إنه يأكل الريع إلى إشعار آخر

إنه يأكل الريع إلى إشعار آخر

المغرب اليوم -

إنه يأكل الريع إلى إشعار آخر

توفيق بو عشرين

 أمس التحق السادة البرلمانيون بعملهم. الجلسة الوحيدة التي يحضرونها كلهم هي جلسة افتتاح البرلمان في دورته الخريفية، والسبب معروف.. لأن الملك هو من يفتتح البرلمان في سنته الجديدة. بعدها يغيب أكثر من نصف نواب الأمة عن جلسة التشريع، ولا يحضرون أشغال اللجان ولا الجلسات العامة. حتى عندما يعرض أهم قانون في السنة، وهو قانون المالية، فإن هؤلاء السادة البرلمانيين الكسالى لا يتجشمون عناء الحضور إلى البرلمان، لأنهم لم يترشحوا ليساهموا في التشريع، ولا ليراقبوا الحكومة، ولا ليدافعوا عن المصلحة الوطنية، ولا ليدعموا الممارسة الديمقراطية. أغلب سكان الغرفتين الأولى والثانية ترشحوا لخدمة مصالحهم الشخصية ومصالح بعض «زبنائهم» في الدائرة. إنهم صرفوا ملايين الدراهم من أجل التوفر على راتب 32 ألف درهم شهريا، وعلى بطاقة برلماني، وعلى صفة يدخلون بها إلى مكاتب الوزراء والولاة والعمال ومؤسسات الدولة والقضاء، وكذلك لاكتساب شيء من الحصانة والهيبة والعلاقات العامة التي تعود عليهم بالمنافع المادية والرمزية…

الأحزاب التي ترشح هؤلاء «البرلمانيين الأعيان» تعرف هذا، وتعرف أن جلهم أمي أو شبه أمي، وأنه لن يحضر إلى البرلمان سوى مرة واحدة في السنة باللباس التقليدي الأبيض ليستمع إلى خطبة الملك، ويصفق عند الضرورة، ثم يأكل الحلوى وينصرف إلى حال سبيله، وإذا أتيحت له الفرصة، فربما يلتقي وزيرا يسلمه ملفا خاصا أو طلبا عائليا، ثم يرجع إلى عمله ودائرته ومنزله…

ما الذي يبقي هؤلاء في البرلمان؟ أو لنقل: لماذا لا يمنع هؤلاء من دخول مؤسسة التشريع؟ الواقع أن هناك أطرافا أخرى غير مرئية تستفيد من هذا النوع من البرلمانيين، الذين يملؤون الكراسي ويخدمون استراتيجية أكبر مما يتصورون.

هناك، أولا، الأحزاب التي تسمى إدارية، والتي لم تنقرض إلى الآن، بل إن ما كان يسمى أحزابا وطنية هي نفسها صارت أشبه بأحزاب الإدارة. هذه الأحزاب لا تتعب نفسها بالنضال اليومي ولا بالتأطير السياسي المستمر، ولا بإقناع النخب، ولا بعناء وضع البرامج والخطط والقرب من الناس. كل هذا يكلف مالا وجهدا وفكرا وموارد بشرية. إنها تحصل على برلماني جاهز «prêt à porter»، يتوفر على المال أو الجاه أو هما معا. له ارتباطات مصلحية أو قبلية مع جزء من الساكنة أو مع السلطة، ويحصل على المقعد البرلماني بطرقه الخاصة، ولا يتعب الحزب في الرباط ولا قيادته بأي شيء. لا يعطي برنامجا ولا وعودا لناخبيه، ولا يهمه أن يكون الحزب في اليمين أو اليسار أو الوسط، إن كان هناك وسط أصلا… إن هذا النوع من البرلمانيين بمثابة «ريع سياسي» تقدمه الدولة لجل الأحزاب السياسية، وإذا انقطع هذا الريع بتغيير نمط الاقتراع أو التقطيع أو الإشراف على الانتخابات أو العتبة، فإن %80 من هذه الأحزاب ستنقرض، لكن ما هو المقابل الذي تحصل عليه «الدولة العميقة» من وراء هذا الريع المقدم للأحزاب؟

المقابل هو «إبقاء التجربة الديمقراطية هشة»، وإبقاء البرلمان مؤسسة ضعيفة حتى يبقى القرار الاستراتيجي بيد الدولة، وحتى تبقى الأغلبية مشتتة بين قبائل الأحزاب، وتبقى الحكومات مرهونة في يد من يضمن الأغلبية… لقد صارت الحكومات الائتلافية من الثوابت الدستورية في المغرب، إلى جانب الإسلام والملكية والوحدة الترابية، ولا أحد، اليوم أو غدا، يمكن أن يتجرأ ويطالب بنظام انتخابي يستطيع أن يفرز أغلبية واضحة تحكم، وأقلية واضحة تعارض، كما في الديمقراطيات الحقيقية. إذن، وإلى أن تتغير قواعد اللعبة، فإن صديقنا البرلماني ينعم في الريع إلى إشعار آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنه يأكل الريع إلى إشعار آخر إنه يأكل الريع إلى إشعار آخر



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya