باحث يدعو المغرب إلى طلب ولوج الكومنويلث البريطاني
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

باحث يدعو المغرب إلى طلب ولوج "الكومنويلث البريطاني"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - باحث يدعو المغرب إلى طلب ولوج

"الكومنويلث البريطاني"
الرباط - المغرب اليوم

عاد المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، وقبل العودة توفق في تمتين علاقاته مع دول القارة عبر نسج شراكات اقتصادية وسياسية مهمة، أعطته مصداقية وأكسبته ثقة كبيرة ينبغي الحفاظ عليها واستثمارها بذكاء خدمة لقضاياه الأولى، بالتوازي مع صيانة حقوق باقي الشركاء الأفارقة لمزيد من التعاون والتقدم.

لا داعي للتذكير بأن إفريقيا قارة غنية على جميع المستويات، ولها من الإمكانات والمؤهلات ما يجعلها قوة عالمية بين باقي القارات، وفي الآن نفسه يضعها تحت ضغط الأطماع والتدخلات الأجنبية المختلفة، بل ويجعل منها أيضا ساحة لصراع المصالح بين القوى العظمى، وهي أصلا تعيش نوعا من الانقسام بين عدة انتماءات ثقافية ولغوية واقتصادية بفعل تركة الاستعمار الغربي.

هذه التركة تتجسد بشكل ملموس في توجه فرنكفوني تابع لفرنسا التي تعمل دائما على توجيهه، أو لنقل على الأقل على الاتفاق معه على ضمان مصالحها، وفي كتلة انجلوساكسونية قوية منضوية تحت التاج البريطاني في شخص المملكة المتحدة داخل منظمة الكومنويلث commonwealth، التي تم الإعلان عن تأسيسها بشكل رسمي سنة 1949 بعد مشاورات ولقاءات لسنوات بين بريطانيا ومستعمراتها السابقة، وعلى ما يبدو أنها تتجه حاليا نحو إدماج دول لم تكن من مستعمراتها، كرواندا المستعمرة البلجيكية السابقة التي انضمت إليها سنة 2009 كرسالة موجهة بشكل مباشر إلى فرنسا، وأيضا الموزنبيق المستعمرة البرتغالية السابقة التي انضمت إلى الكومنويلث سنة 1995.

دول أخرى ذات توجه فرنكفوني عبرت بشكل رسمي عن رغبتها في الانضمام إلى المنظمة، كالجزائر مثلا. إلى جانب ازدياد طلبات الانخراط مؤخرا من داخل القارة الإفريقية، كطلبات غامبيا وجنوب السودان. هناك أيضا تحرك بريطاني هادئ وبدون ضوضاء لضم دول إفريقية أخرى، كالطوغو التي زارها مؤخرا طوني بلير، الوزير الأول البريطاني، على رأس وفد مهم وتباحث مع رئيس الدولة هناك حول إمكانية تعزيز صفوف الدول الإفريقية الأعضاء في المنظمة بدولة الطوغو. من جانب آخر يعبر كبار المسؤولين داخل الكومنويلث عن رغبتهم في فتح فروع لها في أوروبا الاسكندنافية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية التي يراهنون على انضمامها في عهد الرئيس دونالد ترامب.

تضم مجموعة الكومنويلث حاليا 52 دولة، من بينها دول قوية مثل كندا وأستراليا وجنوب إفريقيا ونيجيريا والهند وباكستان وغيرها، في غياب تام من بين أعضائها لأي مستعمرة بريطانية سابقة من المنطقة العربية. تهتم المنظمة بنشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتبادل الخبرات في مختلف المجالات، ولأجل ذلك تعقد لقاءات رسمية منتظمة للبحث في سبل التعاون، خصوصا بعد إحداث صندوق للتعاون التقني بين دول المنظمة.

بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبحت الكومنويلث أولوية كبيرة في السياسة الخارجية البريطانية، تهدف إلى استثمارها في الجانب الاقتصادي مع إمكانية تطويرها في الجانب السياسي لتصبح تكتلا دوليا قويا موحدا ومندمجا.

مؤخرا بعد البريكسيت، وخلال اجتماع لوزراء تجارة الدول الأعضاء في المنظمة في لندن، تم الاتفاق على وضع مقترحات وقواعد عملية في الأفق المنظور، قصد توسيع مجال التعاون التجاري بين دولها بهدف تحقيق اندماج وتكامل اقتصادي قوي يعود بالنفع على جميع الدول الأعضاء.

وفي هذا الصدد، ونحن نتحدث عن الكومنويلث البريطاني وعن الرغبة الواضحة حاليا من قبل المملكة المتحدة في إخراجها من حالة البطء في الاندماج والتقدم إلى الأمام عالميا، ينبغي أن نستحضر عناصر عدة لها ارتباط وتماس مع مصالح المغرب بشكل مباشر أو غير مباشر.

بداية ضعف المبادلات التجارية والاستثمارات المباشرة بين المغرب ورأس الكومنويلث، المملكة المتحدة أو بريطانيا كما هو شائع، والتي لا ترقى إلى مستوى الاستثمارات الفرنسية والاسبانية أو الأمريكية والألمانية والسويسرية أيضا، ناهيك عن استثمارات الصين.

هذا الضعف قد يدفع المسؤولين البريطانيين إلى إعطاء الأولوية إلى الدول الإفريقية التي تربطها معها علاقات اقتصادية وثقافية متينة، الشيء الذي قد يكون له انعكاس غير إيجابي على مستوى العلاقات السياسية، أخذا في الاعتبار قوة بريطانيا العسكرية وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وفرضية لعبها دورا في خلق توازن أممي في ما يتعلق بالقضية الوطنية، الشيء الذي يمكن استخلاصه من خلال ملاحظاتها مؤخرا على الصيغة الأولية لقرار مجلس الأمن الأخير بشأن الصحراء المغربية، معتبرة إياه غير متوازن، مما أفضى إلى تعديله وتبني الصيغة المعروفة. بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الإفريقي تبحث عن تدعيم مصالحها وتعويض ما قد تخسره من أوروبا في أسواق جديدة أكثر قوة وأكثر نفعا وانصياعا لها.

من جهة أخرى، تعمل المملكة المتحدة على استثمار علاقاتها داخل الكومنويلث مع الدول الإفريقية الأعضاء للتوسع في الشراكات الاقتصادية، التي قد تكون مناقضة ومنافسة لمصالح المغرب وفرنسا التي لا تتمتع بالسمعة نفسها وبالمكانة الرمزية للتاج البريطاني داخل القارة.

عودة بريطانيا إلى القارة الإفريقية عن طريق رابطة الشعوب البريطانية، أو ما يصطلح عليه بالكومنويلث، والتي تسري في شبه هدوء إعلامي وتواصلي، في انتظار نتائج الانتخابات المقبلة خلال شهر يونيو، قد تمس بمصالح المغرب وتجعله أمام توازنات سياسية واقتصادية جديدة داخل القارة، في حالة إذا لم يتم التعامل مع هذا الأمر بجدية وبالسرعة اللازمة، بعد وضع استراتيجية استباقية محكمة وقادرة على إدارة كتلة تناقضات المصالح، وعلى تجنيب المملكة الدخول في متاهات الصراع البريطاني الأوروبي والفرنسي على وجه التحديد.

التعامل مع الكومنويلث من الجانب المغربي يقتضي بداية تدعيم العلاقات مع بريطانيا، وتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، مع التفكير بجدية في خلق اتفاق ثنائي للتبادل الحر، ثم التفكير في خطوات أكثر جرأة وشجاعة، كبحث مسألة طلب الانضمام إلى الكومنويلث البريطاني.

هذه الرغبة قد تصطدم ببعض العراقيل النفسية والثقافية المرتبطة بطبيعة النظام السياسي المغربي، الذي هو نظام ملكي يجسد إمارة المؤمنين وذو طابع إسلامي، الشيء الذي قد يجعل من وجوده داخل منظمة دولية تحت رئاسة مملكة أخرى، ذات أصول مسيحية غربية، مختلفة معه من حيث الهوية وعدد من القيم الثقافية والحقوقية، مسألة غير مستساغة وأيضا مغضبة لفرنسا.

ومع ذلك، فمن منظور براغماتي، يمكن في البداية، على الأقل، طلب صفة عضو مراقب وإبرام شراكات وعقود ذات بعد اقتصادي قوي، في انتظار تطور العلاقات مع الزمن لتهييئ الظروف والشروط الملائمة واكتساب مزيد من الثقة، ثم بعد ذلك النظر في إمكانية الانضمام التام.

هذا الانضمام سيبني للمغرب جسورا جديدة مع قارات العالم عبر هذه المنظمة، وسيقوي مكانته على الساحة الدولية على مستوى الأسواق الاقتصادية الجديدة، إلى جانب اكتساب ثقافة انجلوساكسونية تدبيرية غنية، كما سيمكنه من استثمار هذا الفضاء الدولي الكبير لصالح القضية الوطنية، وتحديدا داخل القارة مع الدول الانجلوساكسونية، بالإضافة إلى خروجه من دائرة الضغوط الصادرة عن الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالشراكات الاقتصادية، وعلى رأسها الجانب الفلاحي واستيراد الفوسفاط.

خلاصة القول، إن أي تأخير في التفكير في الوضع الدولي لبريطانيا حاليا، كفاعل حر يبحث عن وجود عالمي قوي، وفي تقييم حقيقي وواقعي لنفوذها الملموس والمفترض داخل القارة الافريقية من خلال رغبتها الواضحة والقوية، التي أصبحت واضحة وضوح الشمس في الأشهر الأخيرة، في تعزيز وتطوير الكومنويلث وتحويله إلى قوة اقتصادية مندمجة في الأفق القريب، مع ما يرافق ذلك من تنسيق سياسي على المستوى الدولي والقاري مع الشركاء الدول الأعضاء، سيضع المغرب من جديد في وضع صراع جديد من أجل صيانة مصالحه السياسية والاقتصادية، خصوصا وأن الجزائر حاليا المتأزمة اقتصاديا والمعطوبة على مستوى النخب السياسية قد تصبح ندا قويا للمملكة من داخل الكومنويلث، في حال تمت الموافقة على انضمامها لها على المدى المتوسط.

بريطانيا تفكر في توسيع الكومنويلث وفق منظور اقتصادي تحكمه الرغبة في استعادة الأمجاد والقوة الدولية المؤثرة، وهي بصدد وضع الخطط والقواعد الجديدة لضم قوى جديدة، خصوصا في أوروبا الشمالية وأمريكا الشمالية، مع حرصها على تعزيز تواجدها في إفريقيا، كما تعتزم إعطاء هوية جديدة للكومنويلث، وإخراجه من زمن الرمزية إلى زمن الفعل الحقيقي. لذلك لا ينبغي أن تمر هذه الإشارات المرموزة مرور الكرام على المغرب، بل يتعين تفكيك شفراتها بغية استباق النتائج وخلق موقع له على الخريطة التي تسعى بريطانيا العظمى إلى رسمها في إفريقيا من جديد، في حلقة جديدة من الصراع الدولي بينها وبين فرنسا تحديدا.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باحث يدعو المغرب إلى طلب ولوج الكومنويلث البريطاني باحث يدعو المغرب إلى طلب ولوج الكومنويلث البريطاني



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:17 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج القوس

GMT 07:43 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

صحافي بريطاني يكشف درسين قيّمين عن التقاليد اليابانية

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 10:24 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

ثيلان بلونداو تخطف القلوب في أسبوع موضة ميلانو

GMT 10:11 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

الغموض يلفّ وفاة شقيقتيْن بمدينة "أولاد تايمة‬"

GMT 12:00 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

واجهي خيانة زوجك بـ "اتيكيت" خاص

GMT 01:04 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يفصل في قصة اعتذار الرجاء خلال أيام

GMT 00:34 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

البنتاغون يحدد مصدر الهجمات على "عين الأسد"

GMT 10:01 2019 السبت ,04 أيار / مايو

توقعات أحوال الطقس في المغرب اليوم السبت

GMT 20:17 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولي أيوب الكعبي يغيب عن مباراة المغرب والكاميرون

GMT 04:52 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

توقيف قيادي في حركة "نداء تونس" مطلوب بمذكرات تفتيش

GMT 03:22 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

بئر مسموم يهدد حياة السكان في شيشاوة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 12:48 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

حمزة الصنهاجي سعيدًا بانضمامه إلى الدفاع الجديدي

GMT 02:31 2016 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

قنديل بلوشي فنانة انتهت حياتها بشكل مأساوي جدًا

GMT 16:22 2012 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هل يفعلها زويل ؟؟
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya