محو الأمية الثقافية

محو الأمية الثقافية

المغرب اليوم -

محو الأمية الثقافية

بقلم : أمينة خيري

يوم 8 من الشهر الجارى كان اليوم الدولى لمحو الأمية. والأمية فى العام الـ20 من الألفية الثالثة تعنى أشياءً مختلفة فى كل دولة وفى كل ثقافة. هناك مَن يعتبر الأمية الرقمية هَمّه الشاغل. وهناك مَن يرى أن معركته جودة التعليم للجميع بعدما تم محو الأمية.

وهناك مَن لا يزال غارقًا فى غياهب الأمية الأبجدية. وفى مصر، لنا خصوصية وتعددية فى هذا الشأن. بيننا مَن يعتبر انخفاض النسب الرسمية المعلنة عن الأمية معيار نجاح ومدعاة اطمئنان. وبيننا مَن ينظر بقلق إلى الفجوة الرقمية بين ملايين الأسر المصرية ويعتبرها على القدر نفسه من أهمية التعليم. وبيننا مَن يعتبر شهادة الابتدائية أو الإعدادية كافية لضمان انقشاع وصمة الأمية. وبيننا مَن بات ينظر إلى التعليم نظرة دونية مقارنة بالعمل. هذه الفئة الأخيرة المتنامية- ليس فقط فى بعض القرى، ولكن فى المدن التى نزحت إليها الملايين من القرى، ليس بحثًا عن فرصة تعليم أفضل، بل عن فرصة تشغيل أطفال أحسن- أصبحت تنظر باستعلاء وازدراء إلى التعليم. «هيعمل إيه التعليم فى سبع عيال وأمى وأبويا؟!» قالتها عاملة النظافة التى تأتى من الشرقية يوميًا ضمن جيش من الكنّاسين والكنّاسات فى إحدى المدن السكنية المتاخمة للقاهرة. تقول- وهى تحمل رضيعًا بيد وتكنس الشارع باليد الأخرى- إن التعليم لا يُجْدى، وإن «العيل فايدته إيه لو لم يساعد أهله؟!». هى أنجبت سبع أطفال، وترى أن إحدى مهام العيال الرئيسية هى إطلاقهم فى سوق العمل لدعم الأسرة. وتؤمن أن العيل يأتى مُحمَّلًا برزقه. وتعتنق فكر شيخ الزاوية، الذى زرع فى أدمغتها هى وأفراد أسرتها وقريتها أن تنظيم الأسرة رجس من عمل الشيطان.

ولا ترى فيما تفعله ظلمًا للصغار، فهذا ما وجدنا عليه آباءنا. أما الصغار فمنهم مَن يسهم فى بناء الوطن ودعم أسس التطوير والتحديث على توك توك فى القرية، ومنهم مَن يعمل فى توصيل الطلبات فى سوبرماركت، ومنهم مَن يعمل «مساعد سايس»، ومنهم مَن يتسول. هذه العاملة ليست حالة شاذة. لكنها حالة تمثل فئة ظهرت وتُرِكت تتمدد وتتوغل وتتغول حتى أصبحت تهدد أخضر الوطن ويابس الطبقة المتوسطة. وبالطبع فإن هذه الضحية- ضحية فكر متخلف شرير تُرِك يرتع لعقود- ترى أن الدولة مقصرة فى حقها لأن عليها أن تعطيها طعامًا أكثر وسكنًا أفضل وعلاجًا أوفر وفرصًا أكبر لها وللسبع عيال. مصيبتنا فى اليوم الدولى لمحو الأمية أكبر بكثير من إعادة ضخ منظومة «يا اللى اتحرمتم من التعليم الفرصة لسة قدامكم». مصيبتنا تتلخص فى استمرار ترك الأبواب مفتوحة أمام الأمية الثقافية، واستمرار الخوف من تغول «ثقافى» يرتدى عباءة وجلباب الدين واستمرار إطباقه على رقابنا جميعًا. فى اليوم الدولى لمحو الأمية نحلم بمحو الأمية الثقافية بتنظيف الآذان وتطهيرها والاستثمار فى العقول التى طال إغلاقها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محو الأمية الثقافية محو الأمية الثقافية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 09:24 2016 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

الاعلام العربي نحو مزيد من الانحدار

GMT 08:10 2017 السبت ,11 آذار/ مارس

زين العراقي يصور "كشخه" بفي عمان

GMT 01:37 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"فندي" تضيف الألوان إلى الفرو في أحدث صيحات 2018

GMT 04:51 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الطالب يزور قسم الولادة بمستشفى "طنجة"

GMT 18:30 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 04:53 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

نجمات رمضان 2019 يتألَّقن بصبغة شعر أسود

GMT 17:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة ١٤ سائحًا في استهداف أتوبيس سياحى في الهرم

GMT 08:52 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

5 نصائح تمكنك من اختيار شجرة عيد الميلاد المثالية

GMT 21:58 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الحواصلي يقترب من الانتقال إلى الدوري السعودي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya