إسلاميو المغرب في ورطة بين السياسة والدعوة

إسلاميو المغرب في ورطة بين السياسة والدعوة

المغرب اليوم -

إسلاميو المغرب في ورطة بين السياسة والدعوة

بقلم ـ ادريس الكنبوري

طوال أكثر من عقد من الزمن ظلت العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح تثير التساؤلات في المغرب، هل هناك فصل حقيقي بينهما أم هناك ارتباط، وإذا كان هناك ارتباط من الطرف الذي يقود الآخر ويتحكم في توجيهه، الحزب أم الحركة؟ وقد اجتهد المسؤولون في كل من التنظيمين خلال الأعوام الماضية في تفسير “القطيعة” المزعومة بينهما، فتارة يقال إن الحركة غير مرتبطة بالحزب، وتارة يقال إن الحزب واجهة سياسية للمواطنين المغاربة بمن فيهم أبناء الحركة، وتارة أخرى يقال إن هناك ارتباطا بين التنظيمين لكن لكل واحد منهما استقلاليته عن التنظيم الآخر، وهي تفسيرات لم تكن تقدم أو تؤخر في واقع العلاقة القائمة والمعروفة، لكن هدفها- أي تلك التفسيرات- خلق نوع من التشويش لدى الرأي العام وإقناع البسطاء.

وبهدف التحايل على العلاقة القائمة بين التنظيمين لجأت حركة التوحيد والإصلاح في بعض المحطات إلى توجيه انتقادات “أخوية” إلى الحزب خلال ولاية الحكومة السابقة التي كان يقودها عبدالإله بن كيران، وكانت تسمي تلك الانتقادات أحيانا “نصائح” أو “توجيهات”، لكنها في المحطات الحاسمة كانت تصطف إلى جانب الحزب، وكان أحمد الريسوني- رئيس الحركة الأسبق المرتبط بدولة قطر الذي لا يزال يتحكم في الحركة من وراء الستار- هو من يقود كتيبة المدافعين عن اختيارات الحزب السياسية، خصوصا خلال محطة ما سمي بالربيع العربي. ذلك أن قيادة الحركة تفتقد إلى التجربة السياسية والكفاءة العلمية، ما يجعلها خاضعة للإملاءات التي تأتي من قيادات الحزب أو من قيادتها السابقة، والرئيس الحالي للحركة عبدالرحيم الشيخي، سبق له أن عمل في ديوان رئيس الحكومة بن كيران في السنوات الماضية قبل أن يتم دفعه إلى رئاسة الحركة، وهو ليس من الصنف الذي يمكن أن يرفض الإملاءات التي تأتيه من الخارج أو أن يناكف القيادة التاريخية للحركة، التي توجد اليوم على رأس الحزب.

لكن الأزمة التي يجتازها حزب العدالة والتنمية في الوقت الراهن، والتي بدأت منذ إزاحة بن كيران عن رئاسة الحكومة، انعكست بشكل واضح على الواقع التنظيمي داخل حركة التوحيد والإصلاح، بسبب التبعية القائمة بينهما. فالحزب يواجه اليوم أسوأ انقسام له في تاريخه، حيث انقسم أعضاؤه ما بين مؤيدي بن كيران ومناصري المعسكر الذي يطلق عليه اسم “تيار الوزراء” الذي يقوده رئيس الحكومة سعدالدين العثماني ومعه كل من مصطفى الرميد ومحمد يتيم، وهي كلها تمثل الوجوه القديمة في الحركة، ولا تزال تحافظ على عضويتها في مكتبها التنفيذي، ومحور الصراع اليوم هو التجديد لبن كيران لولاية ثالثة على رأس الحزب في المؤتمر الوطني المنتظر عقده في نهاية العام الجاري، وهي الدعوة التي يتبناها الخط الموالي لبن كيران، الأمين العام الحالي.

انتقل هذا الانقسام الحاصل داخل الحزب إلى الحركة، وهذا أمر طبيعي طالما أن عددا كبيرا من أعضائها هم أعضاء في الحزب، لتجد قيادتها نفسها في مأزق نتيجة الاصطفاف الموجود داخلها، ما يعني أن النتائج التي قد يسفر عنها المؤتمر القادم- والتي يمكن أن تصل إلى درجة انسحاب الكثير من الأعضاء- سوف تنعكس على الوضع الداخلي للحركة، وهو الأمر الذي دفع المكتب التنفيذي للحركة إلى إصدار بلاغ غير مسبوق نهاية الأسبوع اعترف فيه بوجود “مؤشرات سلبية ومقلقة” في صفوفها، صادرة عن أعضائها “سواء ممن هم في قيادة حزب العدالة والتنمية، أو على مستوى بعض الأعضاء هنا وهناك”، حسب ما جاء في البلاغ، وأوصى المكتب التنفيذي “كافة أعضاء الحركة بأن يلتزموا بمتطلبات السلوك الأخلاقي الرفيع في كل أعمالهم وأقوالهم، وألا يفرطوا في شيء من هذا الجانب الأساس في عمل الحركة والانتماء إليها”.

والمثير في البلاغ أنه يتضمن نوعا من الإقرار بالتبعية المتبادلة بين الحركة والحزب، وهو ما ظل التنظيمان طيلة أكثر من عقد ينفيانه جملة وتفصيلا. فقد ورد في البلاغ تشديده على امتناع الحركة “التام والشامل عن أي تدخل أو توجيه سياسي أو تنظيمي في مواقف أعضاء الحركة المنخرطين في أي عمل أو منصب سياسي”، ويفهم من ذلك، ضمنيا، أن هذا التدخل كان قائما في الماضي، وأن الحركة ترفضه اليوم بسبب الأزمة الحاصلة في الحزب والتي لم يعد من الممكن التستر عليها.

بيد أن كون حركة التوحيد والإصلاح تعترف بوجود أعضاء فيها داخل الحزب، وبأن هذه الازدواجية باتت تؤثر على وضعها الداخلي، يؤكد بأن تدبير هذه الازدواجية أصبح يشكل عبئا على التنظيمين معا.

فالفصل بين ما هو دعوي وما هو سياسي لم يكن إلا مجرد شعار لا يعبر عن الواقع الفعلي، ومن المؤكد أن هذه الثنائية باتت اليوم في حاجة إلى مراجعة، وقد تكون الأزمة السياسية التي يمر بها الحزب مدخلا إلى هذه المراجعة، لكن ذلك ستكون له كلفة كبرى على الهيئتين معا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسلاميو المغرب في ورطة بين السياسة والدعوة إسلاميو المغرب في ورطة بين السياسة والدعوة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya