عن دولة غزة «العميقة» وسلاحها

عن دولة غزة «العميقة» وسلاحها

المغرب اليوم -

عن دولة غزة «العميقة» وسلاحها

بقلم - عريب الرنتاوي

ذات حوار تلفزيوني ساخن، احتدم الجدل بيني وبين صديقي الإسلامي رفيع المستوى، حول الوضع في قطاع غزة،أسباب الانقسام ومآلات المصالحة الفلسطينية وسياقاتها المحلية والإقليمية والدولية... صديقي جادل بأن للانقسام سببا رئيسا، يعود للتناقض بين برنامجي “المقاومة” و”المفاوضات” ... من وجهة نظري، للانقسام سبب رئيس: صراع على السلطة، حتى وإن بدأ خلافاً بين برنامجين ونهجين، فهو آل بعد أحد عشر عاماً إلى “صراع ضوار” على سلطة لا سلطة لها، لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة.
انتقل السجال إلى الموقف من “سلاح حماس”، صديقي مصر على تسميته “سلاح المقاومة”، وأصدقكم القول إنني بت أجد صعوبة في فهم وقبول شعار “المقاومة” كأمر مسلم به، فالمفهوم التبس محلياً وإقليمياً، بعد أن باتت الفواصل بين هذا السلاح وسلاح “الحروب الأهلية” وسلاح التدخل في الشؤون الداخلية لدول ومجتمعات شقيقة، أقول بعد ان باتت هذه الفواصل، معدومة، وبالكاد تُرى بالعين المجردة.
للمقاومة عند هذا الفريق على ما يبدو، مفهوم واحد: السلاح، وللمقاومة عندهم عنوان واحد: طهران ... لا أدري ما الذي يمكن أن نطلقه على ثورة الحجارة والسكاكين في القدس، ولا بم يمكن أن نسمي انتفاضة أهل القدس، إن لم تكن هذه هي المقاومة في أبهى تجلياتها... أما الصيغة التي يقترحها صديقي لحفظ سلاح المقاومة واستئناف المصالحة، فهي تتلخص بالنموذج اللبناني، إذ يجمع حزب الله الأمرين معاً، فهو شريك في الحكومة، في الوقت الذي يحتفظ فيه بترسانة عسكرية تكاد تناهز ما لدى دول من الحجم المتوسط في المنطقة.
لكن ما لم ينتبه إليه صديقي، أو بالأحرى ما لا يعترف به، هو أن “سلاح المقاومة” في التجربتين الفلسطينية واللبنانية، استخدم خارج سياق “المقاومة”، وفي توقيت متزامن تقريباً، أملته صدفة وضرورة ... أما الصدفة، ففي عام 2007 وعام 2008، عندما استخدم هذا السلاح في غزة وبيروت لحسم خلافات داخلية ... عام 2007 سمته حماس “عام الحسم” وسمته فتح عام الانقلاب، وفي العام 2008 قام حزب الله باجتياح بيروت وحسم المعركة مع خصومه، هو قال للدفاع عن المقاومة، وخصومه المحليون اعتبروه احتلالاً للعاصمة وقالوا في وصفه ما لم يقله مالك في الخمر.
أما الضرورة فتجلت بعد ذلك ببضع سنوات، عندما اندلع الربيع العربي، فانقسم “المقاومون” في تقييم المشهد، ولجأ كل فريق “مقاوم” إلى سلاحه، يمتشقه ويشهره في وجه خصوم “مقاومته” ... لكن المفارقة أن حزب الله الذي لجأ إلى السلاح دفاعاً عن النظام في دمشق، وجد في مواجهته سلاحاً “مقاوماً” آخر، ولكنه مشهرٌ في وجه النظام السوري والقوات الرديفة والحليفة هذه المرة، هو سلاح الكتائب والفصائل المحسوبة على حماس ... طوّر “المقاومون” إسهاماتهم المسلحة، حزب الله توسع في استخدام سلاحه “المقاوم” متمدداً إلى ساحات أخرى، وحماس لم تستطع حتى الآن، تبرئة نفسها من تهمة استخدام السلاح ضد نظام السيسي في مرحلة ما بعد سقوط حكم الإخوان.
المفارقة المفجعة، أن هذا السلاح الذي كان مضّاءً ذات زمن، وضد إسرائيل حصرياً، بات يغفو ويصمت أكثر وأطول مما ينطق و”يلعلع” ... في لبنان، ساد هدوء وصمت تامّين منذ حرب تموز وحتى يومنا هذا، لولا بعض مناوشات على جبة الجنوب، غالباً ما كانت تأتي على شكل ردة فعل على “تحرش إسرائيلي” ... وفي فلسطين، يتحدث السلاح لبضعة أسابيع قبل أن يعود ويصمت لبضع سنوات، وسط مساع حثيثة من قبل أصحابه، لتسويق فكرة “التهدئة طويلة الأمد” مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة ... كيف تكون مقاومة، وهي متقطعة ومتباعدة على هذا النحو، وهل الوقت بلا قيمة أو أثر، سيما في الحالة الفلسطينية، مع وجود “طرف آخر” لا يترك يوماً دون أن يبني مستوطنة أو يزرع مستوطنا، ولا يكف عن التمدد في العالم وتطوير قدراته الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتجارية ويعزز من ترسانته العسكرية كما لم يفعل من قبل.
على أي حال، لم ينس صديقي الاسلامي، رفيع المستوى، أن يحمل على “الدولة العميقة” في مصر، التي أخرجت الإخوان من “جنات حكمهم” ذات “انقلاب غادر”، لكنه وهو يهجو “الدولة العميقة” في مصر، أشار إلى فضائلها في غزة، فهي هناك عدوة الإنسان والله، وهي هنا، ضمانة “سلاح المقاومة” وأداة مقاومة أي انحراف عن الصراط المستقيم، وخط دفاع أول عن حركة حماس وسلاحها، إن فكرت فتح والسلطة والمنظمة، اللعب بذيلها، أو بأذيالها... هنا، وهنا بالذات، من حقنا التساؤل عن وظيفة هذا السلاح، وعمّا إذا كان مرصوداً للمقاومة حصراً، أم لحماية أصحابه وتعزيز أدوارهم المحلية والإقليمية؟
لا مشكلة إذن، في “الدولة العميقة” طالما أنها تحت قيادة الجماعة، وبتصرف “الأيادي المتوضئة”، المشكلة في الدولة العميقة ومعها، حين تستهدف الإخوان وتقطع طريق “تمكينهم”، وتحول دون بقائهم في السلطة التي وصلوها بعد طول انتظار وبشق الأنفس.
الإشارة إلى “دولة غزة العميقة” لا يخفي قدراً هائلاً من المعايير المزدوجة فحسب، بل ويشّف عن أعمق مخاوفنا من أن المصالحة التي يلج الفلسطينيون عتباتها، لن تتنزل عميقاً في بنية المجتمع والكيان الفلسطينيين، بل ستظل قشرة وغلافاً خارجياً، تُبقي عناصر القوة الاقتدار في أيدي أصحابها، وتخلق نوعاً من المساكنة لا أكثر ولا أقل، وتحفظ لهم “حق النقض – الفيتو” على كل سياسة وقرار وإجراء، وتجعل الانقسام أمراً محتملاً في أي لحظة، وربما بوسيلة “الحسم” ذاتها التي اتبعت في عام 2007.
ما الذي يعنيه كل هذا الهذر عن المصالحة و”الصفحة الجديدة” و”مصالحة من جانب واحد” و”التنازلات المؤلمة” و”طي صفحة الماضي”، إن كانت في خلفية المشهد، “دولة عميقة” مرصودة للتدخل السريع إن جد في المسألة أي جديد ؟... ما الذي تعنيه “الدولة العميقة” إن لم تكن تمريناً متقدماً في ممارسة “التقية”؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن دولة غزة «العميقة» وسلاحها عن دولة غزة «العميقة» وسلاحها



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya