تعتبر مدينة أروسا من أشهر المقاصد السياحيّة في كانتون غراوبوندن السويسري، حيث تستقطب أعداداً غفيرة من السيّاح خلال فصل الشتاء، للاستمتاع بالرياضات الشتويّة والتزحلق على الجليد، وفي شهور الصيف يمكن للسيّاح ممارسة رياضة الغولف، والاستمتاع بإطلالة رائعة على المناظر الطبيعية الخلابة في غراوبوندن، وبواسطة التليفريك يمكن للزوار التنقل بين القمّم المغطاة بالجليد، والتجول في المسارات العديدة التي تحيط بها الزهور البديعة المتفتحة، وتمرح عليها السناجب وتنطلق وسط الحشائش والشجيرات.وتتدفق المجموعات السياحيّة على مدينة أروسا لما تتمتع به من مناخ جبلي يساعد على الاستشفاء، حيث ذاعت شهرة أروسا في السابق بسبب انتشار العديد من المصحات العالميّة، التي تساعد مثلاً على الشفاء من مرض السل.
وتغيّر الوضع، أخيرًا، حيث أصبحت أروسا من المقاصد السياحيّة العالميّة، ولؤلؤة زاهية فوق جبال الألب، إذ تضمُّ مجموعة راقية من المنتجعات السياحيّة الجبليّة، التي تعتمد على سهولة التنقل والحركة، ويمكن الوصول إليها عن طريق القطارات، كما يمكن للسياح التجول في أروسا بكل سهولة.ولا يبعد الطريق من مبنى البلدية إلى كنيسة الجبل سوى دقائق معدودة، ولكن المدينة ليست خالية تماماً من السيّارات، فيما تمتاز محطة السكك الحديدية بموقع مركزي في المدينة؛ إذ أنّها توجد قرب بحيرة أوبرزيه مباشرة، حيث تصطف مقاعد جلوس متنزه البحيرة، التي تنتشر فيها قوارب التجديف، كما يوجد تليفريك "فايسهورن بان"، قرب المحطة.
ويعمل تليفريك "أوردين بان" الجديد، المزوّد بنوافذ رؤية كبيرة، منذ منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، ويربط بين منطقتي التزحلق على الجليد في أروسا ولينتسرهايده، ومن خلال هذا التليفريك نشأت أكبر منطقة للتزحلق على الجليد في غراوبوندن.ويمتد الموسم السياحيّ الشتويّ في هذه المنطقة من كانون الأول/ ديسمبر وحتى عيد الفصح، ثم تشهد المنطقة فترة كساد، إلى أن يبدأ الموسم السياحيّ الصيفي، في وقت متأخر بعض الشيء، مع آواخر حزيران/ يونيو، نظراً لأن الثلوج تظلّ تغطي قمم الجبال، التي ترتفع إلى 1800 متر.
وتتفتح الزهور، وتنتشر النباتات على الطرقات خلال المدينة، ويعتبر التجول في سويسرا من الأنشطة الرئيسية التقليديّة خلال فصل الصيف؛ حيث تحيط بالسيّاح المراعي الخضراء، والجبال العالية، والبحيرات الهادئة، وهو ما يمثل فرصة للسياح للاستماع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
ويحيط بمدينة أروسا شبكة من طرق ومسارات التجول، بمختلف درجات الصعوبة، بدءاً من الممرات السهلة والبسيطة، وحتى الدروب الوعرة شديدة الخطورة، وتسير الجولات الأكثر صعوبة في اتّجاه جبل "فايسهورن"، الذي يبلغ ارتفاعه 2653 متراً، ولذلك يتعيّن على السيّاح، الذين يفتقرون إلى خبرة التجوّل، التفكير جيداً قبل الانطلاق في مثل هذه الجولات الشاقة والخطرة.وتزخر مدينة أروسا نفسها ببعض مسارات التجوّل الحادة، وإذا لم يكن السائح مدرباً بدرجة كافية، فإنه سرعان ما يلاحظ ارتفاع معدل ضربات القلب، قبل أن يصل إلى حافة المدينة.ووتتيح منطقة في مدينة أروسا العالية بعض الشيء للسياح الاستمتاع بإطلالة رائعة على المدينة بأكملها تقريباً، حيث تبدو بحيرة "أونترزيه" كأنها دائرة باللون الأخضر والأزرق الداكن، التي يمكن السباحة فيها، حيث تصل درجة حرارة المياه إلى 18 درجة مئوية، في منتصف الصيف.ويمرُّ طريق السناجب في وسط غابات الصنوبر الكثيفة، في اتجاه المنطقة الجبليّة، والذي عُرف باسمه لظهور أعداد كبيرة عليه، حيث تمرح هذه الحيوانات أمام السيّاح.
وتمتاز السناجب الأصلية باللّون الأحمر، أما الحيوانات ذات اللون الرمادي فإنها تنحدر من أميركا الشماليّة، كما يوجد في هذه المنطقة أيضاً فأر الجبل، أو حيوان المرموط، حيث كثيراً ما يسمع السياح صوته، ولكن نادراً ما يظهر أمام أعينهم.وخلال فصل الصيف، يمكن للسياح الاستمتاع برياضة الغولف في الملعب 18 حفرة، والذي يعتبر أعلى ملعب في أوروبا، حيث يتيح للاعبين إطلالة فريدة من نوعها على المناظر الجبلية البانوراميّة المحيطة بمدينة أروسا.وعندما يرغب السياح في مشاهدة مدينة أروسا من أعلى، فيتعين عليهم استعمال التليفريك من جبل "فايسهورن"، حيث تتأرجح الكابينة بعض الشيء إلى الأعلى، ولا تتحرك إلا عندما يتوقف التليفريك في المحطة الوسطى، حيث يتعين على السياح تغيير خط التليفريك، الذي يقف أمامهم مباشرة.ويعتبر المشهد من أعلى جبل "فايسهورن" مثيراً للإعجاب، لاسيما في وقت مبكر من المساء، وكان السير على الأقدام هو الوسيلة الوحيدة للصعود إلى جبل فايسهورن لفترة طويلة، إلى أن تمَّ تشغيل قطارات أروسا خلال عام 1957، وبالتالي أصبح من السهل على السيّاح الوصول إلى هذه المناطق المرتفعة.ويصعب على المرء أن يصف روعة هذا المشهد الطبيعي البديع، لاسيما عندما تودع الشمس هذه البقعة الساحرة من العالم، ويتلألأ الجليد على القمم الجبلية التي تحيط بقمة "فايسهورن" التي يبلغ ارتفاعها 2700 متر.