سقوط بشار

سقوط بشار

المغرب اليوم -

سقوط بشار

عمرو الشوبكي

سيطرت المعارضة السورية بمن فيها من المعارضة التكفيرية على ما يقرب من ثلثى الأراضى السورية، وسقطت مدينة تدمر الأثرية فى يد تنظيم داعش الإرهابى، وباتت سوريا أمام منعطف خطير سيفضى بسقوط بشار، المسؤول الأول (وليس الوحيد) عن كل الخراب الذى لحق بسوريا.

والمؤكد أن سوريا عرفت منذ ما يقرب من 4 سنوات انتفاضة شعبية مدنية طالبت بالإصلاح السياسى ودولة القانون، فكان رد النظام هو ذبح المتظاهرين وقتلهم فى الشوارع، وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات بحقهم، وبدلا من أن يراجع النظام أخطاءه تمسك بشعاراته البالية، واعتبر الانتفاضة الشعبية مؤامرة، وأنه مستهدف لأنه يمثل دولة ممانعة داعمة للمقاومة.

والحقيقة أن النظام السورى لم يكن فى أى يوم نظاما مقاوما أو ممانعا، فهو لم يحارب إسرائيل منذ حرب 1973 ولم يدخل فى مواجهة واحدة معها، وأرسل جيشه إلى لبنان لكسر شوكة الحركة الوطنية اللبنانية فى نهاية السبعينيات، وتورط فى عمليات قتل وتصفية لآلاف اللبنانيين، مثلما فعل مع عشرات الآلاف من السوريين.

والحقيقة أن أسوأ النظم التى عرفها العالم العربى عقب رحيل عبدالناصر هى تلك التى ادعت أنها تناضل ضد الإمبريالية والصهيونية، فى حين أن الواقع يقول إن هذه مجرد شعارات لإخفاء ديكتاتورية بشعة وأحيانا طائفية بغيضة، وإن علاقتها بالإمبريالية والصهيونية فى أفضل حال.

هذا حال نظم سقطت، مثل صدام حسين الذى غزا الكويت وادعى أنه يحارب إسرائيل، والقذافى الذى لم يترك مؤامرة واحدة فى أفريقيا والعالم العربى إلا وتدخل فيها، وادعى فى نفس الوقت أنه ضد إسرائيل، وبقى بشار الأسد يمثل آخر هذه السلالة من النظم الفاشلة التى تاجرت بمقاومة إسرائيل من أجل بقائها الأبدى فى السلطة.

والحقيقة أن فشل هذه النظم عند لحظة معينة فى تقديم بدائل من داخلها أو خارجها لرأس النظام مثّل السبب الرئيسى وراء انهيارها، ولعل نتيجة هذا الفشل فى بلد مثل سوريا هى سقوط 300 ألف قتيل وتشريد الملايين، فحين عرفت تونس ومصر ثورتيهما الشعبيتين، هرب بن على من تونس واستقال مبارك فى مصر، وحين هزم جمال عبدالناصر فى 67 استقال ودعا الراحل زكريا محيى الدين لتولى قيادة البلاد، وبالتالى ربط أى نظام بشخص واحد يعنى فشلا كاملا للشخص والنظام والدولة أيضا.

وحين تشهد سوريا ثورة شعبية ضد نظام بشار الأسد، ويتضح أن هناك انقساما مجتمعيا ضد حكمه، واحتقانا طائفيا عمقته ممارسات نظامه، فالطبيعى مثلما حدث فى تجارب أخرى لم تكن ديمقراطية، وبعضها كان نموذجا للفساد والاستبداد، أن يفتح باب التغيير فى رأس النظام كطريق آمن للبدء فى إصلاح تدريجى لمجمل النظام.

لم يفعل بشار، وكابر واستكبر وورط سوريا بممارساته الإرهابية التى أنتجت إرهابا آخر أكثر بشاعة عبّر عنه تنظيم داعش.

بشار سيسقط آجلا أم عاجلا، ولكن مأساة سوريا أن كل الطرق تقريبا تؤدى إلى انهيار كامل لما تبقى من الدولة والجيش السورى، وكان فى يد بشار منذ 3 سنوات أن يترك السلطة لفاروق الشرع وزير خارجيته الأسبق، أو حتى قائد عسكرى من جيشه ويحفظ دماء السوريين، إلا أنه كابر واستكبر وبقى فى السلطة حتى السقوط القادم، وحوّل بلاده إلى كومة ركام، وجعل ثمن سقوطه باهظا، ونتائجه قاسية، لأن سوريا بلا دولة وبلا جيش ستكون فى وضع أكثر سوءا من عراق ما بعد صدام حسين.

فهل يمكن أن تتخلص الدولة السورية أو ما تبقى منها من بشار الأسد وعصابته، قبل أن يسيطر داعش وعصابته على كل سوريا ويمارس مزيدا من القتل والإرهاب بحق الشعب السورى العظيم والصابر؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط بشار سقوط بشار



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:08 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

ابرز اهتمامات الصحف العراقية الاحد

GMT 17:21 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

بدر بانون يمدد عقده مع الرجاء قبل الرحيل

GMT 19:03 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

امحمد فاخر يحذّر الجيش من التفريط في برحمة

GMT 13:07 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

حسبان يؤكد أنه ورث وضعية كارثية وأنه رهن الفريق

GMT 02:04 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

سلمى أبو ضيف تتعاقد على "بني يوسف" بطولة يسرا

GMT 15:57 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"مزيكا" تكشف عن ديو غنائي يجمع بين مجد القاسم وشقيقه

GMT 15:47 2016 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فوائد الحمص لبناء العضلات والأنسجة السليمة

GMT 01:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير الفتح تطالب بدرع البطولة

GMT 11:33 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يغادر المغرب باتجاه دولة إفريقية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya