أصبت يا إمام وأخطأنا جميعا

أصبت يا إمام وأخطأنا جميعا

المغرب اليوم -

أصبت يا إمام وأخطأنا جميعا

بقلم : توفيق بو عشرين

هل تذكرون إمام مسجد غفساي، عبد الكريم أمغيل، الذي خصص خطبة الجمعة الأخيرة قبل السابع من أكتوبر الماضي للانتخابات التشريعية؟ هل تذكرون نصيحة إمام غفساي للأمة؟ وكيف أوصى ليس فقط سكان القرية البسطاء بل عموم المغاربة، فقال : «إياكم وإياكم أن تصوتوا للعدالة والتنمية، وإذا صوتم على ‘‘لامبا’’ سندخل جميعا السجن». لم ندخل إلى السجن، لكن البلاد كلها وضعت في الإقامة الجبرية، وها هي الأيام تمضي والأسابيع والشهور والبلاد بلا حكومة ولا برلمان ولا مؤسسات ولا حياة سياسية، وكل ما هو موجود أحزاب تتناقر مثل الديكة على لا شيء، وشعب غارق في اليأس.

هذا الإمام لم يكن يرجم بالغيب وهو ينصح أمة محمد (ص) في هذه البلاد بتجنب التصويت لبنكيران وحزبه، ولم يكن فضوليا يخرق القانون ويخلط الدين بالسياسة أبدا. الإمام كان عارفا ببواطن الأمور، قارئا جيدا لفنجان السياسة في المغرب، فهو يجمع بين الحسنيين (خطيب مسجد ومقدم يشتغل مع السلطة)، لهذا جاءت توقعاته أفضل من كل المحللين والصحافيين، وخبراء تلفزيون ميدي1 الأشاوس، الذين يتحدثون في كل شيء ويفتون في كل نازلة. وعليه، فحق للخطيب علينا أن نعتذر إليه، نحن الذين انتقدنا خطبته، واعتبرناها مسيئة للديمقراطية المغربية ولنزاهة الانتخابات، فالأيام كشفت صواب رأيه، وحكمته، وطول باعه في علم السياسة، ومزاج المخزن، ومذهب الدولة العميقة. ولا بد من إقناع القنوات الفضائية بالتعاقد مع إمام غفساي كمحلل استراتيجي وخبير سياسي لا يشق له غبار، فمن كان يتوقع منكم ما رآه الخطيب من على منبر الجمعة… الآن نعرف لماذا لم تعاقب اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات إمام غفساي، ولم تنزله عن منبر الخطابة في المسجد، فقد كان الحاج عبد الكريم ناطقا رسميا باسم السلطة، مكلفا بتحذير الناس مما سيقع، لكن لا حياة لمن تنادي، وها نحن الآن أمام ورطة ما بعد التصويت للعدالة والتنمية الذي فاز بـ125 مقعدا في البرلمان، فيما خَسِر المغرب الآلاف من مناصب الشغل والمليارات من الاستثمارات، وفوق هذا خسر سمعته في مجتمع الدول…

لو استمع الناس إلى الإمام، وأعطوا أصواتهم للجرار أو للحمامة، أو لأي مخلوق آخر، لما كانت هذه هي حالنا اليوم، حيث فشلت الدولة في إيجاد بديل لبنكيران، وفشل الأخير في إيجاد حلفاء في مشهد حزبي لا يختلف في شيء عن مسرح العرائس التي تتحرك وتسكن بفعل فاعل… هل رأيتم الأسبوع الماضي ثلاثة قادة حزبيين (لشكر والعنصر وساجد) يخرجون في الوقت نفسه، وبالعبارات والجمل نفسها، لتحميل بنكيران، وبنكيران وحده، مسؤولية البلوكاج، لأنه لا يعرف قواعد التفاوض، ويجهل تقنيات المشاورات، ولا يعرف كيف يتنازل عن كل شيء من أجل الكرسي، فيما اختار الزعيم الرابع (عزيز أخنوش) الحكمة الصينية القديمة، فاصدر بلاغا لا ذكر فيه لمسار تشكيل الحكومة، وكأنه غير معني بالأمر. لقد أصبح الملياردير يدير صراعه مع بنكيران بأسلوب التدبير المفوض، والآن فقط فهمنا لماذا يتشبث بإدريس لشكر في الحكومة، ولماذا قال للصحافة قبل أسابيع: «يصعب علي قبول دخول الحكومة دون الاتحاد الاشتراكي». السي عزيز يريد لسانا طويلا إلى جانبه للعب دور المعارضة في الحكومة، مادام مقعد المعارضة سيظل فارغا لخمس سنوات مقبلة، أما المصباح، فمازال، بدوره، يلعب مع الفرقاء لعبة القط والفأر، ولا يريد أن يجنح إلى الوضوح أكثر، ويصارح الناخبين بحقيقة البلوكاج وعقدة الحكومة، ويعلن استقالة بنكيران من حكومة محكوم عليها بالفشل حتى قبل أن تولد.

أقرؤوا تقرير البنك الدولي الأخير، الذي حذر من مخاطر انزلاق أكثر من 5.3 ملايين مغربي إلى هوة الفقر، بعدما استطاعوا في السنوات الأخيرة الابتعاد، نسبيا، عن خط الفقر. الآن يجدون أنفسهم مهددين بالرجوع إلى القاع الاجتماعي بسبب غياب مشاريع اجتماعية واقتصادية مدرة للدخل، وبسبب صعوبة حصول المقاولات الصغيرة على التمويل من الأبناك، التي لا تقرض المال النائم في خزائنها إلا للأغنياء وأصحاب المال والسلطة والقرار فقط، أما المقاولات الصغيرة فإنها محرومة من الادخار الوطني، وحالها مثل حال ذلك الذي يحصل على مظلة في الصيف ويُحرم منها في الشتاء.

هذه واحدة فقط من نتائج غياب الحكومة في بلاد كلها أعطاب، والباقي سنراه عما قريب إذا استمر هذا اللعب باستقرار البلد وبمقومات إدارته.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصبت يا إمام وأخطأنا جميعا أصبت يا إمام وأخطأنا جميعا



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya