الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة

الفنانة ريم البنا
الرباط - المغرب اليوم

ربّما كانت تَعرف أنها ستكون آخر مرّة تخرج فيها إلى شرفة بيتها المُطل على جبال الجليل البعيدة، تُراقب شُجيرات "البرتقال" المترامية على بلدة الناصرة، وهي تُمسِك بين يَديْها المُرتجفتين كُوب شايِها المسائي، الذي كتبت فيه أسماء المدن الفلسطينية.

كان الموت وقتها، في الجهة المُحاذية، غير بعيد، يتربّص بروحها وينتظر ولادة آخر القصائد، ليُمارس طَقسهُ الأبدي، فما الحياة، كما كانت تقول دوما، إلا رحلة خرقاء... والتالي هو الأجمل.

ريم البنّا، ابنة الناصرة، البلدة الفلسطينية الصغيرة الواقعة جنوب الجليل، والمعروفة بحاراتها وأزقتها الضيقة، التي تُؤرّخ لفترات تاريخية غابرة، رأت النور سنة 1966، قبل عام فقط من أحداث نكسة 1967، التي تلقى فيها الجيش العربي هزيمة نكراء على يد الاحتلال الإسرائيلي.

وقد كان وَقعُ الهزيمة كبيرا على الفلسطينيين وأسهم بشكل كبير في رسم ملامح شخصية البنا فيما بعد، فهي لم تكن تقبل مصطلح "الهزيمة" الذي يُرادف الخنوع والاستسلام؛ فالشعراء نرجسيون لا يقبلون السقوط. وهكذا، كانت هي بالخصوص، تؤمن بالهزيمة السياسية؛ لكنها، أبدا، لم تقبل بالهزيمة الشاعرية.

ودرست ابنة الشاعرة الفلسطينية زهيرة صباغ الموسيقى والغناء وهي في سن مبكرة، متأثرة بالمجموعات الموسيقية الفلسطينية التي كانت تتغنى بالثورة والمجد العربي، قبل أن تقرر الالتحاق بالاتحاد السوفيتي، قبلة الثوار والمستضعفين خلال الثمانينيات، لتتخرج من المعهد العالي للموسيقى بموسكو عام 1991 بعد 6 سنوات درست خلالها الغناء الحديث وقيادة المجموعات الموسيقية.

وتصف البنا موسيقاها بأنها "وسيلةٌ للتعبير عن الذات الثقافية"، فتقول: "جزءٌ من عملنا يتألف من جمع النصوص الفلسطينية التراثية غير الملحنة، حفاظاً على هذه النصوص من الضياع، ثم نحاول تأليف موسيقى عصرية مستوحاة من الموسيقى الفلسطينية التُراثية لتتماشى مع هذه النصوص، لهذا أحاول كتابة أغان تتلاءم مع صوتى، أريد خلق شيء جديد في كل صدد. وهذا يتطلب إحضار الناس إلى مكان أقرب من الموسيقى والروح الفلسطينية".

النقطة المفصلية في حياة المغنية الفلسطينية الراحلة كانت خلال سنة 2009، عندما أصيبت بالسرطان، وقد انتصرت عليه في المرة الأولى، ولكن المرض عاد وهاجمها فأعلنت توقفها عن الغناء عام 2016، بعد إصابة أوتارها الصوتية، وكتبت يومها تقول: "صوتي الذي كنتم تعرفونه، توقف عن الغناء الآن أحبتي.. وربما سيكون هذا إلى الأبد".

واختيرت عام 2016 شخصية العام الثقافية الفلسطينية، ولما اعتلت منصة التتويج قالت: "صوتي كان سلاحي الوحيد ضد الاحتلال، ضد إرهاب إسرائيل التي قتلت وشردت وذبحت وحاصرت ونفت، وما زالت تمارس أبشع جرائمها ضد الشعب الفلسطيني".

السرطان "اللعين" غزا جسدها منذ 10 سنوات؛ لكنه لم يهزم روحها وأملها الكبير في العودة إلى "الخشبة" لتغني للأسرى المعتقلين والفقراء في العالم، فقد بقي لديها الأمل بالرغم من الألم.

ومنذ أسبوعين، كتبت لأولادها على حسابها في موقع فيسبوك رسالة مؤثرة قالت فيها: "سأجري كغزالة إلى بيتي، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول.. هذه الحياة جميلة".

وقد كانت معظم أغاني ريم من تأليفها، كما أن لديها طريقة موسيقية مختلفة في التأليف والغناء، ومن أبرز ألبوماتها: جفرا 1985، دموعك يا أمي 1986، مرايا الروح، ألبوم مرفوع إلى الأسرى في سجون الاحتلال 2005، مواسم البنفسج، أغاني حب من فلسطين 2007، نوّار نيسان، أغاني أطفال، مُهداة إلى الأطفال الفلسطينيين اللاّجئ 2009، صرخة من القدس:2010، أوبريت بكرا 2011، تجلّيات الوَجْد والثورة 2013.

لم تكن ريم تحتاج إلى رسائل نعي تحكي عن بطولاتها وأغانيها الشرقية بنكهة البحر، فأصعب امتحان أمام الموت هو مواجهة الغياب، وهكذا تحوّل جدارها على "الفايسبوك" إلى "قبلة" للشعراء والمهاجرين واللاجئين والسياسيين، يعلّقون فيه مآسيهم وأحلامهم وذكرياتهم.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 10:45 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج السرطان

GMT 17:37 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 01:48 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حسن الرداد يُوضِّح أنّ فيلمه الجديد قدَّمه بشكل مختلف

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 02:28 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 01:55 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أميرة هاني تشارك في "قيد عائلي" مع ميرفت أمين

GMT 21:01 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

فافر يؤكد رغبته في الصدارة قبل مواجهة موناكو

GMT 01:11 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيل الفنان المسرحي زياد أبوعبسي عن عمر ناهز 62 عامًا

GMT 01:51 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سماء الوطن العربى تشهد ذروة شهب الثوريات الجنوبية 2018
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya