الطريق المفخخ إلى «صفقة القرن»

الطريق المفخخ إلى «صفقة القرن»

المغرب اليوم -

الطريق المفخخ إلى «صفقة القرن»

بقلم - عريب الرنتاوي

قرار واشنطن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، يكشف مقدماً فحوى ومضمون مبادرة ترامب لحل أزمة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ويرمي إلى وضع الفلسطينيين على سكة واحدة فقط، لا يمكنهم الخروج عنها من دون المقامرة بمواجهة العزلة والحصار من قبل واشنطن وحلفائها ... بل ويفرض سقوفاً خفيضة لحركة النضال السلمي والحقوقي التي تخوضها السلطة (وإن بتردد وتعثر حتى الآن)، إذ من غير المقبول أمريكياً، وفي عصر ترامب على وجه التحديد، أن تتوجه “الضحية” إلى العدالة الدولية لملاحقة مجرمي الحرب وضمان حصولهم على القصاص العادل...على الضحية كما يرى ترامب وفريقه، أن تنصاع لقدرها راضية مرضية، ومن دون حراك.
القرار يضع السلطة والفلسطينيين عموماً، أمام خيارات صعبة ... الفلسطينيون لم يحصلوا على الكثير من صداقتهم لواشنطن، ولكنهم يعرفون تمام المعرفة أن عداوتهم لها، ستكون مكلفة للغاية، سيما في مناخات انفلات اليمين الإسرائيلي والأمريكي من عقاله، وفي مناخات التهافت العربي للتطبيع مع إسرائيل والهرولة للتعاون معها، من دون الفلسطينيين، وغالباً على حسابهم.
ردود الأفعال العربية هذه المرة، تراوح ما بين التهافت والتواطؤ ... صمت مريب خيّم على العواصم العربية، إذ بدل التصدي للقرار الأمريكي العدائي شكلاً ومضموناً للشعب الفلسطيني وطموحاته العادلة والمشروعة، توجه بعضهم بـ “النصح” إليهم بعدم وقف الاتصالات مع الجانب الأمريكي، وبادر بعضهم الآخر إلى وضع القيادة الفلسطينية أمام أحد خيارين: الاستسلام لمبادرة ترامب قبل أن يعرف مضمونها وعناصرها، أو مواجهة التنحي والتنحية؟!
لا قيمة لكل التصريحات الأمريكية التي تَعد بجعل “إغلاق الممثلية” أمراً مؤقتاً، أو وضعها في سياق “غير عدائي” مع المنظمة والسلطة، ولا معنى لكل التأكيدات الصادرة عن واشنطن، بأن القرار لن يؤثر على مساعي ترامب وفريقه للوصول إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية ... كل هذه التصريحات والتأكيدات، إنما تندرج في سياق ذر الرماد في العيون، وتجهد في إخفاء التزام هذه الإدارة بمواقف اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، متجاوزة بذلك، ما اعتادت الإدارات السابقة اتخاذه من سياسات تحابي إسرائيل وتنحاز لمصالحها.
القرار الأمريكي، لا يُقرأ في واشنطن، بل في تل أبيب، حيث رأت الترويكا اليمينية الحاكمة فيه، إجازة قتل للفلسطينيين دون خشية من حساب أو عقاب، وتصريح مرور لسياسات التوسع الاستيطاني و”شرعنة” البؤر الاستيطاني، والمضي قدماً في حربها على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعه، ما يجعل “التسوية المتعذرة” من قبل، “مستحيلة” من بعد ... أما تبرير واشنطن للقرار بأنه عقاب للفلسطينيين على رفضهم الانخراط في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، فهو “عذر أقبح من ذنب”، يستبطن قدراً من الزيف والنفاق بصورة مذهلة، فواشنطن التي رعت المفاوضات لسنوات وعقود، تعرف على نحو يقيني من هو المسؤول عن تعطيل مسار التفاوض وحل الدولتين.
مؤسفٌ أن واشنطن التي تفقد زعامتها المتفردة للعالم، وتواجه تحدي ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب، وتقف عاجزة عن مواجهة تحديات وتهديدات تصدر عن دول صغيرة نسبياً، ما زلت تحتفظ بكل هذه السطوة والتغوّل على النظام العربي، الذي يبدو اليوم منساقاً لنظرية “99.99 بالمائة من أوراق الحل بيد أمريكا” كما لم يحدث من قبل ... مؤسفٌ أن هذا الاستتباع يصدر طواعية عن النظام العربي، لحسابات أبعد ما تكون عن مصالح الأمة وتطلعات شعوبها.
في مثل هذه الظروف والمناخات، شديدة الإحباط، لا يتعين على الفلسطينيين انتظار الكثير من أعمدة النظام العربي الرسمي، وعليهم اليوم أكثر من وقت مضى، الاستمساك بنظرية “ما حك جلدك مثل ظفرك”، فرياح “التصفية” السموم لقضيتهم الوطنية تهب من غير اتجاه، ولحظة الحقيقة والاستحقاق تدنو بأسرع مما يظن كثيرون، وقد آن أوان إعمال “التفكير من خارج الصندوق”، والشروع من دون إبطاء في ترميم الشقوق التي تهدد البيت الفلسطيني الداخلي بالانهيار، وبناء التوافقات العريضة والعميقة، حول خطة استنهاض وطني شاملة، مستلهمة لحقيقة أن مطلب الحرية والاستقلال ما زال بعيد المنال، وأن الدولة ليست على “مرمى حجر”، وأن مسيرة الشعب الفلسطيني تدخل مرحلة استراتيجية جديدة، لم تعد معها الأدوات والوسائل والأطر القديمة، قمينة بمواجهة الأخطار والتحديات والمهام الجديدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريق المفخخ إلى «صفقة القرن» الطريق المفخخ إلى «صفقة القرن»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya