بلطجي بلباس دركي

بلطجي بلباس دركي

المغرب اليوم -

بلطجي بلباس دركي

توفيق بو عشرين

«غادي نشوه دين مك الموسخة… ماذا تحسبين نفسك أنت وسخة، هل تعتقدين أنك جميلة، أنت عاهرة وأنا سأنتقم منك، وسأشوه سمعتك، وغاندي نخلي دار بوك»… ترد الفتاة المعتقلة في سيارة الدركي وهي بلباس البحر وصوتها يرتجف من الخوف: «لا تسبني»، فيرد الدركي بسبها وسب أمها، فترد: «لا تسب أمي»، فيتمادى في الأمر وهو غاضب فيقول: «أسبك وأسب أمك فماذا أنت فاعلة؟»، تتراجع المسكينة إلى الوراء وتقول: «الله موجود»، وبجهالة ووقاحة سب الدركي البلطجي الله عز وجل، وقال لها: «أنا ذاهب إلى جهنم وسآخذك معي»…

هذا ليس مقطعا من فيلم يصور الشطط في استعمال السلطة، ولا مقطعا من قصة متخيلة.. هذا مشهد واقعي من الدار البيضاء لفيديو وضع حديثاً في قناة يوتيوب، وشاهده الملايين في ظرف قياسي وعلق عليه الآلاف، وقد صدموا من قسوة وشناعة وقلة تربية دركي يلبس البزة الرسمية، ويمثل الدولة والقانون والأخلاق والشرعية…

جل الذين علقوا على الشريط صدمهم فقط التعدي على الذات الإلهية وسب الدركي لله عز وجل، والواقع أن الله، جلت قدرته، لا يضره أن واحدا من عباده الضالين يسبه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، لكن الذي تضرر ويتضرر من تجاوزات السلطة وجورها هو البشر، وهو والحالة هذه تلك الفتاة البئيسة التي كانت ترتجف من الخوف في السيارة وهي عارية لأن الدركي اعتقلها من الشاطئ بتهمة حيازة المخدرات، ولم ينتظر أن يقول القضاء كلمته، بل مر لإهانتها وهي بعد مازالت في طريقها إلى مركز الشرطة…

من حق الدركي أو أي رجل سلطة أن يعتقل أي مشتبه فيه، ومن حقه أن يقدمه إلى العدالة لتقول كلمتها فيه، ومن حقه أن يستعمل القوة العمومية ليفرض سلطة القانون، ومن حقه أن يطلق حتى النار على أي مشتبه فيه يقاوم رجال السلطة أو يهم بالاعتداء عليهم، لكن كل ذلك تحت سقف القانون والمسؤولية وأخلاق رجل السلطة، أما سب المواطنين وإهانتهم وتمريغ كرامتهم في الوحل، وتهديدهم «بالفضيحة والشوهة» فهذا تعذيب واحتجاز وتنكيل وانتقام وفرض عقوبات أخرى خارج القانون…

الدركي استشاط غضباً عندما اعترضت امرأة على سلوكه (عقدة المرأة لدى رجل متخلف)، ولهذا قال لها: «ماذا تحسبين نفسك؟». هو لا يراها إلا أنثى، ولا يراها مواطنا له حقوق وعليه واجبات، وصاحبنا غضب أكثر لأن المرأة التي اعترضت على سلوكه بتفتيشها «امرأة فقيرة ولا تتوفر على قدر كبير من الجمال»، وهذه عقدة أخرى، ولهذا قال لها: «هل تظنين نفسك امرأة جميلة؟ أنت وسخة»، وزاد غضبه لكونه دركيا صاحب سلطة أكبر من الشرطة، ولهذا كان على الفتاة المشتبه فيها أن توفر له قدرا كبيرا من الاحترام والخوف والرهبة، لهذا قال لها: «أنتم ألفتم الضحك على الشرطة. أنا دركي ولست شرطيا»، ثم في الأخير عندما تغضب السلطة فلا حدود لعقابها ولا حدود لانتقامها، لا القانون والأعراف ولا التقاليد ولا الإنسانية ولا حتى الدين يقف أمامها، لهذا توعد الدركي البلطجي الفتاة المسكينة بسلاح الدمار الشامل عندما قال لها: «سأشوه سمعتك». لم يقل لها: «سأقدمك إلى القضاء ليقول كلمته فيك أو سأطبق عليك الفصل كذا، وأنا أكيف جريمتك».. لا أبدا مر إلى أقصى عقوبة، وتحول إلى حاكم بأمره وبين يديه السلط الثلاث الموجودة في هذه الأرض، وهي السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، اعتقلها وحقق معها، وكيف جريمتها، وأصدر الحكم، ومر إلى التطبيق، دون شعور بالذنب أو إحساس بالاعتداء على دولة القانون والشرعية وفصل السلط…

 وزير العدل والحريات فتح تحقيقا في النازلة، وننتظر النتائج لأن الشريط الذي سيجوب العالم سيعطي القاصي والداني فكرة واضحة عن تقدم حقوق الإنسان في المغرب، وعن مستوى التربية على قيم حقوق الإنسان لدى بعض أجهزة الأمن. الشريط يصلح مادة بيداغوجية للتدريس على ما لا يجب فعله عندما يعتقل شرطي أو دركي أو عسكري مواطنا كيفما كانت تهمته وكيفما كان جنسه وكيفما كان مستوى جماله…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلطجي بلباس دركي بلطجي بلباس دركي



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya