واشنطن - وكالات
طارت شهرة الكاتب الأميركي دان براون وحلَّقت عالياً وأصبح معروفاً في كل مكان، بعد روايته «شفرة دافنشي» The Davinci Code التي ترجمت إلى لغات كثيرة جداً، ومنها اللغة العربية، وتحوّلت إلى فيلم سينمائي، علماً بأنها لم تكن الرواية الناجحة الأولى لدان براون، فقد سبقتها إلى النجاح رواية الحصن الرقمي Digital Fortress وهي أولى روايات الكاتب.
قرأت رواية «شفرة دافنشي» وقت صدورها ولم تعجبني فهي مليئة بالمصادفات والمفاجآت، ولا ترتقي إلى مصاف الأعمال الروائية للروائيين العالميين الكبار، لكنها تستهوي قرّاء روايات الخيال العلمي والروايات البوليسية وقصص التجسس والإثارة.
ومنذ أيام تصدّرت روايته الجديدة «الجحيم» Inferno قائمة «الروايات الأكثر مبيعاً» في جريدة النيويورك تايمز واحتلت المركز الأول، وهي الرواية الرابعة في سلسلة روايات للكاتب يكون بطلها روبرت لانغدون وهو عالِم رموز ، وتتكئ الرواية على ملحمة دانتي «الكوميديا الإلهية».
أقرب الظن أنّ الرواية ستكون مليئة بالإثارة والرمزية مثل سابقاتها، وقد جرَّب المؤلف النجاح وعرف ماذا يريد قراء هذا النوع من الروايات. بل إنّ النسخة الإنجليزية من الرواية صدرت متزامنة مع صدور نسخ بعشر لغات! ويرى بعض النقاد أنّ النفس التجاري في هذا العمل واضح بما واكب صدور الرواية من عملية تسويقية قادها المؤلف الذي قيل إنّ روايته «شفرة دافنشي» باعت أكثر من مائة مليون نسخة وطارت بمؤلفها إلى عالم الأغنياء أصحاب الملايين!
كنت أعتقد في أوقات سابقة مبكرة أن الكتب التي تنتزع لقب «الأكثر مبيعاً» هي الكتب الأكثر عمقاً وأصالة وإبداعاً، ثم عرفت بالتجربة والمتابعة أنّ الكثير من هذه الكتب أبعد ما تكون عن هذه الصفات، وأن بعض مؤلفي هذه الكتب قد يملكون موهبة الكتابة ولكن موهبتهم الأكبر تكمن في عمق حسهم التجاري ومعرفة ماذا يريد الجمهور.
وفي بلادنا، وبالوطن العربي أيضا، تبيّن أنّ الكتب «الأكثر مبيعاً» هي في الغالب الكتب التي تقتحم دائرة الممنوعات. فكل ممنوع، كما يقال، مرغوب. ولهذا كانت الغلطة الكبرى التي ارتكبتها أجهزة الرقابة الإعلامية والثقافية في الوطن العربي، هي أنها ضخّمت دائرة الممنوعات فأغرت القراء العرب بالبحث عن الكتب الممنوعة التي أصبحت هي الكتب المطلوبة والتي تخصصت في نشرها وبيعها بعض المكتبات ودور النشر خارج الوطن العربي وخصوصاً في لندن.
وفي هذا السياق المتعلق بروايات دان براون والرقابة العربية، أتذكّر أنّ أحد البائعين في مكتبة بيروتية همس لي بأن رواية «شفرة دافنشي» متوفرة لديه، فشكرته معتذراً عن عدم شرائها لأنني كنت قد اشتريها من دبي، ثم عرفت أن سبب عرضها بتلك الطريقة هو أنّ الرقابة اللبنانية منعت الرواية بسبب اعتراضات دينية، رغم أنّ لبنان من أقل الدول العربية صرامة في الرقابة لكن الرواية - مع هذا - كان تُباع سراً (من تحت الطاولة!).
أخيراً، لابد من القول إنّ بعض الكتب «الأكثر مبيعاً» هي كتب جيدة بالفعل، لكن ذلك ربما أكثر ما يصدق على الأعمال غير الإبداعية (بالمعنى الفني).
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر