مدرستي الحلوة

مدرستي الحلوة

المغرب اليوم -

مدرستي الحلوة

بقلم - حسن البصري

تلقيت دعوة لزيارة مدرسة "أبو القاسم الشابي" الابتدائية التي تعلّمت فيها أولى حروف الجر والعلة، كانت المناسبة، كما تدل لافتة بلاستيكية، هي الاحتفال بالمدرسة العمومية ورد الاعتبار لها، وكان من بين الحاضرين في مكتب المدير فنان ورياضي ورجل أعمال وكثير من المستشارين الجماعيين، وسألت رئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ عن سر تخصص المدرسة في إنجاب السياسيين، فرد مازحًا: إنّ مقر المقاطعة غير بعيد.
حمل رجل الأعمال، باقة ورد وعبّر عن استعداده للتبرع لفائدة المدرسة بكراسي وزرابي وكؤوس، علمت بأنه ممول حفلات، تأكد حدسي حين استغل الحدث وشرع في توزيع "بطاقة زيارة"، بينما كان الفنان الشبابي منشغلًا بأخذ سيلفيات مع التلاميذ، أمّا كبير المستشارين الجماعيين فقدّم في أقل من ربع ساعة وعودًا بإصلاح الإنارة وإعادة تأهيل المراحيض حتّى تحقق للمترددين عليها الحد الأدنى من الكرامة.
سألت عن حارس المدرسة "باحدو" فعلمت أنه فارق الحياة، ولم أعثر من بقايا الأمس إلا على صنابير مياه في الساحة، كنا نستحم فيها في غفلة من الحارس، قادنا المدير إلى جولة في مرافق المدرسة استحضرت ذكريات الطفولة وشعرت وكأن المؤسسة أصبحت أكثر اختناقًا من الأمس، قبل أن نعلم أنّ وزارة التعليم قد قسمتها إلى نصفين ومنحت لكل مؤسسة حكمها الذاتي، في ساحة المدرسة التي زحفت عليها عوامل التعرية، قال معلم مراكشي اللكنة، إنّ اللاعب الدولي الإنكليزي، واين روني، قد زار أول أمس مدرسته الابتدائية في مدينة ليفربول، ودعا الأطفال المتحلقين حوله إلى التمسك بالعلم والمعرفة وبالأخلاق الحميدة، كان روني قد غادر قبل يومين السجن بكفالة بعد أن ارتكب حادثة سير وهو في حالة سكر طافح.
تفرق الجمع وذهب كل منا يبحث عن الحجرة الدراسية التي قضى فيها جزءًا من طفولته الشقية، عثرت على الفصل الدراسي وقد تغيرت ملامحه وبدا كأنه قد غسل وجهه بالماء والصابون بعد أن ظلّ مكتفيًا بالتيمم، كنت أجلس بالقرب النافذة أحدق في ما وراء السور، كنت أحلم بالخروج، أتطلع لرنين جرس انتهاء الحصة وبدء الفسحة ولجرس انتهاء اليوم الدراسي، حتى أصبح الجرس في مخيلتي الصغيرة مرادفا للحرية.
تدخل مستشار جماعي في إطار نقطة نظام، وكأنه في دورة جماعية، وطالب التلاميذ بالاجتهاد، وقال إن المدرسة العمومية أفضل بكثير من المدرسة الخصوصية، ومستشفيات الدولة أكثر تجهيزًا من المصحات الخاصة، واعترف أمام الجميع بأنه كان محرضًا قيد تعليمه على الكسل، وأنه كتب عشرات المرات على الجدران في غفلة من المعلمين عبارة: "من طلب العلا نام الليالي/ خذ الصفر ولا تبالي".
تلاميذ اليوم يعرفون اسم وزير التربية والتعليم، ويتبادلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية التدابير التي يمكن لوزير الداخلية السابق أن يطبقها في الموسم الدراسي الجديد، بينما كنا نعتقد أنّ المدير هو الوزير وأنّ حارس البوابة هو الآمر والناهي، فتمنى صديقي أن يصبح يومًا حارسًا، قبل أن تهيمن المدارس الخاصة وتصبح حلمًا لمن استطاع إليها سبيلا..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدرستي الحلوة مدرستي الحلوة



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 03:17 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أهم المعالم السياحية في "مانيلا" عاصمة الفيلبيين

GMT 23:36 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

"بوضوح" يستضيف "شارموفرز" و"منيب باند" في حوار فني ممتع

GMT 01:18 2014 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

"فسيفساء الرُّكام" ابتكار مصري

GMT 04:15 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّفي على "الزومبا" رقص رياضي

GMT 13:54 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

لوحة ألوان طلاء الأظافر لربيع وصيف 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya