فيلم مرعب بلغة الضاد

فيلم مرعب بلغة الضاد

المغرب اليوم -

فيلم مرعب بلغة الضاد

بقلم - توفيق بو عشرين

جل دول العالم تطور أنظمتها السياسية، وتقترب كل يوم من طبعات جديدة من الديمقراطية والشفافية والحكامة ودولة الحق والقانون، وجعل سلطة من يحكم خاضعة لإرادة الناس. فالديمقراطية فيها عيوب كثيرة، لكنها أفضل نظام موجود اليوم على سطح هذه الأرض. في هذا الوقت الذي تتطور الشعوب الحية، وتصلح من مؤسسات الحكم العصري، يسهم العرب بنسخهم الرديئة في الحكم، وبعجائبهم غير المسبوقة في إخضاع شعوبهم وقهر مواطنيهم، وابتكار أساليب مضحكة في الالتفاف على مبادئ الديمقراطية والعدالة والإنصاف، وحرية الاختيار، وسلامة الاقتراع، وإشراك الشعب في انتخاب من يحكم، وإليكم هذه اللقطات السريعة من «مسلسل الابتكارات العربية» المسجلة حصريا في كتاب «غينيس» باسم العرب وبلغة الضاد.

عند جيراننا الجزائريين، بدأت الحملة لتجديد البيعة الخامسة لرئيس مقعد.. رئيس لا يتكلم ولا يتحرك ولا يسافر ولا يستقبل أحدا ولا يودع أحدا. بوتفليقة اليوم عاجز عن إدارة شؤون بيته، لكن النخبة الحاكمة في الجزائر متشبثة به لإدارة بلد من 34 مليون مواطن. ولكي يكمل المنافقون حفل التهريج السياسي، خرج رئيس حزب جبهة التحرير، بلا حياء، يقول إنه سيصوت لبوتفليقة ولو كان في القبر. وهكذا يستعد الجيران لخوض انتخابات الأشباح، حيث سيصوت الناس لمرشح في الإنعاش لإدخال البلاد إلى «الكوما».. إنها المشاركة الجزائرية في تطوير النسخة الجديدة لانتخابات الرئاسة في بلد المليون شهيد.


 
في مصر، لم يرَ «الرئيس الضرورة» فائدة في خوض انتخابات رئاسية مع متنافسين، حتى وإن كانوا لا يشكلون أي تهديد لسيادته، وفضل اعتقال كل من تسول له نفسه منافسة الجنرال الذي يحكم بالحديد والنار منذ أربع سنوات، وبهذا يبدع السيسي انتخابات جديدة بلا منافسين، مثل عداء يجري وحده في حلبة سباق مقفولة، ويطلب من الجمهور أن يحج إلى الملعب بكثافة، ليشهد انتخابات محسومة ينافس فيها السيسي عبد الفتاح. من قال إن المنافسة شرط في الانتخابات؟ هذه بدعة غربية لا تليق بأصالة ابن النيل حفيد الفرعون.

في السعودية، اكتمل مسلسل محاربة الفساد على طريقة محمد بن سلمان.. طريقة جديدة وسريعة وفعالة، بلا قانون ولا قضاء ولا مؤسسات ولا تحقيق ولا سين ولا جيم. كل ما في الأمر أن «ولي الأمر» أصدر، في الربع الأخير من الليل، قرارا بإفراغ فندق الريتز كارتون من السياح، وأن يوضع فيه مئات الأثرياء والأمراء بلا سابق إشعار، وطلب من الجميع التوقيع على شيكات بالملايير مقابل شراء حريتهم، وإلا سينقلون إلى سجون بلا نجوم، وقيل عن هذا الأسلوب إنه النسخة السعودية من محاربة الفساد، وإنما الأعمال بالنيات، أما القانون والمحاكم والتحقيق، وقرينة البراءة، وفصل السلط، واستئناف الأحكام، واستدعاء المحامين، وطلب الخبرة والخبرة المضادة… هذه بدعة من عمل الشيطان، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار… لقد جمع الشاب المغرم بريشة بيكاسو 100 مليار دولار في ثلاثة أشهر.. وعين الحسود فيها عود.

في سوريا، قتل ابن الأسد مئات الآلاف، ويتم مئات الآلاف، وشرد الملايين، ونفى الملايين، واستدعى إيران وروسيا وحزب الله وعصائب الحق من العراق لقتال شعبه، والآن يقول ممثله في مفاوضات جنيف إن الدستور الجديد في سوريا لن يضعه أحد سوى الشعب السوري، ونسي أنه قتل وشرد ونفى أكثر من نصف شعبه، ومن بقي تحت سلطته فهو خائف على حياته، وسيان بالنسبة إليه أن يضع الجزار دستورا أم لا.

ليتصور قارئ هذه السطور أنه سويسري أو استرالي أو أمريكي أو دانماركي جالس أمام التلفاز، يشاهد هذا الفيلم الوثائقي حول «الخصوصية العربية»، أو بالأحرى «الحكم على الطريقة العربية».. ماذا سيقول عنا وهو يرى هذه الغرائب والعجائب لأمة تعيش بجسدها في القرن الواحد والعشرين، وتقاسم العالم كل أدوات التكنولوجيا الحديثة، فيما عقولها وثقافتها وسلوكها تنتمي إلى القرون الوسطى، التي لم يعد أحد يراها سوى في المتاحف أو في كتب التاريخ القديم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيلم مرعب بلغة الضاد فيلم مرعب بلغة الضاد



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya