عود قرمدي يبعث أغاني الزمن الجميل في برانس البيضاء
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

عود قرمدي يبعث أغاني "الزمن الجميل" في "برانس البيضاء"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - عود قرمدي يبعث أغاني

المغربي جمال قرمدي
الدار البيضاء - المغرب اليوم

صوته الشجي وعزفه المتقن على آلة العود لا يمكن إلا أن يجتذبا كل مار بممر الأمير مولاي عبد الله المعروف بـ"البرانس"، وسط مدينة الدار البيضاء.

رجل بدأ الشيب يعتلي شعره، يحاول وسط ضوضاء العاصمة الاقتصادية والحركة التجارية الدؤوبة بالممر الشهير والتاريخي، بعث أغاني الزمن الجميل وزرع الروح في رواده في زمن لا شيء يعلو فيه على الفوضى، حتى في الأغنية!

بداية العزف

حكاية جمال قرمدي، ابن مدينة مليلية المحتلة الذي نشأ وترعرع في فاس العلمية، مع العزف على آلة العود بدأت بالصدفة. ذات يوم، في أحد الأعراس لقريب من عائلته، وجدت الفرقة الغنائية التي حضرت من أجل تنشيط المناسبة نفسها بدون عازف على إحدى الآلات.. وكأي طفل يتملكه الفضول، انبرى جمال من وسط الجموع بآلته ليخرج الفرقة من مأزق حقيقي، وينطلق في العزف بعفوية.

يتذكر جمال بدايته ، دون أن يتوقف عن الغناء ومداعبة "عشيقته" على أنغام سيدة الطرب أم كلثوم: "بدأت تعلم العود على يد با ادريس البصير بمعهد دار عديل في المدينة القديمة بفاس"، مضيفا: "صرت ضابط إيقاع، وكانت الفرق الغنائية تنتظرني لأشارك معها".

بالرغم من أنه ذاق ويلات اليتم منذ سن الثامنة، فإن ولع جمال بالعزف على العود جعله يغادر مقاعد الدراسة بعد حصوله على شهادة التعليم الابتدائي، ليفضل في المقابل الدراسة في المجال الموسيقي بمعهد بساحة لافياط في فاس.

يؤكد صاحب آلة العود وسط ممر "اليرانس" أنه تلقى تعليمه على يد المرحوم عبد السلام خشان، رئيس الجوق الملكي سابقا، والمعطي بنقاسم، مشيرا إلى أنه كان يستغل وجوده مع الفرق ويعزف على آلات أخرى، حتى صار يتقن غالبيتها وضمنها الناي.

تنقل جمال قرمدي بين المدن المغربية في السبعينيات، وكانت مدينة الدار البيضاء واحدة من المدن التي يزورها باستمرار ويمكث فيها طويلا. وسط صخب العاصمة الاقتصادية للمغرب، ظل الرجل يمارس هوايته وعشقه؛ فقد كان يعزف بالمقاهي والحانات، ويبحث عن جديد الأغاني المشرقية، ويلتقي كبار المغنين ويجالس أصحاب الكلمة والذوق الرفيع.

ملكت آلة العود حياة العازف جمال، فبالرغم من كونه شارف على إتمام ستين سنة، فإنه بحسب ما حكاه للجريدة، لم يتزوج، إذ يعيش في غرفة بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، ولا تؤنسه سوى هاته الآلة!

ويروي جمال وهو غير نادم على ما عاشه في حياته: "هذه الآلة أنستني يتمي وفقري وقلة الحيلة.. ولولاها في ظل هذه الظروف لكنت أصبت بالجنون".

آلة العود رفيقة الدرب

قصة جمال مع العزف قصة حب كانت تظهر بشكل كبير في احتفالات عاشوراء، يقول: "خلال هذه المناسبة، لم أكن أشتري مسدسات أو مفرقعات كما كان يفعل أقراني، وإنما كنت أشتري بنديرا أو طعريجة وأتعلم الاشتغال عليهما".

في هذا العصر المتسارع، والذي صارت موسيقاه أيضا متسارعة، فإن العازف جمال يبدو مستاء من هذه الفنون والكلمات المستعملة في الأغاني الجديدة، إذ يقول: "أحب الطرب النابع من القلب، لأن الغناء إحساس وذكاء".

ويتابع جمال حديثه والآلة لا تفارقه: "عندما ذهب الرواد لم يبق هناك شيء"، مضيفا أنه "يظهر لي اليوم أننا نسينا هويتنا وذاكرتنا، بانغماسنا في هذه الأغاني.. هذا فقدان للهوية".

يعشق ابن مليلية المحتلة جميع المطربين المغاربة والمشارقة من الجيل القديم، ويحفظ أغانيهم عن ظهر قلب ويعزف مقطوعاتها، مشيرا إلى أنه "لن تجد اليوم في هذا الجيل من يعزف أغاني أم كلثوم وغيرها كاملة"، كما يروي قصص هؤلاء المشاهير وعلاقتهم بالفن والغناء.

ويحاكي جمال قرمدي الفنانين الرواد حتى في طريقة عيشهم وكذا في طريقة تعاملهم مع آلة العود، إذ إنه لا يعزف بعد عودته إلى غرفته التي يكتريها في المدينة القديمة، ليريح العود، ويعده ليوم عزف جديد، ويكتفي حين اختلائه بنفسه بالاستماع لباقة من الأغاني تلهمه وتبعث الروح في جسده النحيف.

أحلام بسيطة

تأثير الفن على جمال الفنان الذي لم يحصل على البطاقة المهنية لوزارة الثقافة، باد بشكل جلي حتى في أحلامه. لا يطلب غير نشر السلم والسلام والحب بين الجميع. يقول في بوحه لهسبريس: "بغيت نشوف الناس زوينين، ضاحكين، ناشطين، وبدون أمراض"، مضيفا: "ملي تاتكون الناس فرحانة، تانكون أنا فرحان".

وبخصوص مداخيله اليومية من العزف وسط ممر "البرانس" من المارة الذين يجرهم عزفه وصوته لمنحه بضعة دراهم، يقول جمال: "الله يغلب البركة على الرزق، كل نهار ورزقه، نحن قانعون بلي جابها الله".

لا يطلب جمال، الذي تركناه وهو يعزف على آلته أغنية "علاش يا غزالي"، الكثير.. فقط يمني النفس أن يحصل على مساعدة من لدن جهة ما للسفر إلى الديار المقدسة وأداء مناسك الحج "الله يحيب شي محسن، ونمشيو للحج".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عود قرمدي يبعث أغاني الزمن الجميل في برانس البيضاء عود قرمدي يبعث أغاني الزمن الجميل في برانس البيضاء



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:17 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج القوس

GMT 07:43 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صحافي بريطاني يكشف درسين قيّمين عن التقاليد اليابانية

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 10:24 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

ثيلان بلونداو تخطف القلوب في أسبوع موضة ميلانو

GMT 10:11 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

الغموض يلفّ وفاة شقيقتيْن بمدينة "أولاد تايمة‬"

GMT 12:00 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

واجهي خيانة زوجك بـ "اتيكيت" خاص

GMT 01:04 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يفصل في قصة اعتذار الرجاء خلال أيام

GMT 00:34 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

البنتاغون يحدد مصدر الهجمات على "عين الأسد"

GMT 10:01 2019 السبت ,04 أيار / مايو

توقعات أحوال الطقس في المغرب اليوم السبت

GMT 20:17 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولي أيوب الكعبي يغيب عن مباراة المغرب والكاميرون

GMT 04:52 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

توقيف قيادي في حركة "نداء تونس" مطلوب بمذكرات تفتيش

GMT 03:22 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

بئر مسموم يهدد حياة السكان في شيشاوة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 12:48 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

حمزة الصنهاجي سعيدًا بانضمامه إلى الدفاع الجديدي

GMT 02:31 2016 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

قنديل بلوشي فنانة انتهت حياتها بشكل مأساوي جدًا

GMT 16:22 2012 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هل يفعلها زويل ؟؟
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya