يعتبرون أنفسهم من فئة من رحم ربي

يعتبرون أنفسهم من فئة (...من رحم ربي )

المغرب اليوم -

يعتبرون أنفسهم من فئة من رحم ربي

الحسين بوهروال
بقلم : الحسين بوهروال

تعتبر الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس نصره الله الي المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية الثانية للرياضة التي احتضنها قصر المؤتمرات بمدينة الصخيرات يوم الجمعة 24 أكتوبر 2008 تشريحا متخصصا وافتحاصا دقيقا جامعا مانعا لوضعية الرياضة المغربية .
الرسالة التي يشكل تنفيذ مضمونها ولا يزال المعبر الوحيد لتعبيد الطريق أمام رياضتنا نحو عالم التنافسية والتألق والإقتصاد الرياضي المرتبط بالإستثمار الحقيقي في العنصر البشري باعتبار الرياضة خلقت له ومن اجله .
انعقدت المناظرة الوطنية ألأولى - كما هو معلوم -  بمراكش في شهر مارس عام 1965 وصدرت عن المناظرتين توصيات لا يجادل اثنان في أهميتها  القصوى بقيت مع الاسف حبرا على ورق رغم مرور 53 عاما على انعقاد الأولى و 11 سنة على الثانية . مرور هذا الردح من الزمان الضائع من حياة الاجيال المتعاقبة لن يحول دون تزايد الأمل والتطلع لغد أفضل يراود النفوس نتمكن فيه من تحسين حالة  واقعنا الرياضي والأخلاقي والإجتماعي والتنموي التنافسي وغيره  في انتظار أن تتحول الرياضة فعلا - كما قيل لنا دائما - إلى رافعة قوية للتنمية وتطوير الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن لكون الإنجاز الرياضي يعد واحدا من أهم الوسائل التي يستطيع من خلالها  الشباب تجسيد إبداعاته الخلاقة وتحقيق طموحاته المشروعة وتلميع صورة الوطن في عيوننا قبل عيون غيرنا وضمان الإشعاع والتألق لأبنائنا في الداخل قبل الخارج .
لم يحرك أحد على ما يبدو حتى الأن ساكنا ممن يعنيهم أمر التنمية الرياضية ببلادنا لتعميق تحليل واستيعاب عمق الرسالة الملكية وتفعيل التوصيات الصادرة عن القاعدة الشعبية المعنية بالممارسة الرياضية لبلورتها وصياغتها وتحويلها إلى برامج عمل قابلة للتنفيذ من طرف من في يدهم زمام الأمر كل في مجال اختصاصه .  خطاب جلالة الملك نصره الله بمناسبة افتتاحه أشغال الدورة الأولى من السنة التشريعية البرلمانية الثالثة يوم الجمعة 12 اكتوبر 2018 وخاصة عندما قال حفظه الله : (...والواقع أن المغرب يحتاج اليوم ، وأكثر من أي وقت مضى ، إلى وطنيين حقيقيين ، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين وهمهم توحيد المغاربة بدل تفريقهم ، وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات... ) صفق الحاضرون بحرارة كبيرة رغم عدم استيعابهم  - على ما يبدو - لمعنى هذه الفقرة القفل من الخطاب الملكي السامي وكأن الأمر لا يعنيهم والرسالة الواضحة موجهة الى شعب آخر في زمن غير زمانهم . كانوا جميعا ينتظرون بفارغ الصبر إنتهاء (المخزنية) الإجبارية للتداافع العشوائي فيما بينهم ورفس بعضهم البعض في طريقهم الى مكان حفل الشاي المعد بالمناسبة لتناول الأشكال والانواع اللذيذة من الحلوى الراقية والعبث بها وتهجيرها قسرا في البطون والجيوب وأكياس ( الميكا ) المحضورة الى خارج المكان ، أما ما لذ وطاب من ألانواع المبتكرة من عصير الفواكه الطازجة والجافة فلم يستطيعوا الا التلذذ بها في عين المكان لانعدام وسيلة الشحن المناسبة .     
ما أشبه يوم الجمعة الذي ذكرني وربما ذكر بقية المواطنين بجمعة الأمس من عام 2008 وبالضبط بمحتوى رسالة جلالة الملك إلى المتناظرين يوم 24 أكتوبر 2008 حين صرخ جلالته في القوم وهو المعروف بهدوئه ورباطة جأشه قائلا :
(... ومن التجليات الصارخة لاختلالات المشهد الرياضي ما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور ، واتخاذها مطية من بعض المتطفلين عليها للارتزاق ، او لأغراض شخصية . الا من رحم ربي ...) يومها صفق جميع الذين كانوا داخل القاعة الكبرى بقصر المؤتمرات بالصخيرات الغاص بالحرارة ذاتها وتبادل القوم البسمات ونظرات الارتياح فيما بينهم لانهم يعتبرون أنفسهم من الفئة الناجية ، فئة ( من رحم ربي ) ولذلك فهم ليسوا لا متطفلين ولا مرتزقة ولا حتى ممتطين لصهوة الرياضة البريئة .
تعيدنا هذه الحركات البهلوانية لهؤلاء ( النجباء ، الأذكياء ) الى العصر الجاهلي لنذكر عشاق الشعر الجميل بما قالته حبيبة لحبيبها وهو زير النساء عمر بن أبي ربيعة تدعوه لتفادي إثارة انتباه اهلها الأشداء بقولها :
إذا جئت فامنح  طرفي عينك غيرنا - لكي يحسبوا ان الهوى حيث تنظر.
صادق الشعب المغربي بشبه إجماع يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011 على دستور جديد ومتطور للمملكة كرس الرياضة حقا من الحقوق الأساسية للمواطن ولذلك كان يتعين على المعنيين بالامر اتخاذ الإجراءات والثرتيبات والتدابير  والقرارات الضرورية لتفعيل مضمون الرسالة الملكية وتنفيذ توصيات المناظرة  وتنزيل ما جاء به الدستور الجديد في مجال تدبير الشأن الرياضي الذي لا يمكن ان يتجاهل المتتبع لقضاياه الشائكة  ان بلادنا جددت  تسجيل اسمها في موسوعة (GUINNES) العالمية للارقام القياسية بواسطة اكبر (كراطة) في العالم بمناسبة تنظيمنا لواحدة من أرقى منافسات كرة القدم العالمية وانظار العالم شاخصة ومركزة على بلادنا . أما الحدث الثاني فهو بلوغ شبيبتنا سن الرشد ليصبح إسمها في الهيكلة الإدارية الجديدة للرياضة الوطنية : ( الشباب والرياضة) أضيفت إليها الثقافة على صيغة (الفيل خاصه فيلة) لتصبح الرياضة البكماء مند عقود تتكلم وناطقة باسم الحكومة المختزلة بينما بات الكوكب المراكشي برأسين نقلتا (تناطحهما) إلى ردهات المحاكم في وقت يتسيد فيه البطولة الوطنية نتيجة واداء في مطلعها لم يحقق نفس الإنجاز منذ أكثر من ربع قرن من الزمن ، غير أن الأمور بخواتمها ألقت به إلى التنقل بين ملاعب الأسواق . الكوكب - يا سادة - في أمس الحاجة إلى حكمة وحكامة ونضج وتعقل وتسامح أكثر من أية اشياء آخرى . أليست هذه بعض الإنجازات التي ينبغي أن نتباهى ونحتفل بها في انتظار الأفضل ؟ يحق لنا ان نفتخر  والمغرب الحديث عرف قبل هذا التاريخ لدى متداولي كتاب ( GUINNES )  العالمي بأكبر  ( قصعة ) كسكس أعدها المجلس الإقليمي للسياحة بأكادير سنة 1990 بشاطئ المدينة الجميل بإشراف الوطني الكبير المرحوم عبد الرحيم  بركاش الذي رفض يوما الإقامة في نفس الغرفة مع أحد الاشقاء الجزائريين بمناسبة مشاركته في إحدى فعاليات المجتمع المدني التي دعت إليها واحتضنتها الولايات المتحدة  وذلك لانه لم يستسغ أن تتزعم الجزائر تدعيم الإنفصال ومرتزقتهم دون مراعاة للتاريخ أو الدين أو اللغة أو الجوار والعيش المشترك . ومن جهة أخرى أنجزت بلادنا أكبر علم مغربي في العالم ( 60 الف و78 متر مربع ، بوزن 20 طن ) تم إعداده من طرف شباب مدينة الداخلة المغربية المكافحة ، هذا الشباب الذي نحييه ونحن نستعد لتخليد الذكرى 44 للمسيرة الخضراء المظفرة  ونتذكر بكل التمجيد والتقدير مبدعها المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه.
لا شك أن هذا التذكير سينسينا ولو إلى حين   ملحمة الحلوى التي سكنت ذاكرة المغاربة قبل ان تشق الطريق  بدورها الى صفحات (GUINNES) الخاصة بالشراهة والنهم ومرادفاتها والشهيوات البطنية بمختلف أنواعها .
يحدث هذا وقاطرة الرياضة الوطنية - كما يسمونها - عندنا ، كرة القدم ، لا زالت تائهة تبحث لنفسها عن ملاءمة توافقية مع المارد العصي على الترويض ،
09•30 الذي ينتظر بدوره من يأخذ بناصيته ليلائمه مع مضامين دستور البلاد الصادر منذ عام 2011 . لقد بات من الصعب تناول موضوع كرة القدم دون ان نتذكر ملحمة ملعب رادس وVAR ه وما رافق ذلك من بهدلة انتهت بالخسارة المادية والمعنوية لنواصل العيش على اوهام وأكاذيب يبدو أنها لن تتوقف من قبيل إحداث الشركات الرياضية والVAR الموعودين قبل انطلاق بطولة موسم 2019-2020  قبل ان يحلق الكوكب عاليا على متن اسطول الطائرات القطرية وهو يتوجه إلى ملاعب الاسواق الاسبوعية من أجل العودة بنقطة او بدونها .
نختم هذا التذكير بما ختم به جلالة الملك محمد السادس نصره الله رسالته السامية عندما دعى يوم 24 أكتوبر 2008 المعنيين بالامر الى تحمل كامل مسؤولياتهم قائلا لهم جلالته : (...لذا ، فإننا نهيب بكافة الفاعلين المعنيين بهذا القطاع ، ان يتناولوا الموضوع ، بروح عالية من المسؤولية والجد والإلتزام ، وبكثير من الطموح والتفاؤل . غايتكم المثلى الإجتهاد في بلورة أفضل السبل ، لوضع استراتيجية وطنية للرياضة المغربية . في إطار رؤية جماعية مسؤولة ...) عسى أن تجد هذه الدعوة الملكية آذانا صاغية لتدارك ما تمت إضاعته  من الوقت وما تم هدره من إمكانيات وفرص دون ان يكلف المعنيون بالامر انفسهم حتى اليوم عناء القيام بوضع االحرف الاول في صياغة لإستراتيجية المطلوبة .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يعتبرون أنفسهم من فئة من رحم ربي يعتبرون أنفسهم من فئة من رحم ربي



GMT 10:34 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخيرا أصبحنا نستوعب الدروس

GMT 08:58 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"واشْ عرفْـتوني"

GMT 03:39 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

عناد فوزي لقجع

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

شكرا

GMT 14:58 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجربة غاموندي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:30 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الوفاق تُعطل قرار فرض رسوم على مبيعات الدولار "مؤقتًا"

GMT 06:29 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

اليك طريقة عمل افضل كريم مقشر للجسم

GMT 12:58 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

جريمة قتل بشعة تثير ضجة في مدينة ورزازات

GMT 06:19 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

منافسة مهمة بين 16 جوادًا على كأس أحمد بن راشد

GMT 21:01 2014 السبت ,16 آب / أغسطس

الطباهج الليبي

GMT 14:00 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليال عبود في طرابلس للمشاركة في معرض "الأعراس"

GMT 05:22 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رسائل من "التنف"

GMT 04:06 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"ترنتي ميرور" تأمل في شراء مجموعة صحف جديدة في انجلترا

GMT 23:38 2016 الخميس ,22 أيلول / سبتمبر

5 أسباب صحية للنوم عارية

GMT 07:22 2016 الخميس ,11 آب / أغسطس

سلاح الجو الأميركي ينقصه 700 طيار حربي

GMT 19:28 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

برج التنين.. قوي وحازم يجيد تأسيس المشاريع

GMT 06:53 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيرفي رونار "الثعلب" الذي أعاد للأسود شراستها

GMT 22:46 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث شرطيات مغربيات يتعرضن للتحرش الجنسي

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

تعرف على أسعار ومميزات هاتف "آيفون X " من آبل

GMT 03:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

النجمة ريهام حجاج حبيبة عمرو سعد في "وضع أمني"

GMT 02:13 2017 الثلاثاء ,26 أيلول / سبتمبر

غطاء "أيفون 8" الزجاجي صعب الإصلاح حال تحطّمه

GMT 03:28 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض لوحات مرعبة للفنّان إنسور في معرض الأكاديمية الملكية

GMT 03:18 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

أسماء الخمليشي تنشر صورة تعبر فيها عن رياضتها المفضلة

GMT 09:28 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن وبكين توقعان عقودًا تجارية بقيمة 253.4 مليار دولار
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya