فنان مغربي يصمم من حرفة والده تحفًا عالمية
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

فنان مغربي يصمم من حرفة والده تحفًا عالمية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - فنان مغربي يصمم من حرفة والده تحفًا عالمية

الفنان المغربي لحسن إيوي
الرباط - المغرب اليوم

بهدف مساعدة أسرته على تحسين موارد عيشها، سيضطر لحسن إيوي، الفنان المغربي الذي يحول المتلاشيات إلى منحوتات أنيقة، في سن الثامنة، إلى التردد على ورشة والده بشكل يومي لمساعدته في إعادة تدوير المطاط لصناعة دلاء الماء المستعملة في الحمامات التقليدية، أو نظيرتها المستعملة في استخراج مياه الآبار وغيرها من المعدات المرتبطة بالماء.

غير أن الطفل حينها لم يكن يتصور أنه سينجح في تطوير حرفة والده التقليدية التي خنقتها موجة التصنيع ودفعتها إلى الانقراض، ليعطيها صبغة إبداعية حتى تغدو اليوم تنتج قطعا تؤثث معارض فنية بالمغرب وأوروبا.

هسبريس زارت الفنان الشاب في ورشته الواقعة بأحد الدواوير القريبة من مراكش، لتسليط الضوء على كيفية اشتغاله، ولإعادة تركيب مسار فنان عصامي عانى من الحاجة لكنه استطاع البصم على مسار فني ودراسي يدفعه اليوم إلى طرق أبواب العالمية.

من حي شعبي إلى رحاب العالمية

بعد أن تعود إيوي (35 سنة)، وهو مازال طفلا صغيرا، على التوفيق بين دراسته الابتدائية وعمله حرفيا داخل ورشة والده المتواضعة بحي باب الحمر بمراكش، اكتسب حينها أبجديات تطويع المطاط، قبل أن ينجح بعد سنوات طويلة من المثابرة في تحويله إلى قطع فنية تأخذ أشكالا مختلفة، لتتقاطر عليه العروض اليوم من أجل عرضها بأوروبا.

"هذه الحرفة التي قتلتها ثقافة التصنيع وانتشار معامل البلاستيك بشكل واسع نهاية تسعينيات القرن الماضي حاولت أن أعيد لها الحياة. وبحكم حبي الشديد للتصميم والرسم والفن بشكل عام، أدخلت على حرفة والدي صبغة عصرية، لتصبح النتيجة ما ترونه الآن"، يقول إيوي، من داخل ورشته المتواضعة نواحي تيشكا.

رغم تحمله مشاق العمل، لم يفرط إيوي يوما في مساره الدراسي، بل توجه بشهادة عليا في الأدب الإنجليزي من جامعة القاضي عياض في مراكش. "كان والدي محقا حينما أرغمني على متابعة دراستي التي ختمتها بإجازة في الأدب الإنجليزي. اللغة التي تعلمت أصبحت بمثابة الشيفرة التي أشرح بواسطتها للأجانب طبيعة عملي وتاريخه"، يقول الفنان المراكشي.

يحس لحسن بأنه حامل لرسالة والده، لهذا السبب قرر الاستمرار في المجال نفسه طيلة 27 سنة من العمل المتواصل، مسلحا بحبه الشديد للفنون دون أن يكون قد تلقى أي تكوين. "مصدر إلهامي الوحيد لم يكن حينها سوى السينما التي ساهمت في تكوين شخصيتي، وزرعت في لا وعيي حب الألوان والفن بشكل عام".

قبل ثلاثة أشهر، انتقل إيوي، لتوسيع نشاطه، من ورشة جد ضيقة بالحي الصناعي بمراكش، ليكتري هذا المنزل الذي حوله إلى ورش كبير. "رغم أنه بعيد عن مراكش بأزيد من 20 كلم، ما يصعب علي جلب المواد الأولية، إلا أنني أجد راحتي هنا؛ فالدوار هنا هادئ ويساعدني على الإبداع، كما أن الورش يتوفر على غرفتين يمكنني أن أستقبل فيهما زملائي الفنانين من المغرب وخارجه"، يشرح إيوي.

في كل مرة ينفذ منه مخزون المواد الأولية، يتجه إلى سوق المتلاشيات (لافيراي) بمراكش لأخذ كفايته من الحديد والمطاط المستعمل والبلاستيك وغيرها من المواد الأولية التي يطوعها إيوي بخبرة زهاء 3 عقود من الزمن، قبل أن يجعلها قطعا فنية يبيع بعضها لزبناء مغاربة وأجانب لضمان مرود رزق، بينما يحتفظ بالبقية لعرضها في معارض فنية.

حرفة منبوذة

يقول إيوي في لقائه بهسبريس إن حرفة والده كانت "منبوذة"، على اعتبار أنها لا تندرج ضمن غرف الصناعة التقليدية، ويعتبرها المسؤولون عن القطاع حرفة هامشية لا ترقى إلى باقي الحرف المحسوبة على الصناعة التقليدية. "لهذا السبب قررت أن أعرف بها، إيمانا مني بدور الفنان في نشر ثقافة الحفاظ على البيئة"، يبرز إيوي.

وعن طبيعة حرفة والده الذي يريد بعثها من رمادها، مع التشديد على إيصال هذا المشعل إلى أبنائه المستقبليين، يقول إيوي: "في السابق كان الناس البسطاء يحافظون على البيئة عن طريقة إعادة تدوير المواد المستعملة، لكنهم لم يكونوا على وعي بهذا الأمر، بل كان عملهم هذا ينم عن الحاجة إلى إيجاد طرق لتسهيل العيش".

كما يكشف الفنان ذاته جانبا من معاناة هذه الفئة عبر التأكيد أن "نهايتها بالمغرب كانت في بداية الألفية الثالثة، إذ تفرقت سبل ممتهنيها إلى مهن أخرى، اختاروها قسرا لإعالة أسرهم بعد أن انقطع مورد رزقهم الوحيد"، وفق تعبيره.

هكذا إذن فإن ظلم التاريخ الذي لحق هذه الحرفة لم يجد من منصف له غير صبي كان يمارسها بلا وعي في السابق، قبل أن يقرر عصرنتها بشكل كامل، وفتح أبواب العالمية أمامها.

مسيرة احترافية

بدأ إيوي سنة 2014 عرض أعماله الفنية خارج المغرب، وبالضبط بمعرض معهد العالم العربي بباريس، حيث وفر للزوار عددا من أعماله الفنية، للاطلاع على هذا الفن الذي يمارسه عدد محدود جدا من الفنانين على الصعيد العالمي.

بعد ذلك ستتصل وزارة البيئة المغربية بالفنان المراكشي لعرض أعماله بالمنطقة الزرقاء الخاصة بقمة المناخ "كوب 22" المنعقدة مؤخرا بمدينة مراكش. "في البداية لم يكن يعلم الزوار أن هذه الأعمال صممها مغربي، بل كانوا يعتقدون أن فنانين أجانب هم من وراءها، نظرا لغياب مثل هذا الفن عن الساحة الوطنية"، يقول إيوي.

الفنان الشاب يسابق الزمن في الفترة الحالية لعرض أعماله مجددا بعاصمة الأنوار باريس في نهاية الشهر المقبل. "هذا الحدث مهم بالنسبة لي، على اعتبار أنه سيشكل نقطة تحول في مسيرتي الفنية، حتى تصبح أعمالي معروفة على الصعيد العالمي"، يوضح المتحدث نفسه.

وفي مقابل ذلك، سيكون إيوي ضيفا في فرنسا أيضا على معرض آخر يجمع 42 مصمما في المجال الإيكولوجي من مختلف بقاع العالم، وسيكون هو المصمم المغربي والعربي الوحيد بينهم.

فور دخول ورشة إيوي، وبالضبط في باحتها الرئيسية، ستثير انتباهك "عجلة سيزيف"، وهي مصنوعة بشكل كامل من المطاط، تبين رجلا في هيئة سيزيف، الشخصية الإغريقية الأسطورية التي عاقبتها الآلهة في الميثولوجيا القديمة بحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، وفي كل مرة يقترب فيها من الوصول إلى هدفه تتدرج الصخرة إلى أسفل الوادي، ويبقى الرجل هكذا إلى الأبد؛ بينما "مغربها" إيوي عبر تصميم أشجار نخيل في مقدمة عجلة يدفعها "سيزيف المغربي".

وعن سبب اقتباس هذا العمل من الأسطورة الإغريقية الشهيرة، يقول إيوي وهو مستغرق في النظر إلى الأفق: "هي تعبير عن أزمة الإنسان المعاصر، الذي كلما صنع عجلات إضافية إلا وعبد لها الطريق لتمر فوقها، وهو الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تقلص المساحات الطبيعية، وتعويضها بسجون إسمنتية عملاقة!".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فنان مغربي يصمم من حرفة والده تحفًا عالمية فنان مغربي يصمم من حرفة والده تحفًا عالمية



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:17 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج القوس

GMT 07:43 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صحافي بريطاني يكشف درسين قيّمين عن التقاليد اليابانية

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 10:24 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

ثيلان بلونداو تخطف القلوب في أسبوع موضة ميلانو

GMT 10:11 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

الغموض يلفّ وفاة شقيقتيْن بمدينة "أولاد تايمة‬"

GMT 12:00 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

واجهي خيانة زوجك بـ "اتيكيت" خاص

GMT 01:04 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يفصل في قصة اعتذار الرجاء خلال أيام

GMT 00:34 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

البنتاغون يحدد مصدر الهجمات على "عين الأسد"

GMT 10:01 2019 السبت ,04 أيار / مايو

توقعات أحوال الطقس في المغرب اليوم السبت

GMT 20:17 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولي أيوب الكعبي يغيب عن مباراة المغرب والكاميرون

GMT 04:52 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

توقيف قيادي في حركة "نداء تونس" مطلوب بمذكرات تفتيش

GMT 03:22 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

بئر مسموم يهدد حياة السكان في شيشاوة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 12:48 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

حمزة الصنهاجي سعيدًا بانضمامه إلى الدفاع الجديدي

GMT 02:31 2016 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

قنديل بلوشي فنانة انتهت حياتها بشكل مأساوي جدًا

GMT 16:22 2012 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هل يفعلها زويل ؟؟
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya