تعرَّف على جونسون السياسي والرجل من خلال مؤلفاته
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

قبل أن يستقر به المقام في مقر رئاسة الوزراء البريطانيّة

تعرَّف على جونسون السياسي والرجل من خلال مؤلفاته

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - تعرَّف على جونسون السياسي والرجل من خلال مؤلفاته

بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني
لندن - المغرب اليوم

عاش بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الجديد حياة صاخبة داخل قلب الحدث وتحت الأضواء، قبل أن يستقر به المقام في 10 دوانينغ ستريت - العنوان الرسمي لمقر رئاسة الوزراء البريطانيّة -، سواء في السياسة نائبًا ووزير ظلّ وعمدة للعاصمة ووزيرًا، أو فيما يتعلّق بأموره الشخصية زواجات وخيانات وطلاقات ومشادات مع نساء كثيرات.

ولمع نجمه غالبًا عبر مواقف محرجة في الفضاءين معًا حتى سماه البعض بالمهرّج لكثرة هفواته العلنيّة، وتصريحاته الاستفزازية، ومواقفه المتناقضة وفضائحه المتكررة؛ لكّن ذلك لم يكن كافيًا بأي وقت ليوقف طموحه، أو ليحول دون ارتفاع شعبيته في بعض الأوساط، أو ليعطّل صعوده نحو قمّة هرم السّلطة.

على أن بناء صورة متكاملة عن عقل الرجل الذي سيكون وجه السّياسة البريطانيّة لشهور حاسمة قادمة على الأقل لن تكون ممكنة من خلال استعراض تصريحاته ومواقفه عبر المراحل؛ إذ إنّه معروف بقدرته العجائبيّة على الانتقال من النقيض إلى النقيض، ومن موضع التأييد إلى موضع الإدانة، ومن مكانة الحليف إلى مكانة العدو، بحسب اتجاه الريح وتقلبات الأزمنة. فهو مثلًا، وبصفته سياسيا ينتمي لحزب المحافظين، كان من أشد منتقدي الولايات المتحدّة وقتما كانت حكومة توني بلير العماليّة الحليف الأوثق للرئيس جورج دبليو بوش لحظة حرب العراق 2003. وهو وصف بريطانيا وقتها بأنها استعبدت من قبل واشنطن وأصبحت كمطيّة لها. لكنّه اليوم صديق مقرّب من الرئيس دونالد ترمب ويَعِدُ بأن يبني أقوى التفاهمات الاقتصاديّة مع الولايات المتحدة فور انتهاء عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبيّ. ولعل موقفه من المسألة الأخيرة - أي قضية البريكست - لا يزال طازجًا في أذهان الناس، إذ كان من مؤيدي البقاء وتثبيت العلاقات مع «أصدقائنا على البر الأوروبيّ» قبل أن ينقلب على عقبيه زعيمًا لمعسكر كارهي الاتحاد.

ولذلك فإن استعادة جونسون من خلال نصوص كتبه المنشورة ربما تبدو أفضل رهان ممكن لبناء صورة أكثر تكاملًا عنه. فكثيرون - لا سيما في العالم العربي - قد لا يعرفون أن هذا السياسي الذي يتنقل في شوارع لندن بدراجته روائي قديم، وصحافي متمرّس (كان رئيس تحرير مجلّة سبكتاتور اليمينية الأسبوعيّة) ومؤرّخ أيضًا، وكتبه باعت في مجموعها - رغم رداءتها بحسب أغلب النّقاد - ما يقرب من نصف مليون نسخة. وقد كان حذّر القّراء عشية تصعيده رئيسًا للوزراء من أن متطلبات المنصب قد تعيقه عن إنهاء مُسودات الفُصول الأَخيرة من كتابه الأحدث عن شكسبير - أُحجية العبقريّة - الذي من المفترض نشره مطلع العام المقبل.

 وللحقيقة، فإن جونسون ليس بأوّل روائي أو مؤرّخ بريطاني يصبح رئيسًا للوزراء، إذ إن بنجامين ديزرائيلي (1804 - 1881) نشر 14 رواية أدبيّة قبل وصوله للمنصب التنفيذي الأرفع في البلاد، بينما فاز وينستون تشيرتشل (1874 - 1965) بجائزة نوبل للآداب عام 1953 على مجمل أعماله المكتوبة وفيها سيرة ذاتيّة ومقالات صحافية، بصفته مراسلا حربيا، وتأريخ للحربين العالميين وسجل لحياة دوق مالبرو كما رواية يتيمة (سافرولا - 1900) وهي حكاية عن مغامرة أفريقيّة في دولة تقوم فيها ثورة؛ بطلها شخصيّة تشبه كاتب الرواية أكثر من أي أحد آخر. وعلى الرّغم من أنّ كثيرًا من النّقاد الأدبيين يصرّون على فصل النّصوص المكتوبة عن كاتبيها لا سيّما في فضاء الرّواية تحديدًا، فإن مؤرخي الثقافة الشعبيّة رأوا أعمال ديزرائيلي موسومة بإرهاصات لا يمكن تجاهلها عن سياساته المُحافظة في السّلطة، كما في رواية تشرشل، وجذور آيديولوجيته بشأن الصّراعات وهو الذي كان خلال العقود التالية لنشرها (بطل) حربين عالميتين راح ضحاياهما عشرات الملايين من البشر.

 فماذا تقول لنا كتابات جونسون إذن عن شخصيته السياسيّة الملتبسة؟

 روايته الوحيدة إلى الآن وتحمل عنوان (Seventy - Two Virgins) أي 72 عذراء (أو حوريّة من حوريّات النعيم) نشرها عام 2004 وهي نص كوميدي الطابع في 336 صفحة عن محاولة اغتيال ينفّذها إسلاميّون متطرفون ضد رئيس أميركي (يفترض أنّه جورج دبيلو بوش) وهو يلقي خطابًا له أمام البرلمان البريطاني أثناء زيارة إلى لندن، لتنتهي المحاولة بالفشل بعد سلسلة من الأخطاء والزلات المتتابعة واحتجاز رهائن لثلاث ساعات ونصف من النّهار. وقد فشلت الخطّة - تخبرنا الرواية - بفضل نائب في البرلمان البريطاني اسمه روجر بارلو يصبح في النهاية بطلًا ونجمًا إعلاميًّا، تكاد تتطابق معالم شخصيته مع شخصية جونسون نفسه الغرائبيّة لدرجة أنه بدوره يتنقل بالدّراجة إلى مقرّ عمله وكان يصرّ على ضرورة فصل الأمور الشخصيّة عن العمل السّياسي، علمًا بأن جونسون فُصل بعد صدور الرّواية بشهرين من منصب وزير ظلّ في المعارضة المحافظة بعدما تبيّن كذبه العلني بشأن علاقة خيانة زوجيّة.

 الرّواية المتهالكة إبداعيا - باعت نحو 50 ألف نسخة لكنها تلاشت من الساحة الأدبيّة عاجلًا - يسيطر عليها نفس استشراقي بغيض متلفّع بالإسلاموفوبيا ويعتبر أن من طبيعة المسلمين الميل إلى القتل والعنف مدفوعين بوعود الجنس الجماعي المفتوح في الجنة، ويعمم وصف العرب بأن «أنوفهم معقوفة» و«عيونهم زائغة»، بينما يدعو البريطانيين المسلمين من أصول غير بيضاء بـ«ملوني القهوة». وهو إلى جوار انحيازه الآيديولوجي الجلي ضد الشرقيين فإن طريقة تقديمه للشخصيات النسويّة في الرواية تشير إلى نظرة جنسيّة محضة تجاههن لا تنجو منها الخيّرات ولا الشريرات. ولذا لا يستغرب المرء من تصريحاته الأخيرة - بعد 15 سنة من صدور الرّواية - في وصف النساء المسلمات المنتقبات بـ«أكياس القمامة المتنقلة». ولا تقتصر الكراهيّة والشتائم على المسلمين وحدهم بل يطال بعضها أيضًا السياسيين الفرنسيين والأميركيين، ولذا نصحه أحد الصحافيين في جريدة «ذي غارديان» البريطانيّة بسحب كل النسخ من الأسواق قبل الالتقاء بالرئيس الفرنسي قريبًا للتداول بشأن موضوعة البريكست!

 عمل جونسون الأهم بالنسبة إليه هو كتابه عن «The Churchill Factor How One Man Made History» أو «دور تشرشل: كيف صنع رجل فردٌ التاريخ» الذي صدر عام 2015 وتجاوزت مبيعاته الربع مليون نسخة. ورغم أنه تعرّض لانتقادات كثيرة في الأوساط الأكاديميّة ووصفه بعضهم بـ«التأريخ الكسول»، فإنّه كان أشبه بدعاية بروباغاندا سياسيّة لا نص أكاديمي، تبدو غايته الوحيدة إقناع النّاخبين البريطانيين بأنّ جونسون هو تشيرشل جديد.

 بين كتابي الحوريّات والفرد الذي صنع التاريخ نشر جونسون عام 2007 «The Dream of Room» أو حلم روما، ويجادل فيه بأسباب نجاح الإمبراطوريّة الرومانيّة في خلق ثقافة أوروبيّة متجانسة مقابل فشل الاتحاد الأوروبي المعاصر بهذه المهمة. وقد تحوّل الكتاب إلى سلسلة وثائقيّة يقود المشاهدين خلالها عبر أوروبا مستكشفًا أسرار الحوكمة في الإمبراطوريّة القديمة محاولا بالطبع إقناع الجمهور البريطاني بأنّه محافظ مثقف ليبرالي يليق بأيامنا الرّاهنة. وفي الكتاب إشارة سلبيّة بما خصّ الإسلام أيضًا إذ يقول: «ولا شكّ بأن الاعتقاد بتموضع مشكلة العالم الإسلامي في الإسلام نفسه لا يُجافي الحقيقة».

 تطرح النّصوص الجونسونيّة - إن جاز التعبير - في مجموعها صورة سياسي ميكافيللي متقلّب، عنده نوازع عنصريّة عميقة ومواقف مسبقة من الآخرين ومع ذلك فهي قابلة للتغيّر بسهولة وفق تحولات الأيّام، ممتلئ نرجسيّة وتوهمًا في تعامله مع ذات متورّمة. لكّن مثل تلك الأوصاف قد لا تكون مدعاة للإدانة التامّة في عالم السياسة المعاصرة. بل لعلّها تحديدًا سرّ تصعيد بوريس جونسون إلى قمّة هرم السلطة في بريطانيا هذه الأيّام.

قد يهمك ايضا:

بن عبدالعزيز يحضر الاحتفال بالذكري الـ 70 لانطلاق اليونسكو

فرقة الموسيقى العربيه تغنى بافتتاح مسرح دار الثقافه بمدينة بنى ملاك

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعرَّف على جونسون السياسي والرجل من خلال مؤلفاته تعرَّف على جونسون السياسي والرجل من خلال مؤلفاته



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya