مصطلح الصيام الواجب
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

مصطلح الصيام الواجب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مصطلح الصيام الواجب

الصيام الواجب
القاهرة - المغرب اليوم

هل هناك فرق بين صيام رمضان والصيام الواجب؟ فإني أسمع بعض العلماء يذكر (الصيام الواجب)، ولا أجد ذلك في بعض الكتب التي أمتلكها. وإن كان هناك ما يعرف بهذا المصطلح فما هو مع الدليل إن أمكن؟

هناك فرق بين صيام رمضان والصيام الواجب، فدائرة الصيام الواجب أوسع من دائرة صيام رمضان، فبينهما عموم وخصوص مطلق، ومعناه: أن كل صيام رمضان واجب، وليس كل صيام واجب رمضان.

وإنما اشتهر رمضان فقط بالواجب عند غير العلماء؛ لأن رمضان هو الصيام الواجب ابتداءً على المسلم المكلف بشروطه، وهو من

أركان الإسلام، ووجوب صيامه معلوم من الدين بالضرورة، أما غير ذلك فلا يكون إلا لعارض يأتي من قبل الإنسان نفسه، أو من

قِبل الشارع كفارةً عن خطأ يرتكبه المكلف.

وهذا هو الفرق بين صيام رمضان والصوم الواجب.

أما أنواع الصيام الواجب في الشرع مع أدلته:
فالصوم الفرض في الشريعة هو صوم رمضان، وقد أمر الله تعالى بصومه بقوله جل شأنه: ﴿ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [

البقرة: 185]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ...» ذكر منها صوم رمضان. متفق عليه.

وعن طلحة بن عبيد الله: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض

الله علي من الصيام؟ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: «شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا» رواه البخاري.

وأجمع المسلمون على وجوب صيام شهر رمضان، فمن لم يصم وجب عليه القضاء؛ لقوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، إلا أن يكون

لا يستطيع الصوم مطلقًا فعليه الفدية.

وهناك أحوال تقتضي وجوب الصيام لعارض:
منها صوم كفارة الجماع في نهار رمضان؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ،

فَقَالَ: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قَالَ: لَا،

قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا» قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا،

فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» أخرجه البخاري ومسلم.

ومنها صوم كفارة الظهار؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ

تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ۞ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا

ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 3-4].

ومنها صوم كفارة القتل الخطأ؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ

مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء:

92].

ومنها الصوم في كفارة اليمين؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ

عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ

وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 98].

ومنها الصوم المنذور به، وقد صرحت الآيات الكريمة بذلك؛ منها قوله تعالى: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: 29]، ومنها ما قاله سبحانه

في شأن الأبرار: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان: 7]، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى

الله عليه وآله وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» أخرجه البخاري، وعن ابن عمر رضي

الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر رضي الله عنه: «أَوْفِ بِنَذْرِك» متفق عليه.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (10/ 3، ط. مكتبة القاهرة): [أجمع المسلمون على صحة النذر في الجملة، ولزوم الوفاء به]

اهـ.

ومنها الصوم في كفارة النذر؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: "مَن نذر نذرًا لم يسمِّه فكفَّارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا

في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين" إسناده صحيح؛ إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه؛ كما قال

الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام".

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» أخرجه مسلم،

والترمذي وصححه بلفظ: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ».
وللفقهاء تفصيلات في بعض ذلك، وإنما أردنا جمع أصل الباب.

وأما مسألة عدم وجود الصيام الواجب في بعض الكتب:
فالجواب أن عدم الاطلاع لا يدل على عدم الوجود، وإنما مرد ذلك في الغالب يرجع إلى الرجوع إلى الكتب المختصرة أو المتون،

ثم الاطلاع على كتب العلماء في عجالة، فينظر الباحث في أول كتاب الصيام فيجد المؤلف يتحدث عن شهر رمضان فيكتفي بهذه

النظرة، أو ربما يمر فلا يلتفت إلى ما بين ثنايا الكلام خاصة إن لم تكن بنفس الألفاظ التي في ذهنه، وهذا ينطبق أيضًا على من

يبحث في الموسوعات الإلكترونية.

وأما في واقع الأمر فالفقيه يذكر صيام رمضان مفصلًا؛ لأنه هو الأصل كما ذكرنا ويشير إلى سائر الصيام إشارة عابرة؛ لأن

تفصيل كل نوع يأتي في بابه، وهذا مثال لذلك من كتاب "المغني"؛ حيث ذكر في بداية (كتاب الصيام) الكلام على رمضان، ثم ذكر

بعد ذلك الكلام على الصيام الواجب في الكلام على النية.

قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 104): [(كتاب الصيام) الصيام في اللغة: الإمساك، يقال: صام النهار. إذا وقف سير

الشمس. قال الله تعالى إخبارًا عن مريم: ﴿إني نذرت للرحمن صومًا﴾ [مريم: 26]؛ أي صمتًا لأنه إمساك عن الكلام، وقال الشاعر:

خيل صيام وخيل غير صائمة .. تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

يعني بالصائمة: الممسكة عن الصهيل. والصوم في الشرع: عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة، في وقت مخصوص، يأتي

بيانه إن شاء الله تعالى. وصوم رمضان واجب، والأصل في وجوبه الكتاب، والسنة، والإجماع] اهـ.

ثم قال (3/ 109): [مسألة: قال: (ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل) وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية

إجماعًا: فرضًا كان أو تطوعًا؛ لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية، كالصلاة، ثم إن كان فرضًا كصيام رمضان في أدائه أو قضائه،

والنذر والكفارة، اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا ومالك، والشافعي] اهـ.

ومع ذلك فهناك من أَبْدَعَ في التقسيم وصرح بالمراد في مصنفه؛ كما فعل ذلك العلامة ابن رشد في كتابه البديع "بداية المجتهد".

قال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 45، ط. دار الحديث): [فلنبدأ بالقسم الأول من هذا الكتاب، وبالجملة

الأولى منه وهي معرفة أنواع الصيام فنقول: إن الصوم الشرعي منه واجب، ومنه مندوب إليه. والواجب ثلاثة أقسام: منه ما يجب

للزمان نفسه، (وهو صوم شهر رمضان بعينه)، ومنه ما يجب لعلة (وهو صيام الكفارات)، ومنه ما يجب بإيجاب الإنسان ذلك على

نفسه (وهو صيام النذر). والذي يتضمن هذا الكتاب القول فيه من أنواع هذه الواجبات هو صوم شهر رمضان فقط. وأما صوم

الكفارات فيذكر عند ذكر المواضع التي تجب منها الكفارة، وكذلك صوم النذر ويذكر في كتاب النذر] اهـ.

وبناءً على ما سبق: فإن مصطلح الصيام الواجب يقصد به رمضان وغيره، وعدم وجوده في بعض الكتب لا يعني عدم وجوده في

البعض الآخر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصطلح الصيام الواجب مصطلح الصيام الواجب



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya