ما نعرفه حتى الآن

ما نعرفه حتى الآن

المغرب اليوم -

ما نعرفه حتى الآن

بقلم : أمينة خيري

يمكن القول إن عبارة «ما نعرفه حتى الآن» هى الأشهر والأوسع انتشارًا فى 2020. وهى عبارة مستجدة فى ثقافتنا، التى تعتبر عبارات مثل «لا أعلم» سُبّة و«لست متأكدًا» انتقاصًا من قوة وبأس صاحبها. وعلى الرغم من أننا أكثر الأمم ترديدًا لعبارة «مَن قال لا أعلم أو لا أدرى فقد أفتى»، فإننا من أكثر شعوب الأرض إفتاءً فى الفاضية والمليانة، فيما نعلم وما لا نعلم وما نظن أننا نعلمه لكننا لا نعلمه. وجاءت مواقع التواصل الاجتماعى لتزيد طين الإفتاء دون علم بلّة بإعادة تدوير إفتاءات الآخرين لتصبح ترندًا، بل تتسلل من «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستجرام» إلى الشاشات والصحف ومواقعها.

لذلك ستُحسب لعام 2020 فضيلة ضخ ثقافة مفيدة قوامها أن عدم المعرفة فى كل شىء وأى شىء ليس سُبّة، وأن إشهار عدم المعرفة هذا محمود. الإطلالة الأولى لهذه العبارة العبقرية كانت من خلال متابعات العمليات الإرهابية التى تقع فى عدد من الدول الغربية المعروفة بإطلاع مواطنيها على مجريات الأمور أولًا بأول، شرط أن تكون الأمور فى حجمها المعروف لا أكبر ولا أصغر. لذلك فإنه بعد دقائق من وقوع العملية الإرهابية أو الحادث الكبير، تجد المتحدث الرسمى باسم الحكومة أو الوزارة يبدأ تصريحه بـ«ما نعرفه حتى الآن هو كذا». وتنقل وسائل الإعلام عنه هذا، فتجد المتابعة عنوانها «ما نعرفه حتى الآن». وفى عام 2020، الجدير عن حق بأن يكون «عام كورونا»، أصبحت العبارة سمة من سمات حياتنا اليومية. صحيح أنها واجهت مقاومة محلية فى البداية، حيث تنكيتات وتبكيتات: «معقول لا يعلمون حقيقة الفيروس؟!»، «أكيد عارفين ويُعتِّمون على الحقيقة» وغيرهما، وذلك انصياعًا لمعتنق المؤامرة الكلاسيكى ذى الجذور التاريخية والأنثروبولوجية والسياسية.

لكن رحلتنا خلال العام فى غياهب الفيروس وموجته الأولى أخبرتنا بالحجة والبرهان أن «ما نعرفه حتى الآن» أمر واقع، وذلك سواء كان الفيروس فى أصله حربًا بيولوجية أو سلاحًا هرب من معمله أو خفاشًا قرر أن يخرب الكوكب. حتى مع انتهاء الموجة الأولى للوباء، ظل «ما نعرفه حتى الآن» سائدًا لأننا أبعد ما نكون عن التيقن من أصل وفصل الفيروس، وتحديد أعراضه، ووصف علاجه. وجاءت الموجة الثانية بغرض التوكيد، فعلى الرغم من الأبحاث التى تسابق الزمن فى مشارق الأرض ومغاربها، «ما نعرفه حتى الآن» ليس مكتملًا. ورغم تواتر اللقاحات، تظل آثارها وقدراتها فى الوقاية أبعد ما تكون عن الاكتمال. وكل ما يتم التصريح به عنها يظل فى سياق «ما نعرفه حتى الآن». من الجيد جدًا أن تتسلل ثقافة «ما نعرفه حتى الآن» إلى حياتنا، فندرك أن معارفنا ليست مكتملة، وأن عدم اكتمالها ليس سُبّة، بل السُّبّة هى ادّعاء اكتمالها، وأن أبواب التفكير والاجتهاد والبحث مفتوحة على مصاريعها ليس فقط فى الكورونا، ولكن فى كل تفصيلة من تفاصيل حياتنا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما نعرفه حتى الآن ما نعرفه حتى الآن



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 10:40 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج الثور

GMT 04:46 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

مكياج يومي خفيف للعودة إلى العمل

GMT 06:24 2013 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"برومسينت" لعلاج سرعة القذف عند الرجال

GMT 01:36 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"جنرال موتورز" تختبر سيارة ذاتية القيادة في شوارع مانهاتن

GMT 19:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

لوفرين يؤكد مصلحة الفريق أهم من مشاركتي بانتظام

GMT 18:03 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جيبري سيلاسي مدافع بريمن الألماني يمدد عقده مع الفريق

GMT 20:43 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

رجاء بلمير ترد على منتقديها

GMT 22:27 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

ماكتوميناي يضع بصمته الأولى مع مانشستر يونايتد

GMT 19:25 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مكاسب معنوية ومادية خلال الشهر

GMT 09:39 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

تعرف على أحدث تصميمات زهير مراد لربيع وصيف 2019

GMT 16:44 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

ضحية "راقي بركان"تتلقى عرض زواج خيالي من جزائري
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya