غيبوبة نصف قرن

غيبوبة نصف قرن

المغرب اليوم -

غيبوبة نصف قرن

بقلم : أمينة خيري

سقطت الملايين فى فخ الحلوى المكشوفة (الفتيات والنساء) والذباب الذى يلتصق بها (الشباب والرجال) فى حال تركها دون سلوفان. مئات التشبيهات المحقرة من ابن وبنت آدم وتحويل كليهما إلى حلويات وحشرات ومعيز وسيارات وموتوسيكلات، وجدت هوى فى قلوب كثيرين على مدار سنوات الغبرة التى بدأت فى أواخر السبعينات وقت اندلاع الهبة «الدينية». هذه الهبة يقولون عنها ظلمًا وجورًا وكذبًا وعدوانًا إنها نسخة منقحة من الدين، والدين منها برىء. والبراءة أبعد صفة عما يحدث فى كواليس من ساهموا فى إرباك مصر ثقافيًا واجتماعيًا. هؤلاء هم من بشروا بـ«الهبة» الجديدة وقدموها للمصريين باعتبارها الدين الحق. و«هؤلاء» قد يكونون أفرادًا أو مؤسسات أو كيانات لم تجد فينا الكثير من المقاومة. ليس هذا فقط، بل وجدت لدينا أذرعًا مفتوحة وعقولًا مسلوبة للدرجة التى جعلت الملايين من المصريين يسلمون أنفسهم وعقولهم دون توقف لمراجعة هنا أو تدبر هناك. لقد لعب «هؤلاء» على وتر الذنب الحساس، وأوجدوا المخرج السهل والمريح للملايين: إنه التدين المظهرى حيث القشرة غارقة فى الالتزام والمحتوى مسلوب الإرادة. وعلى مدار نصف قرن، أصبح المصرى يحتاج إلى «مانيوال» لدخول الحمام وركوب الأسانسير وإلقاء السلام والنزول من البيت والتعامل مع البنك والالتحاق بالمدرسة والخضوع للجراحة وركوب الطائرة. حتى علاج الأمراض أصبح يحتاج من يفتى فى شرعيته. وامتد «المانيوال» لينال من هيبة القانون ويعصف بدولة القانون عصفًا ظاهره تدين وباطنه عشوائية وبسط هيمنة الدولة الدينية على حساب الدولة المدنية.

والحقيقة أن قليلين جدًا هم من سلموا من هذه «الهبة» التى طالت الغالبية المطلقة بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة. واختلاف ردود الفعل فيما يختص بالحياة الشخصية للبعض من «الدعاة الجدد» الذين هبوا علينا ببدل أوروبية وكلمات أجنبية محشورة فى لقاءات وندوات وجمعيات يلتقى فيها «المتحابون فى الله» إنما يعكس ملامح صحوة قد تساعد فى إيقاظ الجسد الغارق فى غيبوبة منذ سنوات طويلة. «هؤلاء» الدعاة خلطوا «الهبة» الدينية بما يسمى «التنمية البشرية» وقدموها للملايين فى النوادى والمدارس والجامعات، بل على شاشات التليفزيون نهارًا جهارًا. ومنهم من قدم للمصريين كبسولة التدين الجديد بدغدغة مواطن ما يسمى «التدين الفطرى» لدى الشخصية المصرية لا سيما الريفية، وحولها إلى صلصال طيع فى يد المتحدث المفوه. ومنهم من لعب على أوتار «التدين الوسطى الجميل». البنت الجميلة قطعة حلوى، لو تركت مكشوفة دون ورقة التهمها الذباب والصراصير. أو هى سيارة يجب إحكام إغلاقها حتى لا يسرقها اللصوص، وغيرها الكثير من تشبيهات تحقير المرأة وتسفيه الرجل. واليوم يشهد المصريون الذين سلموا عقولهم لـ«هؤلاء» قيام «هؤلاء» بضرب عرض الحائط بالهراء الذى ملأوا به مصر. فهذا يتزوج حلوى مكشوفة، وذاك يتقرب من سيارة مفتوحة، والمكاشفة مستمرة. إنها حلقة جديدة من المواجهة بين الدعاة والرعية مع بشائر إفاقة من غيبوبة نصف قرن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غيبوبة نصف قرن غيبوبة نصف قرن



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

أوبستفيلد يُؤكّد أنّ 3.7% النمو الاقتصادي في 2018

GMT 15:28 2017 الثلاثاء ,04 تموز / يوليو

تعرف على سعر اليورو مقابل الدرهم المغربي

GMT 21:20 2019 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

"إسطنبول الظالمة" يتصدر نسب المشاهدة

GMT 19:01 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

كوفاتش يعلن غياب ثلاثي "بايرن ميونخ" أمام "شتوتجارت"

GMT 08:32 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

وفاة الفنان سعيد عبد الغني عن عمر يُناهز الـ 80 عامًا

GMT 13:23 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

لويس إنريكي يؤكد أن جودة إيسكو لا خلاف عليها

GMT 00:14 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنان المغربي أحمد الروداني

GMT 05:46 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة محمود أبو الوفا الصعيدي بعد عودته من أداء مناسك العمرة

GMT 02:40 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مميزة لديكورات تناسب غرف نوم الأولاد

GMT 21:18 2018 الأحد ,26 آب / أغسطس

بوحدوز يصل إلى السعودية من أجل الباطن

GMT 04:52 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

لعبة حاسوبية لتدريب المخ ومحاربة الخرف

GMT 23:14 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

طريقة سهلة وسريعة لتقديم طبق البخاري بالدجاج

GMT 09:19 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

ابرز اهتمامات الصحف الاردنية الاحد
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya