لم يربح لكنه لم يخسر

لم يربح لكنه لم يخسر

المغرب اليوم -

لم يربح لكنه لم يخسر

بقلم - توفيق بو عشرين

“كانت جلسة باردة وبلا طعم تقريبا”، هكذا وصف عضو في الأمانة العامة الجديدة أول اجتماع لقيادة العدالة والتنمية تحت رئاسة الدكتور العثماني، الذي ورث عن بنكيران كرسي الأمانة العامة للمصباح، كما ورث عنه كرسي رئاسة الحكومة.

لا غرابة في الأمر، فالأمانة العامة تعزف اللحن نفسه، والطبيب ملأها بأنصاره وببعض الأصوات التي لن تزعجه، وإذا فعلت، فإن قانون التصويت جاهز لإسكات أي صوت يطرح أسئلة مصيرية حول أداء الحكومة أو أداء الحزب.

من هنا فصاعدا لن تصبح اجتماعات الأمانة العامة حدثا في الصحافة، ستصير اجتماعات المجلس الوطني أهم من اجتماعات الجهاز التنفيذي، لأن شعار العثماني هو: «ما نضرب ما نهرب.. ما قاد على فتنة»، كما قال الصحافي المجرب حميد برادة. العثماني خبير في رياضة المشي على البيض دون تكسيره، وهو يعتبر أن هذه هي السياسة، وهذا هو الإصلاح، وهذا هو التوافق، وهذا هو الممكن…

دعونا من العثماني الذي نتمنى له النجاح في مهمته الصعبة، حيث لا يساعده أحد، ولا هو يساعد نفسه، ولنلتفت إلى بنكيران الذي تصرف بذكاء وحكمة، وانسحب من قيادة الحزب حتى قبل عقد المؤتمر، إذ فهم أن نخبة الحزب أزالت عنه الشرعية، وأن جل عمداء المدن ومستشاري الجماعات وأعضاء الدواوين، وجزء مهم من البرلمانيين وجماعة التوحيد والإصلاح، قالوا له: «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون»، لا نريد اصطداما بالدولة، ولا احتكاكا بالسلطة، ولا شراسة في الدفاع عن الديمقراطية ومحاربة الفساد، والإعلاء من كلمة صناديق الاقتراع..

إذا كان إسلاميو مصر في السجون والمنافي، وإسلاميو تونس على هامش الحياة السياسية، وإسلاميو الخليج على قائمة الإرهاب، فإننا، إسلاميي المغرب، في نعيم نحسد عليه، وعلينا أن نردد جملة جبرون الذي قال: «إن الملك محمد السادس أعطى إسلاميي العدالة والتنمية أكثر مما كانوا يحلمون به»، وعليه، فما على إسلاميي المصباح إلا أن يقبلوا اليد التي أحسنت إليهم، وألا ينسوا من أين أتوا، ولا السياق الدولي الذي يحيط بهم. خلف الحسابات السياسية الضيقة، والخوف الذي ركب بعض قادة العدالة والتنمية، وجعلهم يبيعون «زعيمهم» في أول محنة تصادفهم، هناك اعتبارات فكرية وإيديولوجية لا بد من الانتباه إليها داخل الحزب الذي يخطف الأنظار بسلاسة حياته التنظيمية، ووجود قدر مهم من الديمقراطية الداخلية المرتكزة على صندوق الاقتراع، والتي لا توازيها صلابة سياسية، وعمق نضالي، والتزام فكري بالدفاع عن الشعب ومستقبل أبنائه… جل إسلاميي العدالة والتنمية، وبعدما قادهم بنكيران إلى المصالحة مع النظام، والقبول بالملكية، والتخلي عن مطلب إقامة الدولة الإسلامية، والدخول إلى العمل السياسي العلني والشرعي، ومغادرة سراديب العمل السري، تحولوا إلى ما يشبه «الطلبة» الذين يقرؤون القرآن في المقابر نهارا، ويتحلقون حول طاولات «الزردة» بعد صلاة العشاء، ويدلفون إلى فراش زوجاتهم الدافئ ليلا، معتبرين أن وجودهم بحد ذاته إنجاز، وأن ترديد خطب الوعظ والإرشاد حول الإصلاح كاف، وأن على الشعب أن يتبعهم، وإذا لم يشأ، فليبحث له عن بديل غير موجود…

حزب العدالة والتنمية ليس منسجما كما يسوق قادته، ولا متجانسا فكريا وسياسيا، ففيه «تيار الطلبة» التقليدي الذي لا يحمل أي نفس نضالي، ولا أي قناعة عميقة بالمعركة الديمقراطية، وبمسار بناء الدولة والمجتمع الحديثين، وهناك تيار سياسي آخر بنى وعيه السياسي في خصم الانتخابات، وفي وسط المعركة ضد التحكم، وابتعد عن التأثيرات التقليدانية لحركة التوحيد والإصلاح، التي تعتبر الدعوة هي الأصل، والسياسة مجرد فرع، في محاولة للفصل بين قيم الدين الإسلامي ومقاصده الكبرى والصراع السياسي حول تدبير السلطة والثروة والجاه. لم يربح بنكيران المعركة، لكنه لم يخسرها، بيده اليوم مكبر صوت كبير يمكنه أن يسمع من خلاله أفكاره ومبادراته وانتقاداته، وحتى مراجعاته هو مع نفسه ومع تجربته. لم ينتهِ دوره فوق مسرح السياسة، والذي سيساعده على ذلك ليس أحدا آخر غير العثماني نفسه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يربح لكنه لم يخسر لم يربح لكنه لم يخسر



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya