أصابع إيران في أفريقيا

أصابع إيران في أفريقيا

المغرب اليوم -

أصابع إيران في أفريقيا

بقلم - ادريس الكنبوري

نشر المذهب الشيعي لا يمثل سوى الجانب الخفي من الاستراتيجية الإيرانية. فإلى جانب هذا الهدف يقف الهدف السياسي كمشروع بعيد المدى، بحيث يتخذ التشيّع ذريعة للتدخل السياسي.نشر المذهب الشيعي الإثني عشري في البلدان الأفريقية

يتعرض النفوذ الإيراني في القارة الأفريقية لتراجع ملحوظ خلال الفترات الأخيرة، إذ الواضح أن الأفارقة باتوا يدركون جيدا التداخل بين الجانبين السياسي والديني في العلاقات الدبلوماسية مع طهران، واستحالة الفصل بين الاثنين في مسلسل التعاون الذي عملت إيران على نسجه مع عدد كبير من الدول الأفريقية خلال العقود الثلاثة الماضية. وفي الحوار الأخير الذي نشرته مجلة “تايم” الأميركية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال إن السعودية استطاعت القضاء على نفوذ إيران في القارة بنسبة 95 في المئة.

وقد جعلت إيران من القارة الأفريقية منذ وقت مبكر واجهة خلفية للتحرك الدبلوماسي والاقتصادي في مواجهة الحصار الدولي والعزلة الإقليمية، وضلعا أساسيا في “الهلال الشيعي” الذي كشفه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عام 2004. وقبل ثلاث سنوات استغلت إيران الرفع الجزئي للعقوبات الدولية في أعقاب الاتفاق النووي مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل تدشين مرحلة هجوم دبلوماسي قوي في القارة السمراء، حيث صرح نائب وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان عام 2015 للإذاعة المركزية الإيرانية بأن إيران وأفريقيا لديهما علاقات استراتيجية، ودعا جميع الفاعلين الإيرانيين في الاقتصاد والتجارة والعلوم والثقافة إلى “اقتناص الفرص التي تتيحها أفريقيا”.

ولكن إيران لا تلعب في المسرح الأفريقي تحت الأضواء في جميع المحطات؛ فهي توسعت في أفريقيا عبر منظمات حكومية وغير حكومية وخبراء إيرانيين في شبكة يطلق عليها “شبكة الأعمال الإيرانية”، مهمتها التخطيط السري للتغلغل الإيراني في البلدان الأفريقية والإشراف على الصفقات وتعبيد الطريق أمام المسؤولين الإيرانيين الذين يجيء دورهم بعد ذلك لاتخاذ قرارات علنية مشتركة أو توقيع اتفاقيات مع حكومات أفريقية، بعد أن تكون تلك الاتفاقيات قد مرت fقنوات سرية وتم التوافق على تفاصيلها. وتفسر تلك القنوات السرية التي تفتحها الشبكة المشار إليها كيف أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قام بجولات في القارة ثلاث مرات في بضعة أشهر عام 2016، مرفوقا بفريق من رجال الاقتصاد والدبلوماسيين.

وحسب دراسة أنجزت عام 2016 بشراكة بين مركزين أفريقيين للأبحاث، هما أفريقيا أنفيستور وأفريقيا غروب، فإن لإيران حضورا دبلوماسيا في نحو ثلاثين دولة أفريقية، ما مكنها من الحصول على عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، وغالبية السفراء الإيرانيين في القارة هم من الحرس الثوري ويعملون في الخفاء لنشر التشيع الإيراني تحت الواجهة الدبلوماسية والتعاون الثقافي. ذلك أن إيران تسعى إلى استغلال أي وجود شيعي في البلدان الأفريقية من أجل تحويله إلى نسخة من التشيع الإيراني وإفراغه من محتواه الثقافي المحلي وجعله ذيلا لإيران.

وتعمل إيران على نشر المذهب الشيعي الإثني عشري في البلدان الأفريقية تحت غطاء التعاون في المجالين العلمي والثقافي، حيث تقدم منحا دراسية للطلاب الأفارقة أو تسهل لهم الانتقال إلى إيران بمنح دراسية من أجل إخضاعهم للتكوين وتوظيفهم بعد عودتهم إلى بلدانهم في نشر التشيع. وتركز طهران بشكل أساسي على نيجيريا، البلد الأكبر من حيث عدد السكان المسلمين في القارة، حيث تتوفر على حوالي 30 مؤسسة تعليمية في مختلف المناطق الرئيسية للبلاد.

ولكن نشر المذهب الشيعي لا يمثل سوى الجانب الخفي من الاستراتيجية الإيرانية. فإلى جانب هذا الهدف يقف الهدف السياسي كمشروع بعيد المدى، بحيث يتخذ التشيّع ذريعة للتدخل السياسي. وقبل سنوات حاولت إيران دعم شيخ الشيعة في نيجيريا إبراهيم بن يعقوب الزقزقي، الذي يتبع ما يسمى “فيلق أفريقيا” الذي يقوده الإيراني سيد علي أكبر الطبطبائي، أحد قادة الحرس الثوري، الذي يتحرك تحت اسم مستعار هو طه المصعبي. وكان هدف إيران من ذلك إنشاء نظير لحزب الله اللبناني في نيجيريا، والدفع في اتجاه إنشاء حزب شيعي يمكن أن يصل غدا إلى السلطة. غير أن السلطات النيجيرية تنبهت إلى هذا المخطط السري عام 2013، عندما أعلنت المخابرات النيجيرية عن تفكيك خلية عسكرية سرية مرتبطة بعناصر إيرانية كانت تعد لضرب أهداف غربية في البلاد.

الحكومات الأفريقية أصبحت تدرك نوايا الحضور الإيراني في القارة، بعد أن تبين أن وراء التعاون الاقتصادي والبعثات الدبلوماسية مشروعات يتم طبخها في طهران. فمنذ مرحلة الربيع العربي، وانكشاف الأدوار الإيرانية الخفية في عدد من المناطق في العالم العربي،  لم تعد ورقة التعاون والتقارب الدبلوماسي قادرة على الإقناع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصابع إيران في أفريقيا أصابع إيران في أفريقيا



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 19:03 2015 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيروز تحتفل بعيد ميلاد الثمانين السبت

GMT 19:51 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لكل ربة منزل لا تضعي هذه الأطعمة في الثلاجة

GMT 23:56 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

200 شاحنة عسكرية أميركية لتدعيم الجيش المغربي

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 02:16 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

بريجيت ماكرون تظهر في حجاب حريري في الإمارات

GMT 15:32 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل جديدة في جريمة قتل أجنبيتيْن في إقليم الحوز

GMT 16:47 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة التركية تستعين بـ عفريت خاشقجى لإيجاد جثته
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya