمة الإرهاب، في 23 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، وقالت المحكمة: «إن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي عندما وضعوا حركة حماس على قائمة الإرهاب وجمدوا أرصدتها وأوقفوا العلاقات معها، فعلوا ذلك خارج القانون، ودون التقيد بالإجراءات المعتمدة في قوانين الاتحاد لتصنيف حركة ما على أنها إرهابية، وأن الاتحاد اعتمد على افتراضات ترددت في وسائل الإعلام والأنترنت حول نشاط حماس، واتجه إلى وضعها على قائمة الإرهاب وهذا لا يصح». وجوابا عن سؤال وجهه دفاع حماس إلى قضاة المحكمة يقول: «هل اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية يجب أن تستند إلى لائحة أمريكية دون تدقيق ودون فحص؟»، قالت المحكمة: «وجود منظمة ما على لائحة الإرهاب الأمريكية ليس دليلا ولا موجبا لوضع هذه الحركة على قائمة الاتحاد. المفروض أن يرتكز هذا الأخير على تحقيقات مستقلة ومعطيات ثابتة وعناصر مؤكدة لكي يتخذ قرارا مثل هذا».

حماس فرحت بهذا الحكم، وقال الناطق الرسمي باسمها: «هذا يوم نصر للشعب الفلسطيني»، ورئيس الوزراء العنصري بنيامين ناتنياهو غضب من القرار، ووجه مكتبه أمرا عنجهيا إلى الاتحاد الأوروبي يطلب منه إعادة إدراج حماس على قائمة الإرهاب …

ما هي دلالات هذا الحكم وهذا الجدل القانوني والسياسي والإعلامي؟

أولا: هذا الحكم يكشف استقلالية السلطة القضائية في أوروبا عن السياسات المتبعة في الاتحاد، ويكشف أن جل القضاة، مهما كانت ميولهم واتجاهاتهم وثقافاتهم، فإنهم أمام الملفات، وحتى أكثرها حساسية، يطبقون القانون، ولا يهتمون بالخط الدبلوماسي لبلدانهم ولا حتى بالمصالح العليا لدولهم، ولا بالضغوط التي يمارسها اللوبي الصهيوني، وهو الأكثر قوة في أوروبا. هذا درس لجل قضاتنا الذين يصابون بالرعب عندما تعرض عليهم ملفات حساسة تكون السلطة طرفا فيها، ويبدؤون في البحث عن الإشارات عندما لا تتحرك هواتف التعليمات التي تملي عليهم الأحكام، فيما هم يجتهدون في تعليلها وتطريزها بنصوص القانون المنتقاة. رفع حركة حماس من قائمة الإرهاب حكم سيزلزل الحكومات، وسيقوي الحركات المناهضة للصهيونية، وسيحرج إسرائيل أكثر أمام العالم، ومع ذلك لم يتردد القضاة في تحكيم ضمائرهم وهم يعرفون أن اليمين الصهيوني سيهاجمهم وسينتقدهم، وسيبحث في ملفاتهم، حتى الشخصية منها…

ثانيا: حكم المحكمة الأوروبية هو بمثابة وخز إبرة في رأس الاتحاد الأوروبي سينبه مؤسساته وإعلامه ورأيه العام إلى أن الجري وراء أمريكا مخاطرة كبيرة، وأن اعتبار كل ما تفعله واشنطن زبورا يجب اتباعه أو تقديسه أمر سيورط الاتحاد في قضايا معقدة ومحرجة. القرار الأمريكي تجاه العرب وتجاه الشرق الأوسط وتجاه المقاومة الفلسطينية مختطف منذ مدة من قبل اليمين الصهيوني المسيحي، الذي يمتلك لوبيا قويا في أمريكا، وهو من يملي أغلب التوجهات الاستراتيجية على الإدارة الأمريكية في هذا النزاع وهي توجهات تخدم إسرائيل وفي أحيان كثيرة تسئ إلى أمريكا نفسها (حكى لي مسؤول دبلوماسي كبير عن فحوى لقاء للراحل الحسن الثاني مع جورج بوش الأب في التسعينيات، وكان هذا الأخير قد زار المغرب عقب خسارته الانتخابات أمام بيل كلينتون، وكان هذا الأخير آنذاك شابا شبه مغمور فاز على رئيس سابق ومدير وكالة مخابرات سابق. فسأل الحسن الثاني بوش: «كيف خسرت انتخابات الرئاسة أمام شاب الساكسفون وأنت من أنت.. رئيس ربح حرب الخليج الأولى وانهار في عهده الاتحاد السفياني، وبسطت أمريكا معه نفوذها على العالم؟»، فرد بوش الأب بمرارة: «إنهم اليهود يا صاحب الجلالة، لم يغفروا لي أنني أجبرتهم على الدخول إلى مؤتمر مدريد للسلام، ولم يغفروا لي أنني جمدت ضمانات القروض لإسرائيل بمقدار 10 مليارات دولار»).

ثالثا: محكمة الاتحاد الأوروبي قالت في حيثيات الحكم إن مؤسسات الاتحاد، وهي من هي، تأثرت بما نشر في وسائل الإعلام والأنترنت حول حماس، وإنها اتخذت قرار وضعها على لائحة الإرهاب دون تمحيص ولا تدقيق. هنا نسطر بالبنط الأحمر تحت جملة «تأثير ما ينشر في وسائل الإعلام والأنترنت»، لنقول: إن قرارات كثيرة تتخذ في مؤسسات كبرى في أوروبا وأمريكا ودول أخرى من العالم تحت تأثير ما ينشر في وسائل الإعلام والأنترنت، والذي لم يفهم هذه الحقيقة إلى الآن فإنه يخسر وسيخسر الكثير، وهذا ليس معناه الدعوة إلى فرض الرقابة على ما يكتب ويقال في وسائل الإعلام، ولكن هذا معناه الانتباه إلى مفعول ما يكتب، واعتماد استراتيجيات للتواصل حديثة ومتطورة، والاهتمام بصورة البلدان والمؤسسات والحركات والسياسات في كل وسائل الإعلام الداخلية والخارجية، وعدم ترك المقعد فارغا للآخرين ليملؤوه بما شاؤوا …

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مازال للعدالة صوت مازال للعدالة صوت



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya