الاكتناز والثقة في الجهاز المصرفي

الاكتناز والثقة في الجهاز المصرفي

المغرب اليوم -

الاكتناز والثقة في الجهاز المصرفي

بقلم - الدكتور مظهر محمد صالح

مازال الحديث عن مظاهر الاكتناز يأخذ ابعاداً شتى في العراق .فبين الاكتناز العيني كالذهب او الذهب المشغول (المخشلات ) والمجوهرات والنفائس الثمينة، وبين الاكتناز بالدينار العراقي الذي يستحوذ على نسبة تقارب ٧٧٪‏ من العملة المصدرة خارج البنك المركزي العراقي، فضلاً عن الاكتناز بالعملة الاجنبية . فان الاقتصاد الوطني يفقد أحد عوامل قوته بتحويل مدخراته التي تؤازر دورتي الدخل والانتاج الى تسربات متعثرة في دورة الدخل او تضعف فرص الانتاج وادامة النشاط الاقتصادي .
وهنا يكون الطلب على النقود او اشكال الثروة الشبيهة بالنقود لاغراض التحوط فحسب او تسميته اصطلاحاً - كما يحلو لي الطلب على النقد لاغراض اللايقين uncertainty ذلك لاغراض المداخلة النظرية وتقييم دور المخاطر في سلوك الطلب النقدي. وبناءً على ذلك فقد شهد التاريخ المصرفي العراقي خلال القرن الماضي مبادلة الذهب بالعملة الورقية عن طريق وضع الذهب كرهينة عند الصاغة او المرابين لقاء فائدة ربوية . اذ يساعد الطلب على النقود هنا عبر ضمانة الذهب باخراج النقود الرسمية المكتنزة من دورة التسربات النقدية الى دورة الانفاق وتحريك النشاط الاقتصادي ولكن بادوات السوق غير قانونية .
وبهذا يكون الطلب على النقد لاغراض المعاملات ولكن لدورات دخل غير مكتملة بالضرورة ولا تقود الى التوازن الاقتصادي الحقيقي. كما شهد التاريخ الاقتصادي الحديث للعراق ولاسيما في ستينيات القرن الماضي الشروع في تأسيس مصرف حكومي سمي بـ"مصرف الرهون"  كبديل قانوني ورسمي لظاهرة المرابين وعموم السوق غير القانونية في توفير قروض نقدية مضمونة بالذهب يتولى "مصرف الرهون" ممارستها في تقديم القروض النقدية لقاء الاحتفاظ بالذهب الذي هو بحوزة المقترض الى حين موعد استحقاق القرض او السداد مقابل فائدة يتقاضاها مصرف الرهون لسد التكاليف التشغيلية وجزء من مخاطر تقلب قيمة الضمانة نفسها من المخشلات او القطع الذهبية المشغولة . ولكن للاسف الشديد الغي المصرف في مطلع سبعينيات القرن الماضي لأسباب أجهلها حقاً .
وعلى الرغم من ذلك ظلت المصارف على علاقة شبه مصرفية متبادلة مع الزبائن في تقديم بعض الخدمات .اذ ظلت الصناديق المصرفية او خزائن المصارف الشخصية الحصينة متاحة للمواطنين ويتاح استخدامها داخل كل مصرف ولاسيما الحكومية منها وخصوصاً مصرفي الرافدين والرشيد ).و يستطيع المواطن ان يحتفظ بمخشلاته الذهبية وموجوداته الثمينة ووثائقه المهمة في تلك القاصات الحصينة لقاء اجر وبنسبة امان ١٠٠٪‏ لقاء اجر شهري او سنوي مقطوع .
وانحسرت هذه الظاهرة الايجابية منذ زمن ليس بعيدًا، و كانت تساهم في تقريب المواطن الى اجواء المصرف او البيئة المصرفية واتعريفه بخواصها كمؤسسة قانونية .وبغياب هذه الخدمة الامينة قطعت واحدة من اواصر الصلة بين المواطن والمصرف ككيان يحافظ على ثروة المجتمع واشاعة مناخ من الصلات المباشرة بين الافراد والمصارف.
ختاماً ،ادعو البنك المركزي العراقي ان يباشر بدراسة منح اجازة لمصرف عراقي للرهون ( لرهن الذهب المشغول لقاء المال النقدي ) مما يعزز الائتمان المصرفي ويحول اشباه الثروة المكتنزة الى قوة ضامنة في توليد طلب على النقود لاغراض المعاملات ودعم النشاط الاقتصادي، واعتبار هذا الامر واحدة من القنوات المؤسسية في القضاء على ظاهرة الاكتناز باشباه النقود كالذهب وغيره . فضلاً عن تعظيم اجواء الثقة بين المصارف والاهليين باستقبال مخشلاتهم الذهبية وغيرها من النفائس الثمينة في خزائن حصينة لدى المصارف لقاء اجور ميسرة .مؤكدين في الوقت نفسه اهمية البدء بنشاط شركة ضمان الودائع التي يتطلع اليها الجمهور قريباً للاطمئنان على وديعته المصرفية من مخاطر انكشاف المصارف واخفاقاتها، فضلاً عن كونه يخفض من حالة الطلب على النقد السائل كمكتنزات التي تعد دالة غير مستقرة (شديدة القلق) و عالية الارتباط في تفسير تاثير اللايقين في طلب الافراد على النقد بشكله السائل (الاكتناز) او اشباه النقود، والحيلولة دون زجها بدورة الدخل وحرمان دورة النشاط الاقتصادي الى وقود فاعل مادته النقود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاكتناز والثقة في الجهاز المصرفي الاكتناز والثقة في الجهاز المصرفي



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya