على من تتلو مزاميرك يا داود

على من تتلو مزاميرك يا داود؟

المغرب اليوم -

على من تتلو مزاميرك يا داود

بقلم - توفيق بو عشرين

كل واحد يغني على ليلاه.. هذا هو حال الدخول المدرسي هذا العام. الوزير القادم من الداخلية إلى التعليم كل همه هو طلاء بعض جدران المدارس، والتحاق التلاميذ في الموعد المحدد، واعتماد هندام لائق للجميع داخل المؤسسة التربوية. الأسرة التعليمية همها الأول هو الانتقال من القرى إلى المدن، وخروج النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم، وإدماج المتعاقدين، وتحريك الحوار الاجتماعي الذي يعرف الجميع دفتر مطالبه.

هذا كل ما يوجد فوق طاولة الدخول المدرسي الجديد، فيما العائلات الفقيرة والمتوسطة تطلب من الله، وليس من الحكومة، أن يحصل أبناؤها على تعليم جيد أو متوسط يخولهم الحصول على وظيفة في المستقبل.

هذا فيما يشتكي مديرو المؤسسات العمومية من قلة الإمكانات، وندرة الصلاحيات، وضعف الإطار التعليمي، علاوة على النقص في عدد الأساتذة، وتفاقم ظاهرة الاكتظاظ في أقسام يصل معدل التلاميذ فيها إلى سبعين تلميذا -باعتراف رشيد بلمختار وزير التعليم السابق- فيما المعدل الذي يسعى إليه الوزير الجديد هو 44 تلميذا في فصل واحد.

11 ٪‏ من المغاربة وجدوا حلا نسبيا لمشكلة المدرسة العمومية، وذلك بنقل أبنائهم إلى المدارس الخاصة، واقتطاع نسبة كبيرة من أجورهم، وإعطائها للتعليم الخاص الذي يكبر يوما بعد آخر، والذي، رغم مشاكله، يبقى أفضل من التعليم العمومي الذي ينهار يوما بعد آخر. وحدها تكاليفه تزداد وتثقل ميزانية الدولة دون مردودية، وللأسف، لا أحد لديه الجرأة لفتح هذا الملف.

الوزارة تدير أكبر قطاع استراتيجي من العاصمة الرباط، ولا يريد مديروها الكبار التخلي عن الأسلوب المركزي في التدبير، وإشراك الجهات والمجالس المنتخبة والأكاديميات الجهوية في تدبير قطاع حساس مثل هذا. ميزانية التعليم، ورغم ارتفاعها، غير كافية اليوم لتوفير تعليم جيد، والحكومة عاجزة عن إيجاد موارد جديدة لتمويل صناعة المستقبل.

النقابات تحكم سيطرتها على القطاع، ولا يشغلها سوى ما تأخذه لا ما تعطيه، وأداتها الرئيسة في الضغط على الحكومة هي الإضراب عن العمل. جل الأساتذة لا يعطون من طاقتهم سوى 20 % في القسم، والأكفأ من بينهم يعطون أفضل ما عندهم في المدارس الخاصة، وفي الدروس الخصوصية. لا وجود لبرامج جدية لإعادة تكوين الأساتذة الذين يشتغلون بوسائل بدائية ومناهج قديمة، هذا إذا اشتغلوا. العائلات تعتبر أن مهمتها تنتهي في شتنبر عندما تدفع أبناءها إلى المدارس، وتشتري لهم كتب الدراسة، وتنتظر نهاية السنة لترى نقطا جيدة، دون متابعة للتلميذ طيلة العام الدراسي، ودون تفقده في المدرسة، ودون حوار مع الإدارة التربوية. التلاميذ أنفسهم لم يعودوا يعطون القيمة نفسها للمدرسة وللأستاذ وللإدارة وللقسم، وأدخلوا العنف والمخدرات والتمرد إلى وسط المدرسة التي أصبحت تفتقر إلى روح الانضباط، وإلى حكمة «كاد المعلم أن يكون رسولا».

المنظومة التربوية في المغرب مثل قطار خرج عن السكة، لا أحد قادر اليوم على مراقبته وتقييم أدائه، وكل وزير يأتي يحاول إدارة الأزمة لا حلها، والعبقري منهم يجرب وصفات جزئية ثم ينسحب ليأتي بعده وزير آخر يبدأ من الصفر، وهكذا تنتج المدرسة مزيدا من الفوارق الاجتماعية، وتحكم على أجيال بالإعدام قبل أن تحصل على فرصة لعيش أفضل.

والنتيجة المباشرة هي أن 300 ألف تلميذ يغادرون مقعد الدراسة دون الحصول على أي شهادة، ودون أن يتقنوا الكتابة والقراءة والحساب.

لندع الكلمة للأرقام لنعرف البيئة التي تحيط بالعملية التعليمية، والمصدر دراسة منشورة للمجلس الأعلى للتعليم حول البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلاميذ، وفيها نقرأ: 47 %‏ من تلاميذ التعليم العمومي يسكنون في منازل غير لائقة. 88 % من أمهات التلاميذ عاطلات عن العمل. ثلث آباء التلاميذ لم يحصلوا هم أنفسهم على أي تعليم، و55 % من أمهات التلاميذ أميات. 2 % فقط من مديري المدارس يصرحون بأنهم يتوفرون على تلاميذ ميسورين في مدارسهم، الباقي: 56 % فقراء، و42 % طبقة وسطى (بالتعريف المغربي). 44 % من التلاميذ لا يتوفرون في بيوتهم على كتب غير المقررات الدراسية. 36 % من تلاميذ الجذع المشترك يحصلون على دروس دعم وتقوية خاصة… 90 % من التلاميذ صرحوا بحاجتهم إلى دروس التقوية في اللغتين الفرنسية والإنجليزية والرياضيات. 20 % من التلاميذ يدرسون عند معلمين وأساتذة لم يتلقوا أي نوع من التكوين في المواد التي يدرسونها للتلاميذ، وهذه المواد هي: العربية والتاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء وعلوم الأرض! (يدرسون بالتيمم). 43 % من الأساتذة يرغبون في مغادرة المكان الذي يدرسون فيه، أي أنهم غير مرتاحين إما للمدينة أو القرية أو الحي أو المدرسة التي يشتغلون بها… 60 % من الأساتذة لم يستفيدوا من أي تكوين مستمر خلال الخمس سنوات الماضية… إعطاء مهمة إدارة المدارس والثانويات للإطار التربوي يتم فقط على أساس الأقدمية، و50 % من المديرين لا يتوفرون على سكن وظيفي (مدير مؤسسة بدون سكن داخلها لتتبع أحوالها عن قرب)، لذلك، 46 % من مديري المؤسسات التربوية يريدون تغيير مكان عملهم (حوالي النصف ماحملينش ظروف العمل.. ماذا ستكون مردوديتهم؟).58 % من الأساتذة يمضون وقتا طويلا في فرض الانضباط في القسم على حساب زمن التدريس. 56 % من التلاميذ لا يشعرون بالأمن في مدارسهم… نتوقف هنا، أما الدراسة فمازالت فيها أرقام صادمة، لكن، على من تتلو مزاميرك يا داود؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على من تتلو مزاميرك يا داود على من تتلو مزاميرك يا داود



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya