الوسام الثاني على صدر المخبر الأول

الوسام الثاني على صدر المخبر الأول

المغرب اليوم -

الوسام الثاني على صدر المخبر الأول

توفيق بو عشرين

السياسة الدولية تتقلب مثل فصول السنة، فيها شتاء بارد وصيف قائظ وربيع زاهر. الحزب اليميني الذي كان يحكم إسبانيا في 2002، وكاد يعلن الحرب على المغرب بسبب جزيرة صغيرة في المتوسط، والحزب الذي قال الملك محمد السادس عن زعيمه أثنار إنه فرانكاوي أكثر من فرانكو نفسه، هو الحزب الذي منحت الحكومة التي يقودها أول أمس مدير المخابرات المدنية «DST»، عبد اللطيف الحموشي، وسام الصليب الأحمر، وهو ثالث أرفع وسام في المملكة الإسبانية بعد الميدالية الذهبية والميدالية الفضية.

هذا ثاني وسام يحصل عليه «المخبر الأول للمملكة» بعد الوسام الملكي بدرجة ضابط الذي منحه إياه الملك محمد السادس سنة 2011، فلأول مرة في التاريخ المغربي يحصل مدير مخابرات على وسام ملكي وهو يمارس عمله.

الإسبان بدؤوا يتعلمون دهاء الدبلوماسية الفرنسية والأمريكية التي لا تحرص فيها باريس وواشنطن على التواصل مع وزارة الخارجية ورئيس الدبلوماسية فحسب، بل تتمددان لإقامة علاقات ودية مع الجهاز الإداري، ومع الشخصيات النافذة في النظام، ومع قوى المجتمع المدني…

لقد اعترف كاتب الدولة لشؤون الأمن في إسبانيا، فرانسيسكو مارتينز، بكفاءة الحموشي ومساعديه وإدارته، حيث قال: «إن أمن إسبانيا وأمن حدودنا ومكافحة الاتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب تعتمد بشكل كبير على التعاون الأمني مع المغرب»، وزاد قائلا، في حفل تسليم الأوسمة لمسؤولي المخابرات المغربية: «إن المغرب حليف كبير وبلد صديق، وإن علاقة الاستعلامات بين البلدين صارت نموذجا، وإن المملكتين تتبادلان المعلومات والبيانات في الزمن الحقيقي وذلك لمكافحة الشبكات الإرهابية».

إنها أوسمة مستحقة إذن، وهي جاءت لرد الجميل الذي تقدمه المخابرات المغربية لنظيرتها الإسبانية، من خلال جمع المعلومات وتحليلها واستعمالها للوصول إلى الخلايا النائمة والمستيقظة في الحرب المفتوحة على الإرهاب…

إن هذا الاحتفاء بالمخابرات المغربية من قبل مدريد سينزل كقطعة ثلج باردة على ظهر المخابرات الفرنسية التي لم تستطع حماية «صديق لها» في باريس جاءت الشرطة القضائية تبحث عنه في منزل السفير المغربي لتقديمه أمام القضاء للشهادة في ما نسب إليه من تعذيب مزعوم لفرنسيين من أصل مغربي.

إن هذا الوسام الأحمر على صدر «المخبر الأول للمملكة» يستدعي إبداء ثلاث ملاحظات سريعة حول دلالاته ومعناه.

أولا: توشيح صدر الحموشي وليس ياسين المنصوري من قبل إسبانيا مكافأة على التعاون الاستخباراتي بين الرباط ومدريد، معناه أن تحولا كبيرا طرأ على صلاحيات واختصاصات الأجهزة المغربية، فـ«DST» لم تعد تشتغل في حدود المغرب، بل صارت لها علاقات دبلوماسية مع الخارج، و«لادجيد» لم تعد تحتكر العلاقات مع أجهزة المخابرات الأجنبية، بل إن جزءا كبيرا من ملف «الإرهاب»، وهو أهم ملف على مكاتب مديري المخابرات حول العالم، تحول إلى «DST».

ثانيا: جهاز المخابرات المغربي صار له حضور دبلوماسي واستخباراتي مهم، وأصبح قادته يتواصلون مباشرة مع مخابرات دول أخرى، وهذا أسلوب «أنجلوسكسوني» جديد على المملكة، والمفروض أن تعلن الحكومة ميلاد مجلس الأمن القومي المغربي، المنصوص عليه في الدستور، لكي تتقاسم أجهزة المخابرات ما لديها من معلومات وبيانات وتحاليل وأخطار مع باقي القطاعات الوزارية الأخرى المعنية بالوضع الأمني والعسكري للبلاد، وألا تبقى الأجهزة الأمنية شبه مستقلة عن الحكومة والخارجية والدفاع وغيرها…

ثالثا: هذا الوسام الإسباني، وقبله الوسام الملكي، على صدر الحموشي تشريف وتكليف في الوقت نفسه. على جهاز المخابرات المغربي، الذي حقق نجاحات كبيرة في الفترة الأخيرة، وتمكن من إحباط عدد من العمليات الإرهابية، أن يحرص أكثر على صورته وسمعته، وأن يكون حساسا جدا إزاء مبادئ حقوق الإنسان واحترام ضماناتها في الدستور، وأن يبتعد قدر ما يستطيع عن التورط في الصراعات السياسية الداخلية وحسابات الضيقة. المخابرات جرس إنذار حساس واستراتيجي، ولا يجب أن ينشغل عن مراقبة وتتبع المخاطر المحدقة بأمن البلاد والمواطنين ومصالحهم وحرماتهم وسلامتهم… فهو ممول من أموال دافعي الضرائب وهو في خدمتهم كيفما كانت توجهاتهم وانتماءاتهم أو مواقفهم السياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوسام الثاني على صدر المخبر الأول الوسام الثاني على صدر المخبر الأول



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya