أقرب إلينا مما نتخيل

أقرب إلينا مما نتخيل

المغرب اليوم -

أقرب إلينا مما نتخيل

بقلم : أمينة خيري

لو كنت من الحكومة لانتهزت الفرصة وطالبت جهةً مثل المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بإعداد دراسة ميدانية متعمقة عن المصريين والمخالفات والتعديات على ممتلكات الدولة.. ثم أشكل لجنة عليا من مختصين نفسيين واجتماعيين ومعهم مسؤولو الدولة لوضع خطة عمل صارمة وحاسمة. وبعدها سأجعل منظومة «المخالفات والتعديات فى العُرف المصرى» درسًا فى القراءة وبحثًا فى آخر العام، وفقرات فى البرامج، وموضوع مسلسل، وفكرة أغنية، وفقرة فى برامج الستات، ومادة إعلامية فى مترو الأنفاق، وإعلانات تجبر المارة على قراءتها فى كل شارة وميدان. وأهمية الدراسة تكمن فى فك طلاسم ثقافية وأخلاقية ومعرفية عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: لماذا يعتقد المصريون أن أملاك الدولة هى مال حرام تملكه عصابة يمكن (بل أحيانًا يفضل) الاستيلاء عليها لصالح الغلابة والمساكين وأبناء السبيل؟ وما مفهوم «الدولة» فى أذهان المصريين؟ هل هى «الحكومة» أم «الرئيس» أم «السلطة الحاكمة» أم «كبار رجال الدولة وأحيانًا نساؤها» أم هى كيان مبهم لكنه بالضرورة يحمل معانى سلبية وقيمًا شريرة فى الأذهان؟! ومتى بدأ المصريون فى اعتناق مبدأ «مياه الحكومة» و«كهرباء الحكومة» و«رصيف الحكومة» وغيرها، وهى المسميات التى سهلت وبررت وحللت تجذر ثقافة التعدى والمخالفة؟ ولماذا يعتبر المصريون مخالفات البناء وقيادة السيارات وإيقافها وامتداد حدود المقاهى إلى الرصيف ثم الشارع وتحويل مدخل العمارة وحرم محطة المترو ومدخل الوزارة عرض الشارع إلى زاوية للصلاة أمورًا طبيعية جدًا بل محمودة؟، ولماذا يلجأ الذهن المصرى الشعبى إلى اعتبار إزالة تعد أو مخالفة مما سبق «قهرًا للفقراء» أو «قمعًا للمساكين» أو «اختفاءً قسريًا لأبناء السبيل»، أو يعتبرونها معاداة للدين وكراهية للمتدينين وانتصارًا للكفر والكفار؟.. وسأطالب بتخصيص جزء معتبر من الدراسة لفهم الحلقة المفرغة حيث «طالما العريس بيتجوز يبقى العروسة كمان هتتجوز»، أى طالما هناك ملايين المخالفات، فإن هذا يعنى أن هناك الملايين من البشر ممن سهلوا هذه المخالفات وتركوها ترتع وتتوغل حتى أصبحت أسلوب حياة، كما سأطالب بتحليل هادئ عنوانه: «كيف سمح رجال الدين ومسؤولو مؤسساته الرسمية بهذا التوغل لـ«بيوت الله» المبنية فى كل شبر من المحروسة بدءًا برصيف المترو، مرورًا باحتلال كامل للأرصفة، وانتهاء بتحويل الحدائق العامة إلى مساجد؟.. وقائمة الطلاسم كثيرة، لكن ما سبق بعض منها.

أما التوصيات التى ستتحول إلى خطة عمل، فستكون العمل على إضافة مكون «دولة القانون» و«المنفعة العامة» و«الصالح العام» فى اللبن الذى يرضعه الصغار، وفك الاشتباك بين الدولة القائمة والحكومة التى تأتى وتذهب، مع تفريغ المفهوم الطبقى الذى يجعل فساد الأغنياء شرًا، وفساد الفقراء خيرًا ورحمة، وإزالة الغبار عن مفهوم «أملاك الدولة»، وليتحول مسماها إلى «أملاك الشعب».

وأخيرًا، سأفصل فصلًا بائنًا لا رجعة فيه بين الدين والتعامل مع المخالفات.. فاليوم المخالفات حرام، وغدًا حلالٌ حلالٌ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقرب إلينا مما نتخيل أقرب إلينا مما نتخيل



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya