الرئيسية » في الأخبار أيضا
العلاقات المغربية الموريتانية

الرباط - المغرب اليوم

دخلت العلاقات بين المغرب وموريتانيا خلال السنة الماضية مرحلة مظلمة لم تشهد لها مثيلا من قبل؛ فعلى الرغم من أن العلاقات بين البلدين دخلت في مرحلة من الشك والفتور منذ تقلّد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الحكم عقب الانقلاب العسكري الذي قام به عام 2008 وانتخابه عام 2009، إلا أن البلدين تعايشا مع هذه الحالة ولم نشهد أي انفلات للوضع. غير أن نقطة التحول جاءت في شهر ديسمبر/كانون الأول 2015، حينما قامت السلطات الموريتانية برفع العلم الموريتاني فوق تراب مدينة الكويرة، التي يعتبرها المغرب تدخل ضمن سيادته على غرار باقي أراضي الصحراء المغربية.

وعلى الرغم من أن المغرب أرسل مباشرةً بعد ذلك وفدًا رفيع المستوى للقاء الرئيس الموريتاني واحتواء الوضع، إلى أن الأمور لم تتغير، بل تمادت موريتانيا في اتخاذ خطوات أخرى اعتبرها المغرب مستفزة ولا تتماشى مع علاقات حسن الجوار بين البلدين، فبعدما رفعت موريتانيا علمها الوطني فوق تراب الكويرة، استقبل الرئيس الموريتاني وفودا من البوليساريو، وأعلن حدادا وطنيا لمدة ثلاثة أيام عقب وفاة الزعيم السابق للبوليساريو محمد عبد العزيز، بل وأرسل وفدا رسميا لحضور مراسيم دفنه.

كما رفض استقبال وفد رسمي مغربي قبل قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت شهر يوليو/تموز الماضي في كيغالي، بالإضافة إلى ذلك، لم تكن موريتانيا من بين الدول الـ 28 التي تقدمت بملتمس للاتحاد الأفريقي من أجل دعم طلب المغرب للرجوع إلى المنظمة والنظر في تجميد عضوية البوليساريو. ولم يستسغ المغرب هذه الخطوات، التي أوضحت بشكل جلي أن الرئيس الموريتاني أصبح يميل إلى تغليب أجندة الجزائر في المنطقة.

موريتانيا ترفع درجة التصعيد مع المغرب
ازداد الوضع تأزما بعدما أرسل المغرب أفرادًا من رجال الدرك إلى منطقة الكركرات الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع موريتانيا. وبعد هذه الخطوة والتوتر الذي أسفرت عنه بعد قيام البوليساريو بإرسال قواتها إلى المنطقة ووضعها على بعد 200 متر من القوات المغربية، لم تقم موريتانيا باتخاذ أي خطوة لتلطيف الأجواء مع المغرب وتجنيب المنطقة الدخول في متاهات غير محسوبة العواقب؛ بل الأكثر من ذلك، يبدو أنها تخطط لفرض الأمر الواقع وجعل منطقة الكركرات والكويرة تحت سيطرة البوليساريو؛ وهو الأمر الذي لن يقبله المغرب، وقد يدخل المنطقة مرحلة من المجهول، لأنه لن يفرط في هذا المنطقة التي تدخل تحت سيادته، ولن يسمح للجزائر والبوليساريو بخلق كيان بينه وبين موريتانيا.

إن قراءة متأنية للمسار الذي أخذته العلاقات بين المغرب وموريتانيا في السنوات الست الماضية يظهر بشكل واضح أن الرئيس الموريتاني تبنى عقيدة سياسية لا يعتبر فيها المغرب حليفاً استراتيجيا له دور مهم في الحفاظ على استقرار المنطقة واستقرار موريتانيا، ويبدو أن محمد ولد عبد العزيز يعتبر المغرب خطراً يتهدد موريتانيا واستقرارها.

وفي هذا الصدد، يجب علينا أن نأخذ في عين الاعتبار أنه في وقت تعتبر السنغال إحدى الحلفاء التقليديين للمغرب، وتدعمه وحدته الترابية، فإنها علاقاتها مع موريتانيا يطبعها الكثير من التوتر. وبالتالي فإن موريتانيا الرئيس محمد ولد عبد العزيز تنظر بعين الريبة إلى الحلف القائم بين الرباط وداكار، وترى في إقامة دولة في الصحراء المغربية وسيلة لتفادي تواجدها محاطةً بين المغرب والسنغال.

ومن أهم البوادر التي من شأنها المساعدة على فهم التحول الذي عرفته العلاقات بين البلدين في السنوات الست الماضية هو أن موريتانيا لم تعين سفيراً لها في الرباط منذ أكثر من خمس سنوات، وخفضت مستوى تمثيلها الدبلوماسي في الرباط إلى أضعف مستوى. ولعل من بين العوامل التي ربما جعلت الرئيس الموريتاني ينقلب على المغرب ويتبنى أجندة الجزائر هو احتضان المغرب للملياردير الموريتاني محمد ولد بوعماتو، الذي استقر في مراكش منذ عام 2010، والذي يتهمه النظام الموريتاني بمحاولة زعزعة استقرار البلاد وتشويه سمعته في الداخل والخارج.

فبعد أن كان من المقربين من ولد عبد العزيز وساهم في نجاحه في الانتخابات التي نظمت عام 2009، أصبح ولد بوعماتو المعارض الرئيسي للرئيس الموريتاني وسياساته. ولعل ما أثار حفيظة الرئيس الموريتاني وجعله يسارع في اتخاذ خطوات تعارض مصالح المغرب هو مشاركة محمد ولد عماتو في منتدى Crans Montana في شهر مارس/أذار الماضي في الداخلة، بالإضافة إلى استضافته في قصره في مدينة مراكش لاجتماع شاركت فيه عدد من وجوه المعارضة الموريتانية، من بينها إلى ولد محمد فال، الذي يعتبر كذلك من بين معارضي ولد عبد العزيز ومن المرشحين للانتخابات الرئاسية المقرر عقدها عام 2019.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التحركات التي قام بها محمد عبد العزيز ضد المغرب تظهر أنه يعطي للعلاقات بين البلدين طابعاً شخصيا، وأنه لا يأخذ بعين الاعتبار المصالح الاستراتيجية لموريتانيا مع المغرب وارتباط استقرارها باستقرار المملكة والمنطقة ككل، فحينما رفض استقبال الوفد المغربي الذي أرسله الملك محمد السادس إلى نواكشوط قبيل انعقاد قمة الاتحاد الإفريقي شهر يوليوز الماضي، فقد جاء ذلك كردة فعل على عدم تمكن الملك محمد السادس من عقد اجتماع مع محمد ولد عبد العزيز على هامش قمة الهند وإفريقيا، التي عقدت في نيودلهي في أكتوبر 2015، وكذلك عدم استقبال الملك لوزير الخارجية الموريتاني قبيل انعقاد قمة الجامعة العربية التي عقدت في نواكشوط شهر يوليو/تموز المنصرم.

كما يبدو أن الرئيس الموريتاني لم يستسغ أن الملك لم يشمل موريتانيا بأي من الزيارات الكثيرة التي قام بها في السنوات الماضية للعديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما من شأنه أن يعطي إشارة إلى نواكشوط بأن الرباط لا تعتبرها شريكاً هاماً في التوجه الجديد الذي أعطاه الملك للسياسية الخارجية للمغرب، ومن ثم اتخاذ خطوات تقربها من الجزائر.

تصريح حميد شباط وضرورة رأب الصدع بين البلدين

بينما يعيش الرأي المغربي حالة ترقب وتوجس بسبب التوتر الدبلوماسي بين المغرب وموريتانيا، والذي تعتبر منطقة الكركرات أهم تجلياته، خرج الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، بتصريح قال فيه إن موريتانيا تعتبر جزءا من الحدود التاريخية للمغرب. وقد أثار هذا التصريح زوبعةً وضجةً إعلاميةً في موريتانيا، وموجةً من الشجب ترجمها البيان الناري الصادر عن الأمانة العامة للحزب الحاكم.

ولعل خطورة هذا التصريح لا تكمن فقط في تأجيج الوضع بين البلدين، بل في إظهار المغرب على أنه دولة لا تحترم سيادة دول الجوار ولا تلتزم بالمواثيق الدولية ولا بميثاق الأمم المتحدة، الذي يعتبر احترام سيادة الدول واستقلالها من أهم مبادئه. وبالتالي، كان من الضروري أن تكون هناك ردة فعل من وزارة الخارجية المغربية للتبرؤ مما صرح به الأمين العام لحزب الاستقلال.

إن الوضعية التي وصلت إليها العلاقات بين المغرب وموريتانيا تتطلب التعامل معها بتبصر وبعد نظر، مع الابتعاد عن ردة الفعل والارتجال. إن الدبلوماسية ليست مجالاً تحكمه العواطف وردود الفعل غير المحسوبة، بل البراغماتية والحكمة. صحيح أن القيادة الموريتانية أصبحت مُخترقة من طرف الجزائر، وأصبحت تتخذ خطوات تتماشى مع سياسته العدائية ضد المغرب.

غير أنه علينا ألا ننسى الرصيد التاريخي الذي راكمه البلدان (المغرب وموريتانيا) في علاقاتهما الثنائية، والتي تميزت بالتفاهم والاحترام المتبادل، بالإضافة إلى العلاقات الأخوية بين شعبيهما. وبالتالي ينبغي للمغرب تفادي كل خطوة من شأنها تأجيج الوضع وجعل النظام الموريتاني يستمر في اتخاذ خطوات تصب في اتجاه ما تصبو إليه الجزائر والبوليساريو.

أول مستفيد من حالة القطيعة غير المعلنة بين الرباط ونواكشوط هي الجزائر، التي ستعمل كل ما في وسعها لعزل المغرب وإضعاف كل الجهود التي تقوم بها المملكة للرجوع إلى عائلتها الأفريقية. وبالتالي فإن البيان الصادر عن وزارة الخارجية المغربية، والذي يعبر عن شجب التصريح الذي أدلى به حميد شباط ضد موريتانيا، وعن أنه لا يعكس السياسة الخارجية للمغرب تجاه هذا البلد، كان في محله ووضع النقاط على الحروف.

كما أن قرار الملك إرسال رئيس الحكومة المعين إلى نواكشوط، والاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس الموريتاني، سيساعد على خفض التوتر بين البلدين والرجوع إلى الصواب. وبعد الزيارة التي يقوم بها بنكيران إلى موريتانيا، والتي سيبلغ من خلالها برسالة الملك محمد السادس إلى الرئيس الموريتاني، ينبغي أن تعمل الخارجية المغربية على التنسيق مع الخارجية الموريتانية لإعادة فتح قنوات التواصل بين البلدين أو على الأقل تلطيف الأجواء بينهما.

وهنا ينبغي التفكير في التحضير للقاء قمة بين قائدي البلدين، أو لزيارة رسمية للملك محمد السادس إلى موريتانيا، أو لزيارة للرئيس الموريتاني إلى المغرب. ربما قد تساعد هذه الخطوات على إعادة بناء الثقة بين البلدين وطمأنة القيادة الموريتانية أن المغرب ليست له أي مصلحة في زعزعة موريتانيا وأن استقرارها يدخل في صلب توجه السياسة الخارجية المغربية، التي تعمل على الحفاظ على الاستقرار في المنطقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار.

 

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

مجلس الأمن يختار الهند رئيساً للجنة العقوبات على ليبيا
داخلية الوفاق تتابع تطبيق الإجراءات الوقائية من كورونا في…
إطلاق سراح 23 من الجيش الوطني الليبي و8 من…
"وليامز" هناك دعم واضح من المجتمع الدولي مؤيد للسلام…
اشتباكات سبها تسفر عن سيطرة الجيش على مقر تابع…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة