المدرسة ومحك ترسيخ ثقافة الاختلاف لمحاربة التطرف في المجتمع

المدرسة ومحك ترسيخ ثقافة الاختلاف لمحاربة التطرف في المجتمع

المغرب اليوم -

المدرسة ومحك ترسيخ ثقافة الاختلاف لمحاربة التطرف في المجتمع

عماد بنحيون

يحاول الأساتذة المتمرسون غالبا الوصول إلى هدفهم  التعليمي مع المتعلمين سواء كانوا طلبة أو تلاميذ من وضع إشكالية عبر آلية تواصلية مخلخلة لذات المتعلمين ومداركهم، ليستنبط منها ما يبني  به فيما بعد القاعدة أو المعلومة، ليؤسس لديهم عن قصد أو من دونه  لفكرة  مبطنة تضع الاختلاف مولدا  للأفكار  ومنتجا للقواعد وسبيلا للاقتناع بدل التشبت بالرأي الواحد والتعصب له، فكيف للمدرسة أن لا ترسخ لثقافة الاختلاف في المجتمع وتحارب التطرف؟.

هذه الملاحظة، تكشف لنا، شيئا ما، عن  ما  للاختلاف من دور محوري في عملية تعليمية تعلمية بسيطة أو معقدة، سواء كان هذا الاختلاف في طريقة التفاعل مع الشيء أو الوضعية عبر الحواس، أو في طريقة التجاوب معهما أو إحداهما عبر العقل، مما يجعل الاختلاف منهجا يفضي ، إذا ماتم استثماره على الوجه الأمثل،  لأتلاف الأفكار  وتوحيد الجهود والتعاون، كما أنه( الاختلاف) أيضا، مع تشبث الأطراف بالرأي والتعصب له، وعدم تدبيره على الشكل الأمثل، يمكن أن يصبح مفضيا إلى التطرف، خاصة إذا تم تدبيره خارج المؤسسات وبصفة عشوائية، تجعل الارتزاق حاضرا لامحالة، ويصبح الفرد سلعة قابلة للمساومة بها، لأنها مضمونة المبدأ ، وقابلة لغسل الدماغ وتبني التطرف مدافعا عن رأيه معاديا لخصمه مستعدا للموت في سبيله.

واليوم مع الانفتاح الكبير في وسائل التواصل والمعلومات، الذي يشرع الأبواب أمام التواصل العشوائي، غير المقنن، وغير المضبوط،  والعرض الكبير الذي يقدمه هذا الانفتاح، من شتى  أنواع  المعرفة والثقافات والعادات والتقاليد والطباع...، التي اصبح معها المربي سواء كان أبا أو أما أو مدرسا... غير قادر على توفير وسط عيش مثالي  للفرد،  ملائم للمبادئ والغايات المراد  ترسيخها فيه، لأن الوسط أصبح، بعد ذلك، بدوره غير متحكم فيه، بعد دخول الوسط الافتراضي عبر وسائل الاتصال إلى البيت والمدرسة والمجتمع ككل واختراقه علاقات الفرد وأحاسيسه  ، مما وسع البون بين الأب والإبن  وكذا بين الأستاذ وتلميذه قبل أن يوسعه بين الأجيال،  فترك أثرا كبيراً على فروقات القيم والثقافات بين الأفراد فيما بينهم قبل أن يتركها بين الأجيال.، لأننا أصبحنا، في الوقت الراهن، نجد ثقافات متعددة بين أفراد ينتمون إلى نفس الجيل والزمان والمكان، فثقافاتهم تعددت بتعدد علاقاتهم لاسيما الافتراضية.

كل هذا يضع المربي والمدرسة؛إلى جانب الأسرة، كآلية أساسية  كفيلة بتدبير الاختلاف، يجب أن  تجعل، عبر مناهج متطورة،   ووسائل حديثة، وموارد بشرية مميزة، كل الأفراد المختلفين في أفكارهم وعرقهم وفي قدراتهم وجنسهم وحتى في دينهم في منأى عن التعصب للراي أو الدين أو العرق أو العقيدة والتطرف والتقليل من قيمة الرأي الآخر، وربما السعي إلى تجريد صاحب الرأي الآخر من السمات الإنسانية والأخلاقية، وكذا تجنيبهم  الإحساس العميق بالإذلال والهزيمة، الذي يولد التشبت بالرأي والتموقع في موقع الخصم من الآخر؛أمام محك التأقلم مع وضعية تدريس وتربية أفراد داخل نفس الفضاء مشكل لوسط متعدد الثقافات، يختلف أفراده  في إمكانياتهم وعقلياتهم بشكل أكبر بكثير من ذي قبل، لأن مع وسائل الاتصال الحديثة ، أصبحنا ملزمين بالأخذ بعين الاعتبار الحياة الافتراضية للفرد  بعالم أصبح اليوم بدون حدود،  وهو العالم الافتراضي، الذي يتيح تواصلا أكبر وتبادلا  غزيرا للمعلومات والثقافات بالمقارنة مع العالم الواقعي ، بالإضافة إلى أن عدد الساعات التي يقضيها الفرد فيه والعلاقات المتشعبة التي يربطها عبره أصبحت أكبر بكثير من تلك التي يقيمها في عالمه الواقعي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة ومحك ترسيخ ثقافة الاختلاف لمحاربة التطرف في المجتمع المدرسة ومحك ترسيخ ثقافة الاختلاف لمحاربة التطرف في المجتمع



GMT 07:56 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 10:27 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تقييم رؤساء الجامعــات؟!

GMT 09:27 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ

GMT 09:26 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الرد على الإرهاب بالعلم والعمل

GMT 11:55 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حكايات من المخيم مخيم عقبة جبر

GMT 10:48 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الإرشاد النفسي والتربوي

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

اختراع ..اكتشاف .. لا يهم.. المهم الفائدة

GMT 12:17 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

علمني

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:53 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

"Xiaomi" تدخل عالم صناعة السيارات!

GMT 19:58 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"في قبضة داعش" رواية جديدة في معرض الكتاب

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,30 تموز / يوليو

رونالدو يحن إلى مدريد ويستقبل بيريز بالأحضان

GMT 03:51 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

"بيتزاهت" تعلن عن حاجتها لشغل وظائف جديدة

GMT 17:39 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

آرون رامزي يرغب في الانضمام إلى يوفينتوس

GMT 22:11 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الحموشي يفرج عن حركة ترقيات واسعة في صفوف مسؤولين أمنيين

GMT 03:18 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اقضي شهر العسل في أوروبا بأرخص الأسعار

GMT 04:20 2018 الجمعة ,17 آب / أغسطس

أفضل 5 عطور مميزة بنكهة الفواكه لصيف 2018
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya