بيانات كورونا الضخمة

بيانات كورونا الضخمة

المغرب اليوم -

بيانات كورونا الضخمة

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

لا يمكن تجاهل «البيانات الضخمة» أو Big Data وزحفها المقدس الواضح وضوح الشمس هذه الأيام. هذا الكم المذهل من المعلومات عن الفيروس المستجد والمصابين به وكيفية إصابتهم وأعمارهم وظروفهم الصحية، وقدرات دولهم على المتابعة والترصد والاختبار، وتراوح أنظمة العالم الصحية فى قدراتها للتعامل مع ما يحدث، وتفاوت الأوضاع المعيشية الناجمة عن الوباء من حيث قدرة الناس على الحصول على احتياجاتهم الغذائية والخدمية، ونوعية العلل النفسية الناجمة عن الحظر والإغلاق، والآثار الاقتصادية حيث نسب بطالة وتسريح عمال وتوقف أعمال وكيفية الاستجابات الرسمية لتراكم الديون وأسعار النفط والأزمة الإنسانية الأكبر فى تاريخ الكوكب الحديث، هذا الكم المذهل منجم ذهب معلوماتى لا يقدر بمال. لم يعد المال بصوره التقليدية هو الأقيم والأهم. إنها المعلومات الضخمة. وضخامتها لا تكمن فيما تحتويه من معلومات عسكرية خاصة بالعتاد والسلاح والذخائر، بل تكمن فى تعرية التركيبات الديموغرافية لأغلب دول الكوكب وتركيبة السكان من حيث الصحة ونسب الأمراض وطبيعتها ونسب الأعمار والجنس ومستويات الدخل وتفاوت درجات التضرر وطبيعة السكن وتفاصيله الدقيقة والعريضة، ناهيك عن كشف حقيقة الهياكل الاقتصادية الفعلية، وقدراتها على الصمود بناء على معطيات ذات تفاصيل كثيرة باتت معروفة بفضل الفيروس. الفيروس مكّن سكان الكوكب من معرفة أى الدول تواجه أزمة فى مخزون البصل، وأيها يعانى لتوفير ورق التواليت أو الأرز أو البقول للسكان المحظورين. كما سلط الفيروس الضوء على أى الدول لديها تركيبات سكانية شبابية قادرة وراغبة فى العمل الاجتماعى وتقديم يد العون للأكثر احيتاجاً أو ضعفاً، وأيها يميل إلى التقاعس أو لا يملك الرغبة.

وكشف الفيروس عن تغلغل أيديولوجيات مريضة وأخرى صحيحة لدى شعوب الأرض، فمن موسيقى للترفيه عن البشر هنا إلى تكفير وتحريم لها واكتفاء بالإغراق فى جوانب البلاء وشؤون الاكتئاب. وكان للفيروس الفضل فى كشف المستور عن عادات وتقاليد عدة وثقها علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا على مر عقود طويلة باعتبارها أشبه بالمقدسات لدى الشعوب، لكن مع وضع هذه العادات شبه المقدسة أمام مخاوف الوباء وخطر الإصابة تقهقرت العادات الراسخة وتراجعت التقاليد البازغة، فمنهم من رفض دفن جثامين الموتى رغم قدسية الدفن فى ثقافته، ومنهم من حرقها رغم كراهة ذلك فى معتقده، والأمثلة كثيرة جداً. ويضاف إلى كل ما سبق استخداماتنا المكثقة للأجهزة الرقمية المتصلة بالإنترنت وتسابق البلايين من البشر حول العالم للكتابة والمشاركة والتساؤل حول الفيروس وتعامل حكومته معه بين مؤيد ومعارض ومفتٍ ومنتقد وما ينجم عن ذلك من كم مذهل من «البيانات الضخمة» عن مواقف شعوب الأرض من حكوماتها، وتعاملها مع رؤسائها وملوكها فى زمن كورونا. زمن كورونا فتح باب «البيانات الضخمة» على مصراعيه. وأولوية الاستفادة وآثارها وما الذى سينجم عن تحليلها وتفنيدها ليس معروفاً بعد لدى العامة، لكنه بكل تأكيد معروف لدى الخاصة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيانات كورونا الضخمة بيانات كورونا الضخمة



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 22:46 2016 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

وزارة الشباب والرياضة المغربية تلغي قرار ترقية السكتيوي

GMT 02:01 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

" ألوان الصيف" معرض تشكيلي بفنون الأحساء

GMT 05:16 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

5 سيارات أسعارها تتجاوز الطائرات

GMT 04:38 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

الرئيس الأميركي يطالب بتعزيز الأمن الحدودي في قانون الهجرة

GMT 05:16 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

الصين تستعمل الهواتف الذكية لمعرفة هوية الأشخاص

GMT 12:09 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعيين مصطفى كشاف حكمًا لمباراة طنجة والدفاع الجديدي

GMT 21:40 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تأهل براعم حسنية أغادير للدور الثالث من كأس عصبة سوس

GMT 21:20 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

طارق الخالدي يستعد لتصوير مسلسله الجديد "وصال"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya